كيف أستقيم على الدين في وسط مجتمع بعيد عنه؟

0 26

السؤال

السلام عليكم.

سؤالي هو: ماذا يفعل الشخص الذي مجتمعه أو منطقته وجامعته التى يدرس فيها مليئة بالفاسقين والمدمنين؟ كيف يتعامل معهم؟ وكيف يقي نفسه من شرهم؟ وأنتم تعلمون أن من يتوب ويلتزم في هذا الزمن يعتبر منافقا أو ضعيفا ويتعرض للمضايقة، خاصة في وسط الشباب.

مع نقص الثقة الاجتماعية بين الناس لا أجد صديقا ولا جارا يتبادلان الثقة والمحبة، فأجد نفسي وحيدا أصارع البشر، والشيطان والنفس، وهذا ما أجهدني كثيرا، فلا أريد أن أكون مسلما اسما فقط، بل أريد أن أكون محسنا، مع العلم أنني أفرط في الصلاة وأعود إليها.

فهذا المجتمع الذي نشأت فيه لم يكن جميلا إطلاقا، بل كل شخص يخاف من عين جاره وحسده وغيره، كأن المجتمع انقلب رأسا على عقب، أكاد أقسم لك أن كل الشباب الذين أخالطهم يدعون الفسق والشر، حتى البعض الذين يصلون ويدعون الدين تجدهم يحترفون البغض والنميمة، فما سبل التعامل؟ وهل من العيب اعتزال هذا المجتمع، وكيف أقي نفسي خاصة في الوسط الجامعي؟

أتمنى أنكم فهمتموني، وآسف على الإطالة، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ زكريا حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابننا الكريم- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يثبتك، وأن يهديك لأحسن الأخلاق والأعمال، وأن يقر أعيننا بصلاح الأجيال، وأن يلهمنا جميعا السداد والرشاد.

لا شك أن وجود الإنسان في بيئة فيها المعاصي من الأمور الخطيرة بالنسبة للإنسان، ولكن هذا لا يعني أن يستسلم الإنسان، فإن عليك أن تجتهد في أن تطيع الله تبارك وتعالى، واشغل نفسك بما يرضيه، وابحث عن الأخيار؛ فلا بد أن تجد الأخيار، فإن لم تجد فاجعل كتاب الله جليسا، واجتهد في دراستك، وتمسك بما يرضي الله تبارك وتعالى حتى لو كنت وحدك، فلا تغرنك كثرة الهالكين، وسر على طريق الخير، ولا تستوحش قلة السالكين.

واعلم أن الإنسان أصلا في صراع مع شياطين الإنس، مع الشيطان ومع النفس الأمارة بالسوء، ومع الهوى، يعني هناك أشياء تنازع هذا الإنسان، ومن هنا تأتي حلاوة الطاعة، وهي أن ينتصر الإنسان على هؤلاء الجنود من الشر جميعا، ثم يجتهد فيما يرضي الله تبارك وتعالى.

وأرجو أن تعلم أن المحافظة على الصلاة هو أقوى الأسلحة التي ينبغي أن تدخل بها هذه المعركة، معركة المجتمع المليء بالغفلة ومليء بما يغضب الله تبارك وتعالى، فمحافظتك على الصلاة هي الأساس؛ لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، والمجتمع الذي كنت فيه مهما كان ومهما تكلمت عنه فإن فيه أخيار، ابحث عنهم، واجتهد في أن تكون أنت أيضا عامل خير وعامل بناء، فإن المؤمن كالمصباح، المصباح لا يقول: (ما بال الدنيا مظلمة)، ولكن حسب المصباح أن يقول (ها أنا ذا مضيء)، ولأن تضيء شمعة خير من أن تلعن الظلام، ولا تلتفت إلى نظرة الناس، واجعل همك إرضاء رب الناس سبحانه وتعالى.

واعلم أن من يظن أن الذي في الطاعة هو الضعيف؛ هذا هو الضعيف، لأن الذي يطيع الله انتصر على نفسه وانتصر على الأجناد الذين ذكرتهم، وأطاع الله تبارك وتعالى، فهذا هو الذي فعلا يثبت أنه شجاع، يثبت أن له عزيمة، له إرادة.

وانتبه في الوسط الجامعي لدراستك، وكن قريبا من المدرسين والدكاترة الذين هم قدوة، واشغل نفسك بما يفيدك في المستقبل، ونسأل الله لنا ولك التوفيق، ونؤكد لك المرة بعد المرة أنك ستجد أخيارا في كل مكان، فالخير باق في أمة النبي عليه صلاة الله وسلامه، فابحث عن الأخيار وكن معهم، ونسأل الله لكم جميعا الثبات والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات