المزاح المبالغ مع الأم هل هو من العقوق؟

0 27

السؤال

السلام عليكم.

الحمد لله على قدره، فأنا دائما أمزح مع أمي كثيرا لدرجة أنني في بعض الأحيان أناديها بألقاب سيئة، وأقول لها إنها لا تعرف شيء، ولا أقوم بنصيحتها، ولكن ذلك من باب المزاح فقط، وهي تعلم بذلك، وتقول: إنها مسامحتني دائما، فهل يعتبر من العقوق؟ وكيف أتوب وأصلح أموري معها لكي يغفر الله لي؟

وأخيرا أريد أن أسألكم عن التربية الحسنة وعلاقتها بطاعة الوالدين، حيث إن التربية هي من تسبق الطاعة، هل يمكن أن نقول إن الوالدين لم يحسنا التربية وذلك هو ما أدى إلى العقوق؟ أي أن الشخص ليس مسؤولا إذا لم يحسن الوالدان تربيته، اعذروني في سؤالي هذا، وأفيدوني، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك هذا السؤال الرائع الذي يدل على رغبة في الخير، ونسأل الله أن يرزقك بر الوالدة، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

لا شك أن إدخال السرور على الوالدة مطلب، وأرجو ألا يكون ذلك عن طريق السخرية منها، أو إسماعها ألفاظا تتأثر بها، وإن كنت قد أحسنت بطلب الصفح والعفو منها فهذا يمحو ما حصل، ولكن أرجو أن تعلم أن كل ما يحزن الوالد أو الوالدة يدخل في دائرة العقوق، لذلك اجتهد في أن يكون مزاحك معها معقولا، وبالأشياء التي تحبها، بل أرجو أن تستبدل هذا بأن تأتيها بالأشياء التي ترغب فيها، والأحاديث التي تدخل السرور عليها، شريطة ألا تكون غيبة أو نميمة، فإن إسعاد الوالدة من أعلى درجات البر، كونها تكون سعيدة.

فلذلك أرجو أن تستمر في هذا، لكن دون إشعارها بأنها غير متعلمة وأنها ناقصة، وأن فيها وفيها، هذه الأمور تحزن الوالدة حتى لو جاملتك، فلذلك تفادى هذا، واجتهد في أن يكون المزاح مزاحا لطيفا، يدخل السرور عليها.

وأرجو أن تعلم أيضا أن هذا السؤال يدل على أنهم لم يقصروا في تربيتك، لأنك الآن تشعر أن البر عبادة، ودفعتك مشاعر نبيلة إلى السؤال، والأمر لا يحتاج إلى سؤال، لأن البر ما اطمأنت إليه النفس، والإثم ما حاك في الصدر وتلجلج فيه، فأنت تعرف الصواب والخير، وهذا دليل على أنهم أحسنوا التربية.

وربنا طبعا يسأل الوالد والوالدة عن حسن التربية، ويسألون عن حسن البر لولدهم، ولكن حسن التربية مهمة كبيرة، أعتقد أنهم لم يقصروا، والدليل هو هذه المشاعر النبيلة منك، كما أن التربية على البر ليست في البيت وحده، فنحن ندرس في مدارس ونستمع في المساجد إلى خطب ودروس، فأصبحت مسألة البر مشاعة ومتاحة لكل من يريد أن يكون بارا بوالديه.

كما أن تقصير الوالد أو الوالدة لا يبيح لنا الإساءة، ولا يبيح لنا التقصير في حقهم، تقصيرهم لا يبيح لنا التقصير، وهم يستحقون هذا البر لكونهم آباء، يستحقونه حتى لو كان فيهم تقصير، لو كان فيهم نقص، لو فرضنا أن إنسان له والد غير مسلم فإنه ينبغي أن يكون بارا به، لا يطيعه إذا أمره بمعصية، ولكن كما قال الله: {وصاحبهما في الدنيا معروفا}.

نسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يعينك على البر، وأن يلهمك السداد والرشاد، ونكرر لك الشكر مرة أخرى على هذا السؤال، ونكرر الترحيب بك.

مواد ذات صلة

الاستشارات