ما السبيل لدفع الوساوس القهرية؟

0 31

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أود منكم توجيهي في كيفية التعامل مع بعض المواقف في أسرتي، كثيرا ما يتم التعامل مع أمور الشركيات بأمر ساخر، أو هكذا يهيء لي، لا أعلم، وهذا أمر يثير غضبي، ولا أعلم كيف أتصرف؟ وحين أغضب للأسف لا أستطيع التحكم في مستوى صوتي، ولا أفرق إن كان من أمامي أمي أو أي شخص آخر، أنا أعلم أن هذا الأمر من الكبائر، وأحاول دائما ضبط أعصابي، لكن لا أنجح أبدا.

بالنسبة لموضوع الشركيات أخاف كثيرا أن أكفر أو أشرك، وطرأ موقف أحزنني، تحدثت أمي مع أخي وزوجته من خلال هاتفي، وبينما هم يتحدثون سمعتهم ذكروا موقفا عندما كنت صغيرة وكنت كثيرة الصراخ، ذهب جدي عند شخص ما وأحضر معه بسكويتا وأكلته فهدأت، أنا من خلال كلام أسرتي السابق عن الموضوع فهمت أن جدي ذهب إلى شخص وأحضر بسكويتا مكتوبا عليه شيئا ما، وفهمت أن هذا شرك، وعند ذكر الموقف بشكل فيه ضحك غضبت، وقلت الله يهديكم، لكن أحدا لم يلاحظ ما قلته ولم أغير أي شيء، وكان الهاتف هاتفي فهل أنا علي إثم؟ وكيف أتوب من الأمر؟ وماذا كان علي أن أفعل؟

فبعدما انتهى الاتصال قلت لأمي إن الشرك ليس أمرا للضحك، وبعد نقاش اتضح لي أن جدي ذهب إلى إمام مسجد، وربما قرأ القرآن على البسكويت وأحضره لآكله، وقالت لي أمي: إنه لم تكن هناك كتابة أو أي شيء من هذا القبيل، بل فقط يزيدون في الأمر من أجل التفكه، وهذا الأمر أيضا لا يجوز، فالرقية الشرعية ليست أمرا للضحك، وقد أقسمت أن لا تتحدث مرة أخرى في هاتفي؛ لأنه كثيرا ما تحدث مواقف وأخاف على نفسي أن أكفر بسبب أنه هاتفي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سهام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -أختنا الكريمة-، وردا على استشارتك أقول: حديثك عن الكفر والشرك قد وصل لمرحلة الوسوسة غير المحمودة، وهذا ما يتضح من خلال رسائلك السابقة والحالية، فليس كل كلمة تقال هي كفر، حتى إنك حلفت على أمك ألا تتصل من جوالك، وهذا فيه عقوق، ما الذي أوصلك لذلك؟ إنها الوساوس، لذا بداية نحذرك منها، ونوصيك بأن تتوقفي عنها الآن قبل أن تحاصرك وتحول حياتك لجحيم، وحينها يصعب علاجها.

احذري من الغضب واجتهدي بدفعه بكل الوسائل الشرعية التي علمنا إياها نبينا -عليه الصلاة والسلام-، وهي إن أتاك الغضب وأنت قائمة فاقعدي، وإن كنت قاعدة فاضطجعي على شقك، فإن لم ينفع فقومي فإن لم ينفع فتوضئي، ومع كل حالة استعيذي بالله من الشيطان الرجيم.

الغضب طريق لكل شر، لذلك حين قال رجل للنبي -صلى الله عليه وسلم- أوصني قال له: (لا تغضب قال: أوصني، قال: لا تغضب، فردد مرارا فقال: لا تغضب)، فالغضب جمرة من الشيطان الرجيم ودفعها يكون بالاستعاذة، وتغيير وضعية الجسم كما ذكرت لك سابقا.

ما فعلته أمك ليس من الشرك؛ لأنه تبين أن جدك ذهب ربما إلى إمام المسجد، وطلب منه أن يقرأ على البسكويت، ثم أعطيت ذلك البسكويت، وقمت بأكله، وإن كانوا أدخلوا بعض المزح في كلامهم، فهذا لا يعني أنهم وقعوا في الشرك.

لو افترضنا أنهم تكلموا عبر هاتفك بشيء فيه شركيات، فأنت لا علاقة لك في ذلك، وإن كنت قد حلفت ألا تعطي لأمك الهاتف، فعليك أن تكفري عن يمينك، وذلك بإطعام عشرة مساكين وجبة واحدة، أو صيام ثلاثة أيام، وحينئذ إعط الهاتف لوالدتك إن طلبته منك.

نوصيك ألا تصغي للوساوس التي تأتيك بهذا الخصوص؛ لأن الشيطان قد يدخل عليك من هذا الباب ليفسد عليك حياتك، فكلما أتتك مثل هذه الأفكار احتقريها، واستعيذي بالله من الشيطان الرجيم، ولا تسمحي لها بالدخول إلى عقلك، ولا تسترسلي أو تتحاوري معها.

اجتهدي في تقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح، فذلك من أسباب جلب الحياة الطيبة كما قال تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثىٰ وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ۖ ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).

الزمي الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب ففي الحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك).

حافظي على أداء الصلوات في أوقاتها، وأكثري من سماع القرآن وتلاوته، وحافظي على أذكار اليوم والليلة، فذلك سيجلب لقلبك الطمأنينة كما قال تعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ۗ ألا بذكر الله تطمئن القلوب).

عليك أن تتقربي من والدتك، وتتذللي بين يديها بالكلام اللين، واطلبي منها الدعاء، واحذري أن تغضبيها أو ترفعي صوتك عليها، بل عليك أن تخفضي لها جناح الذل من الرحمة كما قال تعالى: (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا).

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات