أعيش في الغربة وأريد نصيحتكم في كيفية التقرب إلى الله وتربية ابني

0 39

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا امرأة متزوجة في الغربة، وعندي طفل عمره سنة ونصف، وسعيدة مع زوجي -والحمد لله-، ولكن لدي وقت طويل وفارغ، ولا يوجد لدي أقارب أو أصدقاء، وطفلي أخاف عليه أن يتأخر بالنطق، وهو متعلق بي كثيرا، أقوم بأعمال المنزل، وأصلي وأقرأ القرآن -الحمد لله-، ولكن أحس بالتقصير تجاه رب العالمين، أود نصيحة منكم، فماذا أفعل لأتقرب من الله وأشغل نفسي بشيء؟ وبالنسبة لطفلي ماذا أفعل له؟ فعندما يرى الأشخاص يبكي، أخاف عليه من التوحد، أريد النصيحة، وجزاكم الله كل خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Serin حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك أختي الغالية ضمن عائلتك ونشكر ثقتك بنا.

إن المعيشة في الغربة بعيدا عن الأهل وأية دائرة دعم للأم تحديدا هي إحدى أصعب التحديات التي تواجه أغلبنا هذه الأيام، أدعو الله أن يعيننا جميعا على حسن تربية أبنائنا فيما يحب الله ويرضاه، وأدعو لك أن يحفظ طفلكما ويجعله الله قرة عين لكما.

أسئلتك هي:
أولا: ماذا تفعلين لتتقربي من الله تعالى.
ثانيا: ماذا تفعلين لتشغلي نفسك بشيء مفيد.
ثالثا: ماذا تفعلين لطفلك، فهو عندما يرى أشخاصا يبكي، حيث تخافين عليه من التوحد.

فيما يخص سؤالك الأول: أشعر بك تماما، فمهام الأم سواء المنزلية أو التربوية تجعلها تنشغل في كامل وقتها دون أي استراحة، وهذا يشعرنا بأننا مقصرون في باقي مجالات الحياة وأهمها الدينية، لذا أقترح عليك عزيزتي وقبل أي شيء، أن تحتسبي بداية كل يوم جهدك وطاقتك (التي تبذل في بيتك والاهتمام بطفلك وتربيته)؛ لأن تكون خالصة لوجه الله، ففي هذا الاحتساب الثواب الكبير بإذن الله.

فترة الشحن الخاصة بنا نحن الأمهات غالبا ما تكون بالليل وتحديدا بعد أن ينام أطفالنا، قسميها لساعات، وكل ساعة خصصيها لتطوير وإشباع إحدى الجوانب التي تهتمين بها ومنها الديني، بإمكانك أن تختاري أحد المختصين في الدين الذين ترتاحين لأسلوبهم وتثقين بمعلوماتهم، فتشاهدين فيديوهات لهم في اليوتيوب، أو محاضرات تربوية لهم، أو البحث في الإنترنت عن أفضل الكتب الدينية التي نالت تقييما عاليا، وثم البدء بقراءتها، فزيادة المعرفة الدينية برأيي الشخصي هي من أهم الأمور التي نحتاجها في غربتنا، وذلك لسببين:

- لإعطاء نوعية في التربية الدينية لأطفالنا، ويكون أساسهم قويا ناتجا عن قناعة وحب.
- لتكوني نموذجا فعالا في الحياة وإيجابيا عن المسلمة أمام الغرب (وخاصة أنك تعيشين في ألمانيا)، ولتحمي نفسك من التأثر السلبي من الانفتاح.

فيما يخص سؤالك الثاني: لا أعلم ما هي المهارات التي تجيدينها أو الأنشطة التي تميلين إليها وتستمتعين بها، ولكن سأقترح عليك جروب فيسبوك باسم "شو أنجزت؟ " أراه شخصيا مميزا وهادفا جدا في محتواه، وستجدين السيدات والفتيات كيف تحاول كل واحدة منهن استثمار وقتها بما هو نافع ومفيد ويرضي الله، أنا واثقة حين متابعتك له ستشبعين حماسك بالعديد من الأفكار التي تناسبك وتتوقين إليها.

وأقترح عليك أيضا مشاهدة قنوات يوتيوب هادفة للأساتذة الأفاضل المختصين في المجال النفسي والتربوي أو قراءة كتبهم الرائعة، مثل (د.مأمون المبيض /د. جاسم المطوع/ د. مصطفى أبو سعد)، وخلال متابعتك لهم ستجدين نفسك تتزودين بالمعرفة التربوية الغنية التي ستعينك على تربية طفلك تربية مميزة وإيجابية.

فيما يخص سؤالك الثالث: نقطة بكاء طفلك عند رؤيته لأشخاص غرباء عنه، أحب أن أطمئنك هنا أنها طبيعية جدا، بل هي صحية في التطور النفسي للطفل، وستتلاشى تدريجيا من عام ونصف إلى عامين.

سأقترح عليك بعض التصرفات نحو طفلك، ستساعد في تعاملك الصحيح للمواقف المشابهة بإذن الله.

- جهزي طفلك نفسيا قبل لقائه بالناس، أي تحدثي معه قبل أي مشوار وأثناءه أيضا، وأخبريه بمن ستلتقون، مع تفاصيل المشوار، وكوني واثقة أنه سيفهمك تماما وسيكون أكثر راحة وتكيفا بعد ذلك، لا تتركيه بمفرده مع تساؤلاته الداخلية والغموض الذي بداخله، وخاصة عندما يجد نفسه فجأة في مكان جديد، مع أناس جدد، دون أية تهيئة مسبقة أو شرح له.

- عند لقائه بأناس جدد حاولي طمأنته بشكل دوري "أنا معك لا تقلق"، فهو متعلق بك بحكم مرحلته العمرية ويحتاج ليشعر بالأمان بأنك لن تفارقيه فجأة في هذا الموقف الجديد عليه.

- أثناء لقائه بأناس جدد لا تغصبي طفلك أن يلاعبه أحد دون رغبته، بل اعطيه الوقت الكافي ليشعر بالراحة والطمأنينة ويبادر هو بالوقت والطريقة التي يريد.

- بإمكانك أخذ لعبته معك أو غرضه المفضل الذي يحبه ويرتاح له، فذلك سيساعده على إزالة القلق والخوف لديه ويشعره بالأمان.

- كثفي من فرص ومواقف لقاءاته مع أناس جدد، سواء على أرض الواقع أو عبر اتصالاتك الفيديو عبر النت مع عائلتك، فهذا سينفعه، حيث إن رؤيته للناس من خلال مكالمة فيديو مع بعض التفاعل من الطرف الآخر سيزيل لديه الخوف تدريجيا مع الوقت.

- أما فيما يتعلق بتخوفك من التوحد، فاطمئني تماما، هو مرض جيني يولد مع الإنسان، أي ضعف الجرعات الاجتماعية للطفل، كما حالتك وحالة طفلك لن تؤدي إلى التوحد على الإطلاق.

- فيما يخص تخوفك عليه من تأخر النطق لديه، حاولي ألا تجلسيه على التلفاز والموبايل، فذلك يجعله مستقبلا سلبيا دون أية معالجة صحيحة لما يتلقاه من مؤثرات بصرية وسمعية، وبدلا عن ذلك اجعلي وقته تفاعليا قدر الإمكان، أي تحدثي معه في أي موضوع تفكرين به، أو أي نشاط منزلي تقومين به، وكأنه صديقتك المقربة التي تشاركك السكن 24/24! وأنا واثقة أن طفلك سيفاجئكم بكم الرصيد اللغوي لديه الذي أخذه منك، ولكنه سيخرجه في الوقت الذي يكون هو جاهزا فيه.

ختاما: أتمنى أن أكون قد أفدتك بإجاباتي لأسئلتك، ويسرني تواصلك معنا مجددا في أي وقت تريدين.

برعاية الله.

مواد ذات صلة

الاستشارات