السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم وأقدم اعتذاري لطول استشارتي.
أنا شاب ٣٠ سنة، من فضل الله متزوج وعندي بنت، تعرضت عام ٢٠١٠م لوعكة صحية ذهبت على إثرها لأربعة أطباء، وكان كل منهم يؤكد سلامتي الصحية، ولكن حالتي ساءت إلى أن من الله علي بطبيب وتوصل إلى أنه تيفوئيد، وذلك قبل أن تسوء حالتي، وأوصى بي مدير المستشفى إلى العناية المركزة، وقاموا بعمل رسم قلب.
الحمد لله تماثلت للشفاء، وحدث بعد ذلك دخولي في حالة انطواء، وعدم نوم، وعدم أكل، ونصحني الأطباء بالذهاب لطبيب نفسي، الأمر الذي حدث بعد رفض مني سابقا، ولكني اضطررت لعدم النوم أو الأكل، فصرح الطبيب أنه اكتئاب، ووصف لي ريستولام وفيلوزاك، ومن فضل الله تحسنت حالتي واستمريت ليومنا هذا، كل عام يصيبني عرض خفيف ويذهب تلقائيا، إلا أنه في أيام كورونا ساءت حالتي وأحسست برغبتي في البكاء.
أصابني قلق وتوتر واضطراب قولون ورعشة أطراف، وبرودة غير مبررة، وعدم رغبة ملحة في التواصل الجنسي، فهرعت للطبيب النفسي الذي وصف لي (اولازين وإستيكان واكتينون)، الأمر الذي لم يساعد إلا على النوم، وأنا أعمل في إحدى الدول العربية، وزادت الأعراض هذه الأيام من خوف وقلق غير مبرر، وعزوف عن الأكل وبرودة أطراف، ورعشة، وإسهال، وتقلصات وغازات بالبطن، ولكن من فضل الله أنام مبكرا وبشكل ممتاز -إلا نادرا- أحتاج لنصف حبة ريستولام للمساعدة على النوم.
أرجو إفادتي لأني أعيش في حالة صعبة، ولله الحمد في السراء والضراء، شكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
أخي: أنت أصبت بحالة قلقية اكتئابية، وذلك بعد العلاج من التيفويد، ويعرف أن فترة ما بعد التيفويد والعلاج منه أن نحو خمسين بالمائة (50%) من الناس قد يدخلون في موجات اكتئابية، ويحدث لهم أيضا شيء من المخاوف والتوترات والوسوسة.
هذه الحالات معروفة جدا، وتقريبا هذا هو الذي حدث لك، وطبعا لا بد أن يكون لديك القابلية والاستعداد أصلا للتغيرات النفسية، يعني: التركيبة النفسية لشخصك الكريم، وربما لديك بعض الجينات أو المورثات التي جعلتك قابلا للاكتئاب النفسي حين توفرت الظروف البيئية – وهي الإصابة بالتيفويد.
الآن طبعا خلال جائحة الكورونا هذه شاهدنا عددا كبيرا جدا من الناس الذي أصابهم الخوف والقلق والتوتر والوسوسة، وحتى الخوف من الموت أصبح ظاهرة نشاهدها لدى بعض الذين يرتادون عياداتنا، نسأل الله تعالى أن يزيل هذه الجائحة وأن يرفع هذا البلاء عن البلاد والعباد.
أخي الكريم: إذا حالتك مرتبطة تماما بالظروف الحياتية والأحداث الحياتية الكبيرة، وأنا لا أريدك أبدا أن تنظر لهذه الجائحة أو غيرها على نطاق شخصي فقط، لا، هي علة عامة أصابت الكثير والكثير من الناس، ونسأل الله أن يحفظك، واتخذ التحوطات الطبية اللازمة.
بجانب العلاج الدوائي - والذي سأحدثك عنه – أريدك أن تكون إيجابيا في تفكيرك، دائما التفكير السلبي هو الذي يؤدي إلى اضطرابات المزاج وعسره وإدخال الناس في الوسوسة والخوف والاكتئاب، فكن إيجابيا في أفكارك، وفي مشاعرك، وعليك أن تحسن إدارة وقتك، تتجنب السهر، واحرص على النوم الليلي المبكر، لتؤدي صلاة الفجر في وقتها، وتمارس الرياضة، تتواصل اجتماعيا، وتجيد عملك ... هذه كلها اشتراطات وأنشطة حياتية ضرورية، ليتطور الإنسان بصحته النفسية ويتخلص من حالات التوتر والقلق والاكتئاب.
إذا نمط الحياة مع التفكير الإيجابي، والعيش دائما على الأمل والرجاء والتوكل على الله بصورة مطلقة، والسعي لما هو إيجابي وجيد، هذه الوسائل العلاجية السلوكية الإرشادية التي أنصحك بها.
بالنسبة للعلاج الدوائي: العلاج الدوائي هو مكمل، وهو ضروري بالفعل، أنا أرى أن عقار (سيرترالين) والذي يسمى تجاريا (زولفت) أو (لوسترال) وربما تجده تحت مسميات تجارية أخرى، هو الدواء المناسب جدا لحالتك كبديل لعقار (فلوزاك)، وعملية الاستبدال سهلة جدا، كل عشرين مليجراما من الفلوزاك تعادل خمسين مليجراما من السيرترالين، والفلوزاك يمكن التوقف عنه مباشرة دون أي إشكالية، لأنه دواء يملك إفرازات ثانوية، لذا ليس لديه آثار انسحابية.
يمكنك أن تتوقف من الفلوزاك اليوم، وإذا كنت تتناول كبسولة واحدة مثلا عشرين مليجراما، وتبدأ في ذات الوقت في تناول السيرترالين بجرعة نصف حبة يوميا – أي خمسة وعشرين مليجراما – وبعد عشرة أيام تجعلها حبة كاملة (خمسين مليجراما)، وبعد شهر يمكن أن تجعلها حبتين – أي مائة مليجرام – هذا هو العلاج الأمثل بالنسبة لك.
تدعم السيرترالين بعقار (دوجماتيل) والذي يسمى علميا (سولبرايد)، هو ممتاز جدا للأعراض النفسوجسدية المتعلقة بالقلق والجهاز الهضمي، والجرعة هي خمسين مليجراما يوميا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.