السؤال
السلام عليكم.
مشكلتي باختصار هي أنني كنت شخصا محبا للحياة، وكثير الأحلام والتخيل، لدي من الحماس للقيام بأعمالي والمضي قدما ما يكفيني، إلا أنني وفجأة استيقطت وأنا فاقد للشغف تماما، ولم أعد أجد المتعة في الأمور التي كنت أحبها في السابق؛ مثل الأكل، أو الخروج في نزهة مع الأصدقاء، أو حتى القراءة.
أنا حاليا أقوم بواجباتي فقط كأمر مفروض علي دون أي شعور، أعتقد في السابق أن الأمر عابر وسينتهي بمرور يوم أو يومين كجميع تغييرات المزاج المعروفة، إلا أن هذه الحالة وللأسف مستمرة معي منذ أكثر من أسبوعين!
راجعت دكتور أعصاب، وأوضح لي أن الأمر نفسي، وهو نوع من الاكتئاب، وأوصاني بأخذ العلاج، وهو: exopex لمدة شهرين فقط، وبجرعة 5 ملغ، إلا أني لا أرغب بأخذ أدوية الاكتئاب بسبب آثارها الجانبية.
كما أني أرى أن الحياة جميلة، وفيها أمل، ولا أعاني من أية مشاكل أخرى لكن مشكلتي الوحيدة هي عدم المبالاة، وانعدام المتعة، والملل دون الشعور بالحزن فما هو الحل؟ وهل يمكن لهذا الدواء إعادتي إلى طبيعتي أم أن الأمور قد تتحسن لوحدها مع مرور الوقت دون علاج دوائي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.
التغيرات المزاجية المفاجئة ليست دليلا على وجود اكتئاب نفسي، حيث إن الاكتئاب دائما يأتي تدريجيا، وتبنى الأعراض، وتكون هناك أعراض نفسية وأعراض بيولوجية، والعلاج الدوائي غالبا نحن لا ننصح به إلا بعد أن تكون الأعراض مستمرة على الأقل لمدة شهر، وتكون أعراضا مطبقة وشديدة وواضحة.
مع احترامي الشديد للطبيب الذي نصحك بالعلاج، أعتقد أن هدفه كان ألا يتطور الأمر ولا يتحول إلى اكتئاب، لأن جرعة الخمسة مليجرام من الاسيتالوبرام هي جرعة صغيرة جدا، هي جرعة وقائية أكثر مما هي جرعة علاجية.
عموما أنت ستستفيد لو انتهجت منهج التفاؤل وتحقير الفكر السلبي، وكذلك المشاعر السلبية، ونظمت حياتك، وجعلت نمط حياتك أكثر حيوية وأكثر نشاطا، وهنالك آليات بسيطة جدا تحسن المزاج عند الإنسان، وتزيل إن شاء الله موضوع اللامبالاة، وتجعل مشاعرك منضبطة وجيدة، وكذلك أفعالك وأفكارك.
من الأشياء المهمة جدا هي أن تمارس الرياضة، الرياضة مهمة جدا، وأن تتجنب النوم النهاري، وأن تتجنب السهر أيضا، حيث إن النوم الليلي المبكر يجدد الطاقات بشكل فاعل جدا، وينظم كيمياء الدماغ، ويستيقظ الإنسان نشطا، ويبدأ يومه بصلاة الفجر، وهذه بداية عظيمة جدا.
أنصحك – أخي الكريم – أيضا أن ترفه عن نفسك بما هو طيب وجميل، وأن تتواصل اجتماعيا، وعليك بالدعاء، فالدعاء – أخي الكريم – يزيل الكرب، ولا يرد القضاء إلا الدعاء، والدعاء هو العبادة، والدعاء والقضاء يعتلجان (يتصارعان)، قال صلى الله عليه وسلم: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن الدعاء والبلاء ليعتلجان إلى يوم القيامة)، أنا أعتقد هذا هو الذي تحتاجه وليس أكثر من ذلك.
الفكر السلبي يمكن أن نتخلص منه من خلال الإصرار على فعل ما هو إيجابي، والإصرار على الفكر الإيجابي والمشاعر الإيجابية، حيث إن المشاعر الإيجابية تصنع، وكذلك السعادة تصنع، ولا تأتي تلقائيا، الإنسان لا بد أن تكون لديه الدافعية لأن يكون إيجابيا، إيجابيا من ناحية الشعور والفكر والأفعال كما ذكرنا.
أنا أعتقد أن الذي أصابك هو -إن شاء الله- أمر عارض، وباتباع منهجية أكثر إيجابية في الحياة، وأن تجعل نمط الحياة أكثر تفاؤلا؛ أعتقد أن ذلك سيجعلك تعيش في توازن وجداني إيجابي إن شاء الله، ومن خلال ذلك تستشعر قيمة الحياة وجمالها.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.