السؤال
السلام عليكم.
عمري 26 سنة، غير متزوج، دائما أعاني من القلق منذ سنوات، لكن في الأيام الأخيرة اشتد القلق كثيرا، وأصبح عندي ضعف شهية شديد، وتوتر مصاحب لتسارع ضربات القلب، ودائما عندما أجد طعاما أشعر بالغثيان، وأنني سأستفرغ وأستفرغ بدون شيء.
جدير بالذكر أنني في الفترة الأخيرة عندما علمت أن أحد والدي كاد أن يصاب بمرض خطير، وهو السرطان، ولكن نتيجة التحاليل أظهرت أنه ليس سرطانا، وبدأت من هنا حالة القلق الشديدة، والتوتر وضعف الشهية، بل قد وصلت لانعدام الشهية أحيانا، ولا تتحسن حالتي وأقدم على الطعام إلا عندما أشعر بالاطمئنان بأن الوالدين بخير، وأسمع أخبارا مطمئنة.
دائما ما يأتيني القلق على فترات حين أسمع أن أحدا في بيتنا يتكلم في أي شيء يخص التحاليل أو الإشاعات التي تخص والدتي، وأتهرب من سماع الكلام بسد أذني أحيانا، وعندما أسمع شيئا يقلقني يحدث لدي اضطرابا شديدا، وتسارع دقات القلب ورعشة، وأفقد الرغبة في الأكل.
علما بأن لدى حب شديد لوالدي أبي وأمي، ولا أستطيع أن أتخيل حياتي بدونهما أو بدون أحدهما، كذلك أحيانا يراودني شعور بالذنب بأنني مقصر في حقوقهما وفي حق نفسي.
الآن لا أستطيع النوم، وعندي أرق يتراوح ما بين الخفيف إلى المزمن على حسب تجدد حالة القلق ومدى قوتها.
أنا دائما منذ صغري شخصية قلقة، منعزل إلى حد ما، لدى رهاب اجتماعي، أقلق من العمل في أي وظيفة بحيث أنني أشعر بأنني لست كفئا أو ما شابه أو أنني في موضع النظر.
ما أطلبه منكم أيها السادة الكرام علاجا لهذه المشكلة؛ لأنني تعبت ولا أجد مخرجا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية.
الذي يظهر لي أنه لديك نوع من القلق النفسي العام، والقلق هو طاقة نفسية مطلوبة؛ لأنه يحسن الدافعية عند الإنسان، القلق هو الذي بإذن الله يقودنا دائما إلى النجاح، وإلى أن نكون فعالين، لكن حين يزيد القلق أو يحتقن أو نوجهه في مسارات خاطئة – خاصة إذا كان الإنسان حساسا في شخصيته – يتحول القلق بالفعل إلى شيء مزعج جدا.
أيها الفاضل الكريم: أنت لديك تفاعلات وجدانية مع الأحداث الحياتية، وهذا أمر ليس مرفوضا، لكن هذه التفاعلات يجب أن تكون في حدود ما هو معقول، بدلا من أن تقلق على والدك هذا القلق المطبق ادع له بالصحة والعافية، وكن سندا له، ولا تظهر أمامه أبدا أنك في حالة من القلق والتوتر الغير مجدي والذي يفقدك الفعالية لتقوم بواجباتك حياله وحيال أسرتك بصفة عامة.
أنت محتاج لأن تمارس الرياضة بكثافة واستمرارية، فالرياضة تساعد في التخلص من شحنات القلق السلبية، وتضع القلق في مساراته الإيجابية والإنتاجية والفعالية.
أيضا تمارين الاسترخاء مهمة جدا، فأرجو أن تمارسها بجدية وإتقان، توجد برامج كثيرة على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة هذه التمارين.
وأيضا يجب أن تحفز نفسك، بأن تشغل نفسك فيما هو مفيد: التواصل الاجتماعي، الصلاة مع الجماعة في وقتها، تكلمنا عن الرياضة، أن تكون لك آمال وطموحات، أن تكون حريصا في أن تتخلص من الفراغ الزمني والذهني، لأن حسن إدارة الوقت مهمة جدا، أن تبحث عن عمل، فالعمل مهم للإنسان، يؤهله نفسيا واجتماعيا واقتصاديا.
هذا هو المطلوب منك، ولا أعتقد أن لديك رهابا اجتماعيا حقيقيا، لديك بعض التردد في المواقف الاجتماعية، وهذا ناتج من القلق، صل مع الجماعة في المسجد، ومارس رياضة جماعية مع أصدقائك، مثل كرة القدم، ولا تتخلف عن أي واجب اجتماعي، هذا هو العلاج الرئيسي لهذا النوع من الرهاب الاجتماعي.
أنصحك بأدوية بسيطة مضادة للقلق، عقار (دوجماتيل)، والذي يسمى علميا (سولبرايد) أريدك أن تتناوله بجرعة خمسين مليجراما صباحا ومساء لمدة شهرين، ثم خمسين مليجراما صباحا لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناوله.
يضاف إلى الدوجماتيل أحد الأدوية القديمة لكنه مفيد ويحسن النوم جدا، الدواء يعرف باسم (إميتربتالين)، أريدك أن تتناوله بجرعة خمسة وعشرين مليجراما يوميا لمدة شهرين، ثم عشرة مليجرام يوميا ليلا طبعا لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناوله.
الإميتربتالين هو في الأصل مضاد للاكتئاب، لكنه يحسن النوم، ويزيل القلق، وبجرعة خمسة وعشرين مليجراما نحن نعتبرها جرعة صغيرة جدا، وهو غير إدماني، فقط ربما يسبب لك أعراضا جانبية بسيطة جدا مثل الشعور بالجفاف في الفم في الأيام الأولى من تناوله، وربما تحس بشيء من الثقل في عينيك في الصباح، ولذا لا تتناوله في وقت متأخر من الليل.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.