السؤال
السلام عليكم
أنا شاب لطالما كنت طموحا بالمستقبل، وهبني ربي قدرة وذكاء، ولطالما كنت الأول في المراحل الدراسية، وعلى هذا الأساس كنت أحلم بمستقبل مشرق، وحياة كريمة، التقيت بفتاة من جيلي، وكان إعجابي بها لدرجة أعجز عن وصفها، تطورت مشاعري من مجرد إعجاب إلى حب، ومن ثم إلى حب أعتبره غير معقول نظرا لكل من حولي.
أصبحت مهووسا بكل شيء يخصها، وأصبحت أرى أدق التفصيل فيها هو أجمل من أجمل شيء موجود في أي أنثى، وعلى عكس ما رأيت من العلاقات الموجودة بمجتمعي، أقول وأنا على تمام الثقة لم أحبها لشهوة، أحببتها في الله.
علاقتي بها جعلتني أتقرب أكثر وأكثر من ربي سبحانه وتعالى، أصبحت أشعر وكأنني أملك شيئا أغلى من نفسي أخاف خسارته، أصبحت لحياتي أساسا، وأصبح هدفي أن أصل لهذا المستقبل وهي حلالي، ونصيبي من دنياي.
شاء الله وفارقتني بلا أي سبب، أصبحت تختلق الأعذار لتبتعد بعد علاقة طويلة مليئة بذكريات من المستحيل نسيانها، جربت الوصول لها بطرق كثيرة ولطالما كان ردها سلبيا، دخلت بحالة اكتئاب مزرية.
لم أعد أنا ذاك الشاب الطموح، لم يعد لدي هدف، ولم أعد أريد أي هدف، فأساس حياتي قد ذهب ولم يعد لحياتي معنى، أكرر بأن إيماني بربي لا حدود له، وأني بحالتي هذه تقربت من ربي أكثر وأكثر، وأكثرت من الدعاء، ولا زلت أحاول الوصول لها واثقا بربي سبحانه، ولكن بلا إرادتي ينتابني الخوف بأن لا يتحقق هذا الشيء.
هذا يجعلني لا أستطيع فعل أي شيء من واجباتي اليومية، وسيطر علي الاكتئاب لدرجة أنني أصبحت أفضل الموت على أن أكمل حياتي من غير وجودها.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إذا كانت الفتاة تخلت عنك، ولم تستطع أن تستمر في العلاقة فلماذا تلوم نفسك؟ ولماذا تضحي بحياتك ومستقبلك إذا ذهبت واختارت طريقها في حياتها ولم تفكر بك أو في الاستمرار بالعلاقة؟
تذكر يا بني أن هذه التجارب يمر بها العديد من الناس، ولكن يجب في النهاية التفكير بطريقة منطقية، ومحاولة الاستمرار في تحقيق الأهداف، وأن تكون أقوى من تلك المواقف، لذا أنصحك يا بني باتباع الإرشادات التالية:
- لا تضع توقعات عالية نحو الآخرين، لأنك ستعاني من ذلك، قال علي رضي الله عنه حاثا على الاعتدال في العلاقات: {أحبب حبيبك هونا ما، عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما، عسى أن يكون حبيبك يوما ما} رواه الترمذي.
- الحياة لا تقف عند شخص معين، سترى أناسا كثيرين، وتدخل في الكثير من العلاقات أثناء مسيرتك الدراسية والعملية، ولكن انتبه، فلا بد أن تكون تلك العلاقات ضمن الحدود الشرعية التي حثنا عليها ديننا الحنيف، ففي ذلك حفظ للتوازن النفسي والعاطفي.
- لا تحاول تقصي أخبار تلك الفتاة في مواقع التواصل الاجتماعي، أو السؤال عنها، وأشغل وقتك بشكل تام.
- عندما تبدأ التفكير بهذه الفتاة، قم على الفور، وغير مكانك، أو قم بأي نشاط حركي، رياضة، كتابة، مشي، واهتم بنفسك وشؤونك واجعلها شؤونك أولوياتك.
- تخل عن كل شيء يذكرك بهذه الفتاة، ولا تذهب إلى الأماكن التي كنت تذهب إليها أثناء علاقتك بالفتاة، ولا تستخدم نفس العطر الذي كنت تستخدمه في الماضي، عندما كان بينكما علاقة.
- انظر للأمر من وجهة نظر الفتاة، فهي ذهبت لحياتها ومستقبلها، وأنت أيضا عليك البدء من جديد بعلاقات صحية سليمة قائمة على الارتباط الشرعي بما أحله الله.
- تحدث باستمرار مع صديق مقرب منك، فهذا سيخفف عنك الكثير.
- واظب على صلواتك في وقتها، فهي تعمل على إحداث الاطمئنان والسكينة في قلوبنا، يقول الله عز وجل: { الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله } أي: يزول قلقها واضطرابها، وتحضرها أفراحها ولذاتها: { ألا بذكر الله تطمئن القلوب } أي: حقيق وحري بها أن لا تطمئن لشيء سوى ذكره، فإنه لا شيء ألذ للقلوب ولا أشهى ولا أحلى من محبة خالقها، والأنس به ومعرفته، وعلى قدر معرفتها بالله ومحبتها له، يكون ذكرها له.
- ابحث عن فتاة لتكمل نصف دينك، ولكن قبل ذلك فرغ عقلك وروحك من تلك العلاقة القديمة، فالله جعل هذه الفتاة امتحانا لك، يختبرك الله هل تتعلق بها أكثر من اللازم، هل تتوكل على الله وتطلب منه الإعانة والتوفيق أم تفرغ قلبك لها وتجعلها هي هدفك الوحيد في الحياة؟
لابد أن يكون لديك اهتماماتك في الحياة، فهذه الفتاة تعيش حياتها بشكل طبيعي وأنت تعاني! هل يمكن أن تسأل نفسك: لماذا أنت تعاني وهي لا تهتم بمشاعرك؟ حتى إنك أهنت نفسك وجعلت حياتك من أجل فتاة! ووصلت للاكتئاب والتفكير في الموت! ألهذه الدرجة أنت ضعيف أمام فتاة؟
- كن قويا واستعن بالقوي سبحانه وتعالى، وصل في الليل وفرغ همومك لخالقك، واسأله أن يخرج حب هذه الفتاة من قلبك، فلو انشغلت بصلاتك وفكرت في مولاك سبحانه، وجعلته هدفك، لاحتقرت فكرة أن تكون هذه الفتاة -أو غيرها- هي هدفك الوحيد في الحياة، قاوم بقوة هذه المشاعر، وإلا فإنك ستجني على نفسك.
وفقك الله لما يحبه ويرضاه.