السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة بعمر 22 سنة، متخرجة حديثا، وبدأت أتدرب كمحامية، مشكلتي هي كثرة الأفكار والوساوس الناتجة عن الخوف من الموت والمستقبل، جميع أفكاري تقريبا سوداء، والتي تتعلق بالمستقبل والحياة، لم أعد أشعر بمعنى للحياة، وأشعر أن وجودي بلا قيمة، بدأت أتخيل حياتي إن فقدت أحد أفراد أسرتي، أو حياتهم بدوني، أو أتخيل وكأنني غير موجودة أصلا، حتى الأشياء التي كنت أستمتع بها سابقا، لم أعد أشعر بالسعادة عند القيام بها، أشعر أنه لا فائدة من وجودي.
بدأت حالتي قبل شهرين؛ حيث لم أكن أستطيع الأكل، ولم أكن أنام أكثر من ساعتين في اليوم، وكان شعوري بالذنب شديدا جدا، ثم تحدثت في الموضوع مع أهلي، وخصوصا أختي التوأم، وتحسنت حالتي مقارنة ببدايتها، أصبحت آكل، وأحيانا تقل الأفكار، ولكنها لا تزال تراودني، ونومي لا يزال متقطعا، وعندما أستيقظ في الصباح أشعر بضيق نفسي ومزاج سيئ، أكره سماع أخبار الحوادث والموت وكل ما يثير المشاعر السلبية.
بدأت بالمشي في الصباح لنحو نصف ساعة، وأمارس تمارين الاسترخاء، وقد لاحظت تحسنا نسبيا، تختفي الأفكار لفترات، لكنها تعود بعد ذلك، مع أنني لا أعاني من أي مشكلة في حياتي -والحمد لله- وكل شيء جيد، وأهلي حنونون ومتفهمون، إلا أنني أشعر بالخوف والضيق.
شخصيتي حساسة، ومنطوية نوعا ما، وأشعر أنني كل يوم أفضل من اليوم الذي قبله، لكنني في ذات الوقت أشعر بخمول وصداع وإحباط، وكأن كل الأيام متشابهة، خاصة في فترة الصباح، كما أن نومي لا يزال متقطعا، وأستيقظ أكثر من مرة خلال الليل، وأستخدم حاليا فيتامين "سنتروم"، وأحافظ على صلاتي، وإيماني -والحمد لله- جيد، وأهلي يرفضون فكرة زيارة طبيب نفسي، أو تناول الأدوية.
أنا لا أعرف بالضبط ما هي حالتي: هل هي وساوس أم اكتئاب؟ أريد حلا يجعلني أتخلص من هذه الأفكار، وأعود كما كنت سابقا، أفكر بإيجابية؛ لأنني لا أريد أن أستمر بهذه الحالة، من أجلي ومن أجل أهلي الذين يتألمون حين يرونني بهذا الشكل.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Selena حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في إسلام ويب.
قلق الوساوس أمر شائع جدا، وكثيرا ما يندرج معه الخوف، خاصة الخوف من الموت؛ فتشخيص حالتك أنك تعانين من قلق المخاوف الوسواسي، وغالبا هو من الدرجة البسيطة، وهذه الحالات تزداد وتنقص، وغالبا في نهاية الأمر -إن شاء الله تعالى- ستنتهي تماما، إذا الحالة حالة يسيرة.
بالنسبة لأي فكر وسواسي، أو الفكر المتعلق بالموت يجب أن يحقر، يجب ألا تهتمي به، أن تصرفي انتباهك عنه، ونحن دائما نقول: الخوف من الموت يجب أن يكون خوفا معقولا، وليس خوفا مرضيا، الخوف المحمود، وهو يتطلب أن يعيش الإنسان الحياة بقوة وبإيجابية وبسعادة، وبإنتاجية، ويعبد الله على حق، ويعمل لما بعد الموت، يعمل لدنياه كأنه يعيش أبدا، ويعمل لآخرته كأنه يموت غدا. هذا هو الخوف الشرعي المطلوب، والحمد لله تعالى أنت على جادة الطريق، تحافظين على صلاتك، وقوية الإيمان، فليس هنالك حقيقة ما يدعوك لأن تخافي من الموت خوفا مرضيا.
احرصي على الأذكار، اسألي الله تعالى أن يطيل في عمرك في عمل الصالحات، وعيشي حياة صحية؛ لأن الحياة الصحية أيضا تشعر الإنسان بأنه بخير. الحياة الصحية تتطلب: التوازن الغذائي الصحيح، النوم الليلي المبكر، وتجنب السهر، وتجنب النوم بالنهار، تجنب تناول الطعام في وقت متأخر من الليل، وممارسة الرياضة، إدارة الوقت بصورة صحيحة، الحرص والالتزام التام بالعبادات، التواصل الاجتماعي المفيد، بر الوالدين، التطور المهني، وهكذا تكون الحياة مندرجة بصورة سلسة وجميلة وطيبة، حين يدير الإنسان وقته بصورة صحيحة، وتكون له أهداف وطموحات إيجابية، مع تحقير الفكر السلبي، هذا مهم جدا.
أنت ذكرت أن شخصيتك حساسة وانطوائية. حساسية الشخصية نعالجها من خلال أن نعامل الناس كما نحب أن يعاملونا، وأن نعبر عن ذواتنا، وأن نتجنب الكتمان، والانطوائية طبعا نعالجها من خلال التواصل الاجتماعي، وأهم نوع من التواصل الاجتماعي هو القيام بالواجبات الاجتماعية: زيارة الأرحام، زيارة المرضى، تلبية الدعوات، خاصة دعوات الأفراح مثلا، وهكذا، والانضمام لأي جمعية خيرية أو جمعية ثقافية، الانضمام لمراكز تحفيظ القرآن، هذه قطعا تعالج الانطوائية بصورة جيدة ومفيدة جدا.
هذه هي نصائحي لك حقيقة، وطبعا العلاج الدوائي كان سيساعدك أيضا، لكن ذكرت أن أسرتك لا تفضل ذلك، عموما أنا سأذكر لك اسم دواء جيد، الدواء هو الـ (سبرالكس) والذي يسمى علميا (استالوبرام)، دواء سليم، غير إدماني، غير تعودي، يعالج الخوف والقلق والتوترات والوسوسة، والجرعة المطلوبة في حالتك جرعة صغيرة جدا، تبدئي بنصف حبة يوميا لمدة عشرة أيام، الحبة تحتوي على عشرة مليجرام، تناولي نصفها، وبعد انقضاء العشرة أيام على جرعة الخمسة مليجرام، ارفعي الجرعة إلى عشرة مليجرام يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضيها إلى خمسة مليجرام يوميا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الدواء.
توجد أدوية كثيرة مشابهة، لكن السبرالكس هو الأفضل والأسلم، وغيرى إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.