هل أنقطع عن زيارة أرحامي الذين يؤذونني، أم أستمر مع الأذى؟

0 20

السؤال

السلام عليكم

لدي أقربائي يسكنون بالقرب منا إخوة أبي وجدي، لا يزوروننا أبدا إلا في المناسبات كالمرض أو الزواج، لكن في الأعياد لا يحضرون، وعندما نذهب لزيارتهم يقابلون زيارتنا بالتهميش، لا أعرف ما السبب؟ هم غاضبون من أمي، مع أن أمي لم تفعل شيئا يغضبهم، حتى في عزاء والدتها التي هي جدتي لم يحضروا إلا لحظة العزاء فقط، ولم يأتوا بعدها.

أزورهم كل شهرين، لكنني أشعر بالذل والانكسار أثناء الزيارة، فهل أنقطع عنهم إلى أن يدركوا خطأهم، أم أستمر بزيارتهم وأتضرر نفسيا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ السائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختي الكريمة- في موقعنا، ونسأل الله أن ينفع بك، وأن يتولاك بحفظه، والجواب على ما ذكرت:

- من المعلوم أن صلة الرحم من أجل الطاعات، وأعلاها منزلة، وأعظمها بركة، وأعمها نفعا في الدنيا والآخرة.

- وقد جاء الترغيب بصلة الرحم، قال تعالى: { وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم} [الأنفال: 75].
قال تعالى: {واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا} [النساء: 1].

صلة الأرحام لها أثر بالغ فهي سبب لبسط الرزق وطول العمر في الدنيا، وفي الآخرة الفوز بالجنة والنجاة من النار.

قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه، رواه البخاري ومسلم.

- وتحصل صلة الرحم بكل ما أمكن من إسداء الخير لهم، ودفع ما أمكن من الشر عنهم، بحسب الوسع والطاقة لكل شخص منهم بحسب منزلته وحاله، ويكون ذلك بالزيارة لهم كلما تيسر الأمر والسؤال عنهم عبر الوسائل المتاحة، وبالإحسان إليهم بالمال والهدايا إن تيسرت، والإعانة لهم عند الحاجة، وبدفع الضرر، وبطلاقة الوجه، وبالدعاء لهم، وبالتواد والتناصح والعدل والإنصاف، والقيام بالحقوق الواجبة والمستحبة، وضابط كل ذلك يعود إلى ما تعارف عليه الناس.

- كون أرحامكم يزورنكم في فترات متباعدة، فهذا يدل على أنهم لم يقطعوا الصلة بكم وبقي منها شيء، وأرجو أن لا تحملوا على أنفسكم عليهم، لأنهم قد أدوا جانبا من الواجب، والمطلوب منكم العفو إن حصل منهم أي تقصير.

- إذا لم يوجد من قبلكم ولا من قبل الوالدة -حفظها الله- سبب يدعو لتقصيرهم في صلة رحمكم، فاللوم سيكون عليهم، وإن استطعتم تذكيرهم بأن تكون الصلة أفضل من هذا، فلا بأس، وإن شعرتم بأن هذا التذكير سيؤدي إلى زيادة النفور عنكم، فأرجو الرضا بما جاء منهم من التواصل فما لا يدرك كله لا يترك جله.

- من يريد أن يعيد في الناس أهمية ولزوم صلة الرحم، عليه أن يكون تفكيره أسمى من أن يفكر في قطع الرحم بسبب ما يرى منهم من جفاء وقلة اهتمام إذا تواصل معهم، بل عليه أن يستمر في الصلة؛ لأنها عبادة وقربى إلى الله، ولأن الصلة تؤكد المحبة، والقطيعة تؤدي إلى الوحشة والتشاحن والبغضاء، فإذا قصر الأرحام في الزيارة فبادروا أنتم إلى زيارتهم، والسؤال عنهم، ومع المدى لعلهم يتذكرون ويحسنون في التواصل معكم، عملا بما جاء في السنة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها"، رواه البخاري.

- وما ترين منهم من جفاء عند الزيارة أو التهميش لك أرجو أن تتجاهلي الأمر، ولا يحصل في نفسك أي شيء من الحزن من هذه التصرفات، واعفي عنهم، واستمري فيما أنت عليه من الخير، فعن عقبة بن عامر قال: لقيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال لي: "يا عقبة بن عامر، صل من قطعك، وأعط من حرمك، واعف عمن ظلمك"، رواه أحمد.

وفقك الله لمرضاته.

مواد ذات صلة

الاستشارات