السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا سيدة متزوجة منذ سنة ونصف، تأخر حملي -والحمد الله- لا اعتراض على حكم الله، لكنني أعاني من أهل زوجي، وتحديدا أم زوجي، هي تكون عمتي أخت والدي، دائما تعايرني وتحرجني أمام الجميع بتأخر حملي، وفي كل جلسة يبدأ الهمز واللمز، حتى أنها تحاول اتهامي بأنني أحسد أولاد أبنائها الآخرين، وهذا الشيء حرق قلبي وكسرني؛ لأنني لا أتمنى للناس إلا الخير.
سؤالي: هل يجوز لي أن أمتنع عن زيارتها؟ لأن هذا الأمر أثر على نفسيتي، ولم أعد أطيق الخروج من المنزل ورؤية الناس.
هل يجوز لي الدعاء على من ظلمني وجرح مشاعري؟ وما هو عقاب من يعاير الناس في موضوع الإنجاب، وهو يعلم أنه بيد الله تعالى؟ ماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك التواصل والسؤال قبل اتخاذ قرار بالدعاء على من ظلموك أو الذهاب إلى أمور لا ترضي الله -تبارك وتعالى-، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يملأ بيتك بالصالحين من العيال، وأن يحقق لنا ولكم في طاعته السعادة والآمال.
لا يخفى عليك أن أمر إنجاب الأطفال بيد الله وحده، القائل: {لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور * أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير}، ولا ذنب للمرأة ولا للرجل إذا تأخر الإنجاب، فذلك بيد الله -تبارك وتعالى-.
فأرجو ألا تنزعجي من كلام هذه العمة، لأنها عمة، لكن ينبغي أن تتعاملي معها على قدر عقلها وفهمها، ولا تحملي نفسك ما لا تطيقي، ولا تتأثري بالكلام الذي يصدر عنهم، لأن الأمر ليس بيدك، ولا لوم عليك في هذا الذي يحدث، وإذا كان اللوم فاللوم على ولدها أيضا، فالمسألة مشتركة، أنت لا تملكي في الأمر شيء، وحتى زوجك لا يملك في الأمر شيء، ولكن إذا تكلمت عنك فهي تعيب على ولدها أيضا، ولكن الحقيقة أن الأمر ليس فيه عيب، وليس فيه نقص.
فلا تقصري في زيارتها، لأن هذه صلة رحم، ولكن من حقك أن تجعلي الزيارات خفيفة، ولا تتأثري بالكلام واللمز الذي يصدر، واعلمي يعطيهم حسنات، أو يحمل عنهم من سيئاتهم والعياذ بالله.
لا تحاولي الدعاء على من ظلمك، أو جرح مشاعرك؛ لأن العفو هو الأعلى، ولأن الصفح هو الأغلى عند الله -تبارك وتعالى-، فتسلحي بالصبر، واستعيني بالله -تبارك وتعالى-، ولا تكوني مثل هؤلاء، قابلي إساءتهم بالإحسان، قطيعتهم بالوصال، جهلهم بالحلم والعفو عنهم، فإن هذا مما يجلب لك الخير والتوفيق من الله تعالى.
نحن ننصحك بالدعاء لنفسك ولزوجك، وننصحك بكثرة الاستغفار، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، والإكثار من (حول ولا قوة إلا بالله)، والإكثار من قول الله: {رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين}، ومن قوله: {رب هب لي من الصالحين}، ومن قوله: {رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء}، ومن قوله: {وارزقنا وأنت خير الرزاقين}.
ننصحك أيضا بمراجعة طبيبة نساء وولادة، لحل هذه المشكلة، ولعلكم قمتم بذلك، واهتمي بتغذية نفسك، وشجعي زوجك أيضا على القيام بدوره، ولا تفتحي أمامه مشكلة والدته، لأنه لن يستطيع فعل شيء لأمه، وسيقف محتارا بينكما، ولكن وجهي أمرك لله، وأخبريه أنك تريدين تخفيف الزيارات، وهذا من فعل الأسباب، والإنسان عليه أن يفعل الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب -سبحانه وتعالى-.
فلا تحزني في أمر لا يد لك فيه ولا يد لزوجك فيه، واعلمي أن سنة ونصف مدة قصيرة جدا، ومن الناس من ينتظر أكثر من هذا بكثير، ولكل أجل كتاب، الله -تبارك وتعالى- هو الذي يقدر الإنجاب متى وكيف ونوع المولود، كل ذلك بيد الله وحده.
وإذا كنت قد تواصلت مع موقع شرعي -وأنت مشكورة- فنحن نأمرك بالصبر، والدعاء، والاحتمال، وعدم تكليف نفسك ما تطيق، واعلمي أن الأمر لله من قبل ومن بعد، واجتهدي في الصبر على هذه العمة، لأنها بمنزلة رفيعة، وهي مع ذلك أيضا والدة الزوج، وهي صاحبة معروف، ونحن ينبغي أن نحتمل من كبار السن، وإذا لم نحتمل كبارنا فمن يحتملهم؟
نسأل الله لنا ولك التوفيق والخير.