السؤال
السلام عليكم.
لدي وسواس قهري خاص بالنوم، يأتيني لحظة دخولي للفراش، فتبدأ الأفكار بعدم التوقف محاولا مني إيقافها، ويبدأ جسمي بالتوتر والتعرق والبول بستمرار، ويزيد قلبي في النبضات، وأشعر بالخوف، وتمر الساعات وأنا أتقلب في الفراش، ويزداد توتري حين أطالع الساعة وهي تمر.
لم أجد حلا لهذا الوسواس القهري! بدأت معي هذه الحالة منذ أن التحقت بالكلية العسكرية، فطبيعة حالي قلقة جدا، وكانوا محددين لنا وقت للنوم، تقريبا 3 ساعات ونصف.
فجاء في ذلك اليوم دخلت في النوم وبما أن صاحبي أزعجني وجعل نومي مضطربا، وكنت بعدها أتغصب بالنوم وأرى الوقت يمر ويزداد توتري وقلقي حيال ذلك، حتى لدرجة من شدة رغبتي للنوم أصبحت لا أنام من كثرة تفكيري بالنوم!
والآن أنا أعاني من هذه المشكلة 11 سنة، وأفكر بالانتحار مرارا وتكرارا؛ لأنه أصابني الاكتئاب ولم أجد من يفهمني، وقد أثر ذلك الموضوع بحياتي تماما، أصبحت لا أنام، وإن نمت 3 ساعات أو ساعتين يوميا ففط.
أثر ذلك على حياتي وجسدي ونشاطي، وسبب لي الرعب، وأصبحت منعزلا، ودائما أفكر في الانتحار، وأثر على حياتي الزوجية مع زوجتي وأهلي وإخواني.
يا إخوان أنا أرسل لكم وأنا إلى الآن أعاني منها ولم أنم نوما كافيا، وجسدي متعب تماما!
ذهبت لعيادات نفسية كثيرة، وصرفوا لي أدوية مضاد اكتئاب، وحبوب للنوم، ولكن التفكير أصبح وسواسا قهريا يلحقني في كل فراش أذهب إليه!
والآن أنا مثل الجسد الميت لا أستطيع إكمال حياتي كشخص طبيعي، فقط أفكر بلانتحار أو بالطلاق أو بالخروج من وظيفتي!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يزيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية.
أنت ليس لديك وسواس قهري بمعنى القهرية المعروفة في الوسواس والاستحواذ والإلحاح الذي يميز هذه العلة النفسية الرئيسية.
الذي بك هو قلق نفسي، توتري، مصحوب ببعض الأعراض الاكتئابية، وهذا جعلك تعيش فيما نسميه بالقلق التوقعي أو الاستباقي حول النوم، أيها الفاضل الكريم: إذا تم معالجة القلق والتوتر سوف تعالج هذه المشكلة تماما.
الذي استغربت له كلامك عن الانتحار، شيء غريب حقيقة، مع تعاطفي الشديد معك، لكن ما الذي يدعوك للانتحار؟ هذه أشياء بسيطة في الحياة، وهذه تعالج، والمسلم نفسه غالية، ونفسه مكرمة، ونفسه عزيزة، {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما}.
فالمبالغة في التفكير والانجراف بهذه الطريقة أمر خطأ، الله تعالى حبانا بالعقل والإدراك والمنطق لنواجه صعوبات الحياة بمنطق متيسر، بحلول، وألا نفكر في مآلات مظلمة وقبيحة كالكلام عن الانتحار. ثم تكلمت عن الطلاق، ثم تكلمت عن الخروج من الوظيفة، ... لماذا – يا أخي – حاصرت نفسك في هذا الفكر التحطيمي، الفكر السيئ، الفكر الذي يجدي؟! .. أنا أقول لك أن الحياة طيبة، والعلاج موجود إن شاء الله تعالى، وإن شاء الله تعالى سوف تعالج.
أولا أخي الكريم: يجب أن تصحح مفاهيمك، وهي: أن النوم حاجة بيولوجية فسيولوجية غريزية، بمعنى أن الإنسان لابد أن ينام وسوف ينام. نعم الحالة النفسية للإنسان تؤثر على دخوله في النوم، لكن النوم ذاته ليس تحت الإرادة البشرية، هذا يجب أن تدركه، لأن تصحيح المفاهيم يساعد على تصحيح كل شيء.
الأمر الثاني هو: أن تطور من صحتك النفسية، وتطور الصحة النفسية يتطلب تطور الحياة، أولا: لا تنام أبدا في أثناء النهار، ثانيا: تمارس تمارين رياضية مكثفة أيضا في أثناء النهار، وليس ليلا. ثالثا: تطبق تمارين استرخاء، تمارين التنفس التدرجي مهمة جدا، وتوجد برامج كثيرة على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة هذه التمارين.
الأمر الآخر هو: أن تتواصل اجتماعيا، أن تحسن إدارة وقتك، أن تقوم بالواجبات الاجتماعية، أن ترفه عن نفسك بما هو طيب وجميل، أن تحرص على صلاتك في وقتها، وأن تحرص على الدعاء وذكر الله على الدوام، وتلاوة القرآن، وأن تسأل الله تعالى أن يرفع عنك كل الذي تعاني منه.
أما بالنسبة للعلاج الدوائي: فيا أخي الكريم؛ كما نقول هناك أدوية تنوم الجمال، هذه معروفة في الطب النفسي، لكن أنا أعتقد أن حاجتك ليست في المنومات، حاجتك في دواء يساعدك في إزالة القلق والتوتر، وأنا أرى أن عقار (سبرالكس)، تتناوله نهارا، مع جرعة صغيرة من عقار (ريميرون) وعقار (سوركويل) ليلا.
السبرالكس تبدأ بخمسة مليجرام صباحا لمدة عشرة أيام، ثم تجعلها عشرة مليجرام يوميا لمدة شهرين، ثم عشرين مليجراما يوميا لمدة شهرين، ثم عشرة مليجرام يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة مليجرام يوميا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقف عنه.
أما الريميرون فتناوله بجرعة خمسة عشر مليجراما ليلا لمدة شهرين، ثم تتوقف عنه.
وأما السوركويل فتناوله بجرعة خمسة وعشرين مليجراما لمدة ستة أشهر، ثم حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناوله.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.