السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا أعرف من أين أبدأ، لكني شخص بعمر 17 سنة، أصلي وأقرأ القرآن، الحمد لله.
قبل ثلاثة شهور إلى أربعة بدأت أعاني من وسواس لا أعلم إذا هو وسواس الموت أو غيره، لكنه يجعلني أعاني من توتر وقلق عندما أسمع شيئا متعلقا بالموت وما يخصه، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، لدرجة حصل لي خفقان بالقلب عدة مرات، قد تكون أقل من خمس مرات.
هذا الوسواس يجعلني أراقب نبضات قلبي في أكثر الأوقات، وغالبا عندما أشعر أن هناك وخزات في صدري، وهذا الشيء يجعلني أوسوس في نفسي أنه ستحدث لي ذبحة صدرية أو نوبة قلبية، قبل شهر إلى شهرين ذهبت إلى طبيب قلب وعملت اختبار تخطيط القلب، واختبار ECO وكان قلبي سليما تماما، ونصحني بأخذ دواء propranolol والمعروف ب انديرال ، لكنه لم يخبرني بمخاطر هذا الدواء إذا تركته.
من أبرز مخاطر تركه اضطراب دقات القلب، وهذا الذي حدث لي فعلا، من زيادة الآلام الصدرية، واضطراب عندما حاولت تركه، مما زاد من وسواسي أكثر وأكثر، وعدت لشربه.
لذلك هل هناك طريقة أستطيع أن أترك فيها هذا الدواء؟ بفترتي الأخيرة بدأت أتقبل أفكار الموت وأنه مصير لا يستطيع أحد الفرار منه، لكن عندما تحدث لي وخزات أو آلام صدرية أبدأ بالعودة على ما كنت عليه بالسابق، وكأنه لم يتغير شيء.
هذا كل ما عندي، وأتمنى أن تساعدوني ولو بنصيحة.
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء.
أيها الابن الفاضل: هذه الأعراض أعراض نفسية مائة بالمائة، والذي حدث لك نسميه بقلق المخاوف البسيط ذي الطابع الوسواسي البسيط أيضا، ويعرف عن هذه المخاوف أنها منتشرة جدا، وغالبا تكون قد بدأت بشيء من نوبات الهرع أو الهلع، والذي يظهر في شكل تسارع في ضربات القلب، وبعض الناس يأتيه الشعور بقرب المنية، ويصبح الإنسان مشغولا وموسوسا حول الموت.
الأعراض الجسدية هذه منشأها نفسي، لذا يمكن أن نسمي هذه الحالات أيضا أنها (نفسوجسدية)، وهذه الحالات قد يكون لها أسباب، لكن في معظم الحالات لا توجد أسباب.
بعض الناس يتأثرون مثلا بالوفيات التي تحدث لمعارفهم، أو يقرؤون كثيرا عن الأمراض، خاصة أمراض القلب والسرطان، وما شابه ذلك، وهؤلاء تتجسد إليهم هذه المخاوف، كما أن شخصياتهم غالبا من الطابع الحساس، أو الذين لديهم ميول للوسوسة.
عموما أنت أجريت كل الفحوصات الطبية، والتي أصلا لم يكن هنالك داعي لها، كان أعرف أنك لن تطمئن إذا لم تقم بها، فأرجو أن تكون هذه الفحوصات سببا لإقناعك قناعة تامة أن حالتك هذه لا علاقة لها بأمراض القلب، وهي ليست حالة عضوية، إنما هي حالة نفسية، أو نسميها بـ (ظاهرة نفسية)، حتى نكون أكثر دقة، يعني لم تصل لمرحلة مرضية.
أهم طرق العلاج هي: صرف الانتباه، وعدم التركيز عليها، وتجاهلها، وأن تطبق تمارين الاسترخاء، فائدتها كبيرة جدا، توجد برامج كثيرة على اليوتيوب توضح كيفية تطبيق هذه التمارين الاسترخائية، فأرجو أن تطبق هذه التمارين.
كما أرجو أن تمارس الرياضة، الرياضة مفيدة جدا للقضاء على هذه الأعراض، حيث إن النغزات التي تحس بها في الصدر مثلا سببها التوتر النفسي الذي يؤدي إلى توتر عضلي، وأكثر عضلات الجسم تأثرا هي عضلات الصدر لذا تحس بهذه النغزات. فإذا حين تمارس الرياضة والتمارين الاسترخائية قطعا ذلك سوف يقلل من هذه الظاهرة، ظاهرة الألم أو النغزات في الصدر أو أي شيء في الجسم.
أريدك أن تتجنب الفراغ، وأن تشغل نفسك بما هو مهم، في دراستك، في تواصلك الاجتماعي، وأيضا الصلاة في وقتها، والدعاء، والأذكار، وقراءة القرآن تبعث طمأنينة كبيرة في النفس. بر الوالدين فيه خير كثير لك، فأرجو أن تجتهد في كل هذه الأشياء لتصرف انتباهك عن هذه الظواهر.
أنا أنصحك أيضا أن تذهب إلى الطبيب – طبيب الأسرة أو طبيب الباطنة – مرة كل ستة أشهر – أي مرتين في السنة – وذلك لإجراء الفحوصات الروتينية، هنا تشعر أيضا بالطمأنينة، وأنك لست في حاجة لهذه المخاوف أو التنقل بين الأطباء والعيادات.
الدواء: الإندرال – والذي يسمى بروبرالانول – فعلا هو دواء جيد، لكن أنت لا تحتاجه بجرعة كبيرة، عشرة مليجرام صباحا ومساء لمدة شهر مثلا من الآن، ثم اجعلها عشرة مليجرام يوميا في الصباح لمدة شهرين، ثم عشرة مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناوله.
هذه الطريقة الصحيحة لتناول الإندرال، وأنا أؤكد لك أن الإندرال حتى جرعة أربعين مليجراما في اليوم ليست له أي آثار سلبية على القلبية، إنما هي آثار إيجابية.
هنالك دواء آخر تحتاج له يسمى علميا (اسيتالوبرام)، تتناوله بجرعة خمسة مليجرام فقط – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – تناولها يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناوله، الاسيتالوبرام من الأدوية السليمة جدا والفاعلة وغير الإدمانية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.