وهم المثالية يسيطر عليّ فقد يتحول وسواسا في بعض الأمور.

0 32

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشعر بأن لدي وهم المثالية، فأنا حينما أرى الخطأ أغضب، ففكرة وجود شر بالعالم تغضبني، أحاول دوما أن أصل إلى النتائج في أغلب الأمور دون جهد أو سعي، وبالأخير لا أنجز أي شيء.

وهناك شيئا آخر وهو أن لدي وسواسا لنصح الآخرين، أشعر بأنني سيئة إن لم أنصح أحدا، وفي الآونة الأخيرة أشعر بأن الكثير يغضب مني لشدة نصحي لهم وبشكل وسواسي، أعرف بأن النصيحة أمر مهم، ولكن أنا أيضا بدأت أشعر بالغضب وببعض الطاقات السلبية، وأنا أتسائل فقط، ما السبب؟

لدي رهاب اجتماعي، وأنا لا أحب الذهاب للمدرسة، قبل أن أذهب كنت دوما أشعر بنقص الطاقة، وكأنني أذهب بلا سبب، أغلب ما أفعله في يومي هو استعمال الهاتف، فإن لم أستعمله قد أجلس مع الآخرين قليلا أو غالبا أنام لمدة طويلة.

وأخيرا أنا أشعر بالذنب، أشعر بالذنب من شرور هذا العالم حتى وإن لم أفعلها! أشعر بالذنب حينما أنصح، وحينما أمتنع عن النصح، حينما أتحدث مع أحدهم، وحينما أصمت، حينما أنام وأستيقظ.

أفكر كثيرا، وألازم الجلوس في محيط الفراغ، أشعر بالوحدة، وما يخيفني هو أن أبقى هكذا طوال حياتي، لا أنجز شيئا وأهرب دوما من المواجهة؛ لأني أبحث عن النتائج دونما البدايات وعثراتها؛ لأنني لا أعرف التعامل مع البدايات.

وشيء آخر لقد نصحت بعض الناس، وأنا أخاف من كوني نصحت بنصائح خاطئة؛ لأنني لا أدرس الشريعة مع أني بحثت عن دلائل في بعض الأمور وأخرى لم أكن أعرفها، أخاف من كوني قد أخطأت، أو تحدثت عن شخص بغير حق، وأشعر بأنني ضائعة من هذه الناحية، أكره الشر والخطأ.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ مطر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت تمرين بمرحلة عمرية حرجة وهي فترة المراهقة، وللأسف أن معظم الناس يركزون في هذه المرحلة على التغييرات الهرمونية والجنسية ولا يذكرون التغييرات النفسية التي يشعر بها المراهق، ففي هذه المرحلة يشعر المراهق بالتناقضات في معظم الأشياء في حياته، في الدراسة، والتعامل مع الآخرين، وتعامل الآخرين معه، وغيرها الكثير، ودرجة تأثير هذه التناقضات تتفاوت من شخص إلى آخر، وبالتالي حصيلة هذه التغيرات والتناقضات والفوضى الفكرية التي يمر بها المرافق ظهور شخصية متأثرة بذلك كله.

فيما يلي مجموعة من الأفكار التي سوف تساعدك بمشيئة الله:
بالنسبة للانعزالية، لا تنعزلي عن الآخرين، وإذا كانت مجموعة من الأشخاص قد رفضوا التعامل معك، فهذا لا يعني أن العالم خاليا من أشخاص يتقبلوك، لذا، ابحثي عن الصحبة الحسنة الطيبة، الذين يعاملوك بأخلاق الدين، وتواصلي معهم في نشاطاتهم فهذا يجعلك أكثر انفتاحا ويكسبك مهارات التعامل.

- تفاعلي اجتماعيا مع الناس على اختلاف تفكيرهم، وليس بالضرورة أن تتبني هذا الفكر أو ذاك إذا جلست مع مجموعة "لا تشبهك"، ولكن هذا التفاعل يجعلك أكثر اطلاعا وخبرة في معظم نواحي الحياة ويوسع من مداركك وتصبحين أكثر صلابة في مواجهة المشكلات.

- ليس بالضرورة أن يكون الخلل دائما في الناس ونحن الذين على صواب، فعندما ينفر الناس منا -سواء كانوا أقرباء أو غرباء- فهذا يدل على أن لدينا مشكلات في طريقة تعاملنا، وعلينا مراجعة سلوكياتنا وطريقة كلامنا مع الآخرين.

- في حال لاحظت خطئا عند الناس يمكنك أن تنصحيهم بأسلوب مقنع دون تجريح، واختاري كلمات أكثر تقبلا للنفس، فهذا لا ينفر الآخرين منك. أما إذا شعرت أنك لا تستطيعين السيطرة على نفسك وكلامك، وتظهرين وكأنك سلبية من وجهة نظر الآخرين، فالأفضل هو "الصمت". عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان ) رواه مسلم.

- امدحي الآخرين على كلامهم الجميل وعلى تصرفاتهم اللبقة.
- إذا كان مزاجك سيئا فلا تتعاملي مع الآخرين وتجلسي بينهم.
- تعودي على الابتسام عند السلام على الآخرين أو محادثتهم.

- حددي السلبيات في شخصيتك، فأنت تعرفينها جيدا، ولا تعتقدي أن هذه الصفة جيدة فيك، لكن الناس لا يتقبلوها، فالذي يحكم على أن هذه الصفة محمودة أو مذمومة هو مدى اتساق هذه الصفة مع ما هو مقبول عند معظم الناس، مثلا الشخص الثرثار غير مقبول عند الكثيرين، وكذلك فإن الشخص الذي نادرا ما يتحدث مع الآخرين أيضا غير مقبول.

وفقك الله لما يحبه ويرضاه.

مواد ذات صلة

الاستشارات