السؤال
السلام عليكم
أنا طبيبة جلدية، ذات شكل جميل وعائلة محترمة، لدي وظيفة مرموقة، بلغت ٣١ عاما، ولم أتزوج إلى الآن .
أشعر بالسخط والغيرة من مثيلاتي اللاتي تزوجن وهن أقل مني جمالا وثقافة، ومعظمهن تزوجن عن طريق إقامة علاقة حب قبل الزواج، أنا متدينة، محافظة لم أقم علاقات مع الرجال من قبل، ومع ذلك لم أوفق بالزواج إلى الآن، وقريباتي ينعتنني بالعانس، وينظرن إلي نظرة شفقة، ويؤذينني بالكلام، فكيف الخلاص؟
أفيدوني، جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ياسمين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لا ريب في أن مشكلة تأخر الزواج ليست مشكلة خاصة، وإنما هي مشكلة الملايين من الشباب في العالم العربي والإسلامي، فنجد شبابا وفتيات في عمر الزهور، ورغم ذلك لا استطاعة ولا قدرة ولا طاقة، بل أحيانا ولا رغبة، لماذا؟ لأن الظروف صارت أكبر بكثير مما كانت عليه سابقا، فلا نجد من الأهل من يتفاهم هذا الوضع إلا قليلا جدا، ورغم ما أوصانا به رسولنا الكريم حيث قال-: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه) وقوله الله تبارك وتعالى: (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله)، ورغم معرفة الآباء بهذه الأمور إلا أنهم يضعون الشروط الصعبة أمام الخاطب.
كما تختلف أولويات كل فتاة عند اختيار الشريك من مجتمع لآخر، ومنها العوامل الاجتماعية والاقتصادية والنفسية، بالإضافة إلى التوافق الفكري، فكل فتاة ترغب في الارتباط برجل تكمل معه حياتها، ويتوافق مع تطلعاتها وتوقعاتها وأحلامها، ولكنها تنصدم مع الواقع عندما يتقدم لها الخطاب الذين لا يتوافقون مع متطلباتها وطموحاتها.
كما إن لتأخر الزواج حكمة لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى، والدنيا ابتلاءات، وما يحدث لك من تأخر الزواج ابتلاء من الله، وقد يكون لتقصير بعمل ما، أو قد يكون بذنب والله أعلم، أو لمصلحة ما، فلا تكرهوا شيئا وهو خير لكم.
ولقد قال عمر رضي الله عنه: "لو كشف الحجاب ما تمنى المسلم الا ما حصل له"، فلا تيأسي وتوكلي على الله في اتخاذ الأسباب، وتأكدي أن الرحمن وزع بين الناس نعمه، فانظري إلى ما أنعم الله عليك من نعم ومنها: شكل جميل، وعائلة محترمة، وظيفة مرموقة، واشكريه ليفرج كربك ويرزقك الزوج الصالح، والآن أنت لست كبيرة، ولا تزال الفرص أمامك، وكل ما عليك هو الأخذ بالأسباب، ومنها:
أنه ليس عيبا أو انتقاصا لك إذا تنازلت قليلا عن بعض الشروط لحساب أمور أكثر أهمية من أجل تسهيل أمر الزواج، وليس مطلوبا التشابه والتطابق بين الشريكين، وإنما التكامل بينهما هو المهم من أجل إشباع كل منهما لحاجات الآخر.
غاليتي ياسمين عليك بالتواصل الاجتماعي بالأماكن الاجتماعية النسائية عبر المشاركة بحضور المحاضرات والندوات، هناك الكثير من المحاضرات تلقى في المساجد أيضا، أنشطة، مراكز تحفيظ القرآن، الاحتكاك بمثل هذه المؤسسات يوفر نوعا من المعرفة، ولعل واحدة منهن لها أخ أو ابن أو قريب يبحث عن فتاة صالحة مثلك تطلبك له والله المستعان.
حاولي أنت رقية نفسك وقراءة سورة البقرة يوميا، وأكثري من الدعاء والاستغفار، وكرري قول البارئ: {وارزقنا وأنت خير الرازقين}، وادعي بدعاء سيدنا زكريا: {رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين}، وادعي وأنت واثقة من أن الله عز وجل سوف يرزقك بالزوج الصالح، ويفرح قلبك عما قريب.
اعلمي أن الحياة تعكس منظارك، فانظري لها نظرة تفاؤل وأمل ورضى بما أنعم الله عليك من نعم، مثل: العلم، والأخلاق، والدين، والنسب، واعلمي أنك لست كبيرة لدرجة أن تخافي أو تجعلي همك الأكبر هو تأخر الزواج، أو أن تلومي نفسك وتمارسين جلد الذات، فعليك أن تتعلمي كيف تتخذين قرارا، فحياتنا كلها عبارة عن قرار يتخذ، إن كان على صعيد العمل أو العلاقات الاجتماعية، أو قبول أو رفض خاطب.
وإذا وجدت الخاطب الكفء والمناسب لبناء حياة زوجية يسودها الاحترام والتفاهم والتكامل، فوافقي عليه بعد التوكل على رب العباد وحسن الظن به.
لا تقارني نفسك بالآخرين، وكوني "أنت"، وانظري غاليتي إلى نفسك نظرة كلها فخر واعتزاز وتقدير واحترام لما وصلت إليه من مركز مرموق في المجتمع، فتقديرك لذاتك يغيرحياتك، وادعي للجميع بالخير.
ولك في قصة سيدة نساء العالمين خديجة رضي الله عنها وأرضاها قدوة حسنة كان عمرها أربعين سنة حين تزوجت من رسولنا الكريم، وأنجبت منه خمسة أبناء.
عليك بالدعاء والإلحاح على الله، والإكثار من الصلاة على النبي مع كثرة الاستغفار؛ لأن بالاستغفار يتبعه فرج وتيسير، وبالصلاة على النبي يتبعه إزالة الهم ومغفرة الذنب.
أسأل الله أن يرزقك الزوج الصالح، وأن ييسر أمرك، ويسعد قلبك قريبا بإذن الله تعالى يا ياسمين.
يمكنك معاودة التواصل معنا إن احتجت لذلك.