كيف يمكنني تجاهل الأفكار الوسواسية التي أعاني منها؟

0 35

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة عمري ١٦ سنة، في السنة الفائتة -تحديدا في رمضان- بدأت عندي وساوس في الصلاة، حتى أنني تعبت نفسيا جدا فكنت أبكي كثيرا، وتغيرت شخصيتي تماما وحياتي تغيرت بسبب الوساوس، بعد وسواس الصلاة أتاني وسواس الوضوء، أصبحت أمكث في الحمام -أكرمكم الله- طويلا جدا فقط لأجل الوضوء، قبل عدة أشهر أتاني أيضا وسواس الطهارة، أصبحت أرى الصلاة هما علي، وأمكث في الحمام لمدة قد تتعدى الساعة أحيانا.

أعلم أن الشيطان يحاول أن ينغص علي حياتي، ومهما حاولت أن أتجاهل ذلك لا ينفع، تأنيب الضمير الذي يأتيني حينما أتجاهل الوساوس لا يحتمل.

نجحت بعض الأحيان بالتجاهل، وكنت أتحسن قليلا ويذهب عني الوسواس، ثم بعد فترة يعود لي أقوى من قبل، عانيت خلال ٢٠١٩-٢٠٢٠ من وساوس كثيرة: وسواس الصلاة، وسواس الوضوء، وسواس الموت والفقد (لا أعد الفترة التي عانيت فيها من هذا الوسواس من عمري، فقد كانت صعبة جدا علي)، وسواس الطهارة، وسواس النية.

حاليا عندي وسواس الطهارة والوضوء والصلاة والنية، وأقواهم هو النية، حيث أنني أعيد الوضوء كثيرا بحجة أنني لا أتذكر أنني نويت أن أتوضأ قبل أن أفعل، وأقطع الصلاة لأنني أشك أنني لم أنو الصلاة أصلا، مع أنني أعلم أنني نويت، ولكن كذلك هو الوسواس ينغص الحياة على كل من يعانون منه، ساعدوني لتجاهل ذلك الوسواس، فشعور تأنيب الضمير يمنعني أن أتجاهل الوساوس.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Dan Awad حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختي الكريمة-، ونسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يصرف عنك كيد الشيطان وشركه، والجواب على ما ذكرت:

- من المعلوم أن الوسواس من أقل مكائد الشيطان على نفس المسلم، والوسواس هو في الحقيقة شكوك وأوهام لا حقيقة لها في الواقع وتذهب مع عزم القلب على الخلاص منه.

- ومن طرق الخلاص من الوسواس ما يكمن في الآتي:

كلما ذكرت من صور ظهرت في نفسك:

* الخواطر التي تأتي للنفس ولا حقيقة لها، فهي تعد من الوسواس، وهي أصلا تأتي خاطرة، ولا يحاسب عليها الإنسان، ولا داعي لتأنيب الضمير، فإنك إذا استجبت إلى الوسواس فإنه قد يوقعك في أخطاء جسيمة ضارة في دينك، مرة في الوضوء والصلاة، ثم ينتقل الأمر إلى العقيدة، فيجب عليك وجوبا شرعيا قطع كل ما تدعوك إليه وساوس الشيطان؛ لأنها كلها شكوك يريد الشيطان منها الإضرار بك، وحتى يصرفك عن طاعة الله.

* ومسألة النية في الصلاة هي حاصلة وموجودة في نفسك منذ أن تفكري فيها، والصراع هل وجدت أو لا مجرد وسوسة لا حقيقة لها، فالنية هي عزم القلب على فعل الطاعة، فبمجرد أنك تريدين أن تصلي وتذهبين إليها فهنا حصلت النية، ولا يوجد شيء يقطعها، بل هي باقية، وما عليك إلا أن تصلي، اعزمي على الدخول في الصلاة، ولا تتأخري ولا تفكري في أمر الوسوسة.

* كذلك الوضوء والنية له أو كم عدد غسلات الوضوء ونحو ذلك، والتأخير، وكأنك لم تنوي هذا غير صحيح، فهذا يحتاج إلى أن تتجاهلي الأمر وتبدئي بذلك، وتعرضي عن الوسواس، وسترين الفرق واضحا، فإن الوسواس يذهب عنك تدريجيا، ليس صعبا التجاهل، وإنما يحتاج منك إلى قوة إرادة وتصميم عليه وسترين الفرق واضحا، وإذا ضعفت عن تجاهل الوسواس فإنه سيقودك إلى أمور أشد، وستكونين في حالة أسوأ مما أنت عليه الآن.

فلتأخذي نفسك بالعزم والحزم، ولا تلتفتي إلى الوسواس وما يدعوك إليه، فلا تفكري فيه مطلقا.

ويلزم عليك كلما طرأ الوسواس، أن تكثري من قول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ومن قول: "آمنت بالله ورسله أو ورسوله"، وأقرئي سورة الناس فهي تعيذك من شر الوسواس.

- أكثري من ذكر الله وقراءة القرآن والاستغفار، فإنك إذا فعلت هذا فإنه لا سبيل للشيطان عليك؛ لأنه يخنس ويفر عندما تذكرين الله.

- أكثري من الدعاء، واسألي الله أن يصرف عنك شر الوسواس.

- اجتهدي في حضور مجالس العلم، فالعلم الشرعي سبب لمعرفة الوسوسة وكيفية التعامل معها.

ومما أنبه عليه أن بعض أمراض الوسواس سببه البعد عن الله، وهذا علاجه بالتوبة إلى الله وإصلاح حالنا مع الله، وبعضه سببه مرض العين أو الحسد، وهذا علاجه بقراءة الرقية الشرعية، من سورة الفاتحة وآية الكرسي والمعوذات صباحا ومساء، وبعضه سببه مشاكل وضغوط نفسية، فتحتاج المريض إلى الذهاب إلى طبيب مختص، وأن يتخلص من هذه الضغوط النفسية بالصبر والتحمل، والرضا بقضاء الله وقدره.

كان الله في عونك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة المستشار: مراد القدسي، مستشار العلاقات الأسرية والتربوية.
وتليها إجابة المستشار: محمد عبد العليم، استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

لماذا وصفت نفسك بـ (عاطلة)؟ من المفترض أن تكوني في مرحلة دراسية، فأرجو أن تواصلي تعليمك بأي صورة من الصور، وحفظ القرآن قد يكون أيضا بديلا مفيدا للتعليم النظامي إن لم يتيسر ذلك.

أجابك الدكتور مراد القدسي -حفظه الله- حول خواطرك الوسواسية ذات الطابع الديني، وأنا أقول لك: يجب أن تطمئني؛ لأن هذه الوساوس شائعة خاصة في مثل عمرك، وهذه الوساوس غالبا تكون عارضة، ولا تستمر لفترات طويلة، خاصة إذا تجاهلها الإنسان وحقرها ولم يعرها اهتماما.

والشيء الآخر الذي يجب أن تطمئني له: هذه الوساوس أصابت أفضل القرون، حتى اشتكى منها أناس من أصحاب رسول -صلى الله عليه وسلم-، فالوساوس موجودة، وعلاجها الأساسي هو أن تحقر، أن يتم تجاهلها، أن تتم مقاومتها، وأن لا يلتفت الإنسان لها.

أتفق معك تماما أن مقاومتها كثيرا ما تولد قلقا وتوترا داخليا شديدا جدا عند الإنسان، وأصلا الاستجابة للوسواس الهدف منها هو الراحة من القلق المصاحب، والوساوس الدينية أصلا تبدأ من خلال اجتهادات بعض الناس في العبادة، الإنسان يريد أن يكون مجيدا، ويريد أن يكون متدققا، فينجرف، ويدخل في هذه الوساوس.

وساوس الطهارة: أهم شيء أن تحددي كمية الماء، يجب أن تتوضئي بماء في قنينة أو في إبريق، تحددي كمية الماء، وقدوتنا هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان وضوء الرسول صلى الله عليه وسلم بماء قليل، قدره العلماء في الوقت الحاضر بلتر إلا ربع.

هذا الفعل النبوي يجب أن يكون قدوتك، ويجب أن تتذكري ذلك، ودائما خاطبي نفسك (هل أستجيب لنداءات الشيطان الوسواسية؟ أم أستجيب لما علمنا له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-)، قطعا الاستجابة تكون لما علمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

وأنا أريدك أن تؤكدي على نفسك حركات الوضوء، مثلا تقولين مع نفسك: (قد نويت الوضوء، ثم المضمضة، قولي: قد تمضمضت، استنشقت، استنثرت) وهكذا.

ويا حبذا لو صورت نفسك عن طريق كاميرا التليفون، سوف تجدين أنك توضأت بصورة ممتازة جدا، بعد أن تشاهدي الفلم الذي قمت بتسجيله، والوقت يحدد، وكذلك بالنسبة للاستنجاء والاستبراء والغسل، هذه كلها تحدد كمية الماء ويحدد الزمن، وأنا متأكد أنك سوف تنتصرين على هذا الوسواس.

والمبادئ العامة هذه يجب أن تطبق، (التجاهل، التحقير، عدم الاستجابة)، والذي يصبر على ذلك ويطبقه لمدة أسبوعين أو ثلاثة سوف ينتصر تماما على الوسواس.

البشرى الكبرى أن الأدوية أيضا تفيد جدا في حالتك، وأفضل دواء يناسب عمرك هو عقار (فافرين) والذي يسمى علميا (فلوفكسمين)، دواء سليم، غير إدماني، وفاعل جدا، لكن نسبة لسنك لا بد أن تتحدثي مع والديك حول أمر حاجتك للدواء، -وإن شاء الله- يذهبون معك إلى الطبيب النفسي أو طبيب الأسرة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات