السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم، وجزاكم كل خير.
أنا شاب في الـ ٢٣ من عمري، الحمد لله، أصلي وأحاول تقوى الله ما استطعت، أذنب وأتوب وأجتنب الكبائر، مشكلتي أني كلما أقوم بعمل أظل في وسوسة دائمة، أخاف من المرض، وكل ألم بسيط أقول: هو مرض خطير، وأخاف السجن والمشاكل، مثلا عندما أتهور وأخطأ في عمل ما، مؤخرا مثلا تعذر على صاحب مقهى فتح باب محله، فساعدته على فتح القفل بمفتاحي بعدها ظللت في وسوسة وقلق إن وقعت سرقة في المحل سيتهمونني أنا، وهناك العديد منهم رأوني وأنا أحاول فتحه، أو عندما أرى شرطة أصبح في وسوسة أن أكون مطلوبا على قضية مع أني -الحمد لله- لا علاقة لي بالأعمال السيئة.
أرجو أنكم قد فهمتم قصدي وحالتي، وأرجو أن تساعدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سفيان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية.
أخي الكريم: حالتك واضحة جدا، وأنت لديك استشارات سابقة تمت الإجابة عليها، ومجمل ما تعاني منه هو قلق الوساوس، والذي يظهر لي أنك شخصية طيبة، رجل حساس، لديك ميول للوسوسة، وبحمد لله أنت رجل تراعي الفضائل، وهذا أمر جيد، وتحاول أن تجتنب الآثام والذنوب، وحتى وساوسك حقيقة فيها الجانب التجنبي، أي أنك لا تريد أن تقع في خطأ.
حقيقة الوساوس يمكن أن تعالج وتعالج بصورة فاعلة جدا، الوساوس يجب أن يتجاهلها الإنسان، أن يحقرها، ألا تخوض في تفاصيلها أبدا، وتصرف انتباهك عنها بأن تشغل نفسك بأشياء أخرى تكون أكثر فائدة بالنسبة لك.
أنا لا أريدك أن تتعايش مع هذه الوساوس، لا تجعلها جزءا من حياتك أبدا، هذا مهم جدا، وإذا كان بالإمكان أن تذهب إلى طبيب نفسي هذا سيكون هو الوضع المثالي والأفضل، وإذا لم تستطع الذهاب إلى طبيب نفسي فأنا سأصف لك أحد الأدوية المضادة للوسواس القهري، وأسأل الله تعالى أن ينفعك به، لكن يجب أن تلتزم بالدواء التزاما تاما، وتحاول – كما ذكرت لك – أن تحقر، وأن تتجنب الفكر الوسواسي والفعل الوسواسي، وألا تلجأ لأي تأويلات وسواسية، هذا مهم، أن تغلق هذا الباب تماما.
من الأدوية الممتازة عقار يسمى علميا (سيرترالين)، هو دواء سليم جدا، الجرعة تتفاوت في حالات الوسواس القهري من حبة واحدة إلى أربع حبات في اليوم.
يمكن أن تبدأ بنصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجراما – يوميا لمدة عشرة أيام، ثم تجعلها حبة كاملة يوميا لمدة شهر، ثم تجعلها حبتين يوميا، أي مائة مليجرام. وهذه الجرعة جرعة وسطية مفيدة، تحتاج أن تستمر عليها على الأقل لمدة ستة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة أبدا، بعد ذلك تخفض الجرعة إلى حبة واحدة يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تجعلها نصف حبة يوميا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقف عن تناول السيرترالين، وكما ذكرت لك هو دواء سليم وغير إدماني.
لكن في مجمل القول أن المتابعة مع الطبيب النفسي المباشرة ستكون مفيدة جدا؛ لأن هذه الأدوية أحيانا نحتاج أن ندعمها بأدوية أخرى، أو نزيد جرعتها، أو ننقصها، أو ننتقل لدواء آخر، ودائما التواصل المباشر مع الطبيب يدعم الآليات العلاجية، ويفتح للإنسان -إن شاء الله تعالى- الطريق نحو التعافي.
أنصحك أيضا بالحرص على تجنب الفراغ، ملء الوقت بما هو مفيد يقلل من فرصة الانخراط في التفكير الوسواسي، وأنت طالب، وعليك مهام أكاديمية، وقطعا تريد أن تكون من الناجحين، فنظم وقتك، تجنب السهر، احرص على النوم الليلي المبكر، هذا يجعلك تستيقظ مبكرا، تؤدي صلاة الفجر في وقتها، ويمكن أن تستفيد من فترة الصباح لتدرس لمدة ساعة مثلا قبل أن تذهب إلى مرفقك الدراسي، وهكذا تكون إيجابيا في طريقة إدارة الوقت، وهذا سيعود عليك إن شاء الله بخير كثير جدا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.