هل ما أشعر يعتبر طبيعيا؟

0 27

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالبة في ثالث ثانوي، مسافرة، وبعيدة عن دولتي الأم، ولكني لست حزينة، بسبب هذا، فأنا أعتبر سفري هذا أكبر نعمة في حياتي، بسبب ما عنايته في دولتي الأم من نفاق، وألم ووحدة، وبعيدا عن هذا كله، أنا حاليا أشعر أني لست طبيعية، عشت حياة مليئة بالأشياء الغريبة، ووالدي ليس معي فهو يعيش في موطننا، حتى إني لست حزينة من ذلك، لذلك أشعر أني غير طبيعية، وليس لدي أي أصدقاء، كان لدي صديقة في المرحلة المتوسطة، ولكن كرهت الصداقة بعدها، ليس العيب فيها، بل العيب في أنا، لأني شخصية أمام الناس مرحة، واجتماعية مع كل البنات وكل المعلمات، يحبوني، لا أعرف لماذا؟

أعامل الناس بطريقة جميلة، وأي صديقة تحتاج لي دائما أكون معها، وأساعدها حتى لو كنت لا أحبها، ليس عندي أي إيمان بمفهوم العلاقات، صداقة، أو زواج أو أي شيء، غير علاقتين فقط، وهي علاقتي بأمي و بربي، نادرا أن أحب صديقة، ولكن النتيجة أني أتعلق بها تعلقا غريبا مثل تعلقي بأمي.

كما أني حساسة، وأتأثر من كل شيء ومن أقل كلمة أو نظرة، لأنني أعامل الناس بطريقة ممتازة، وأكون في انتظار أن يتعاملوا معي بهذه الطريقة، أو على الأقل لا يؤذوني، أنا ذكية جدا، ومن الأوائل، ولكني لا أشعر نفسي طبيعية، أعامل الناس وكأنهم مروا بنفس ظروفي، لذلك أعطف عليهم، أريد حلا لكل هذا، فكرت كثيرا أن ألجأ لطبيب نفسي، ولكني صغيرة وأمي لن تصدق أن هناك شيئا غير طبيعي.

هناك شيء أخير: أنا أتخيل كثيرا قبل النوم، وحتى في أوقات فراغي خلال اليوم، وكأني مجنونة، كما أنني أكلم نفسي كثيرا، فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ مجهولة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ابنتي العزيزة: لماذا تعتقدين أن طبيعة علاقتك مع الآخرين غير صحيحة، ففي طل ما قمت بسرده لا يوجد شيء غير طبيعي سوى ما ذكرته في نهاية رسالتك.

أما عن طبيعة علاقتك مع الآخرين فهي ضمن الحدود الطبيعية، ربما يكون لديك "حساسية زائدة" حول ردود فعل الآخرين تجاهك، ولكن هذا ليس أمرا يصعب التغلب عليه، إذا حافظت على مسافة نفسية بينك وبين الآخرين، وحجم العلاقات في الغربة بالضرورة يختلف عما إذا كان الشخص في وطنه وبين أهله وجيرانه وأقاربه.

- اجعلي "حواجز نفسية " بينك وبين الآخرين، وذلك يتم بناء على قربهم العاطفي منك، فلا يجوز التعامل مع جميع الناس بنفس المستوى، ولا تقدمي حبك أو كرهك دفعة واحدة، فهذا يدمر صحتك النفسية، وهنا عليك الأخذ بحديث الرسول الكريم: {أحبب حبيبك هونا ما، عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما، عسى أن يكون حبيبك يوما ما}، [رواه الترمذي].

- اجعلي توقعاتك من الآخرين مبنية على تجاربك معهم، لا أن تتلقي ردود أفعالهم مهما كانت، وتعودي ثانية وكأن شيئا لم يكن.

- حددي جميع المواقف التي تتأذين فيها نفسيا واكتبيها، وكلما كتبت موقفا، اكتبي مقابله مبرراتك، لماذا تشعرين بالضيق أو الأذى النفسي؟ وبعد أن تنتهي من حصر المبررات لكل موقف اقرئيها بترو، وانظري هل المبررات تستحق كل هذا الضيق الذي تمرين به مقارنة بالموقف؟ وكلما كتبت أكثر سوف تصبحين أكثر وعيا وعقلانية على الأسباب، وبالتدريج سوف يقل عندك مستوى الحساسية النفسية الزائدة.

- تواصلي وتفاعلي اجتماعيا مع الناس على اختلاف طرق تفكيرهم، وليس بالضرورة أن تتبني هذا الفكر أو ذاك، إذا جلست مع مجموعة "لا تشبهك"، ولكن هذا التفاعل يجعلك أكثر اطلاعا، وخبرة في معظم نواحي الحياة، ويجعل شخصيتك أكثر تماسكا في معظم المواقف.

-  ابحثي في ذاتك عن نقاط قوتك، ولا تبحثي فقط عن نقاط ضعفك، وحاولي استغلال نقاط القوة، وتطويرها فهذا سيجعلك شخصا اجتماعيا، وأكثر تفاعلا وكفاءة، وسوف تتغلبي على نقاط ضعفك.

- بالنسبة للتخيلات التي تأتيك قبل النوم: هذا لأنك تغمرين نفسك بالتفكير وتتعمقين في تفسير سلوك هذه وتلك، لذا أريحي عقلك، ولا تضعي رأسك على المخدة إلا بعد أن يغلبك النعاس.

وفقك الله لما يحبه ويرضاه.

مواد ذات صلة

الاستشارات