كيف أبر أمي رغم اختلاف طباعنا؟

0 18

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أتمنى أن ترشدوني في حل مشكلتي، نحن ثلاث أخوات، أصغرنا تبلغ من العمر 14 عاما، وأخرى في الابتدائي، نتقاسم أعمال البيت، حيث في كل يوم تقوم إحدانا بإحدى المهمات التالية (غسل المواعين، ترتيب البيت والكنس، وتنظيف الحمامات) وأمي تجهز الغداء، ونحن مسؤولون عن العشاء وأحيانا الفطور.

المشكلة تتمثل في عصبية أمي حول أداء أعمال البيت، فهي تريد أن يكون المنزل دائما مرتبا ونظيفا، ونحن من النوع المسوف، ولذا فأكثر مشاجراتنا حول الأعمال المنزلية، وأحيانا حول الأكل، فمثلا عندما أريد طبخ شيء معين لا تسمح لي -رغم وجوده- وعندما أحاول مناقشتها تغضب، وكذلك أحيانا نقوم بأشياء عن غير قصد وتغضب، وعندما أحاول شرح الموقف ينتهي الأمر باستيائها من تصرفاتنا، وتقول: أنتم لا تشعرون بي، أو لن ترتاحوا أو تعقلوا إلا بعد فوات الأوان، أي عندما تموت لا قدر الله.

أنا أتفهم أنها مريضة، وعليها الكثير من المسؤوليات، كالاهتمام بصحة أبي المصاب بالسكري، وصحتها أيضا، فهي تعاني من ألم في رقبتها وكتفها، ولكن حقا لا أعرف كيف أتصرف معها، فهي من النوع الحساس، وتهتم لكلام الناس، وأنا عكسها تماما.

لذا سؤالي هو: هل غضب الأم حول الأعمال المنزلية يعتبر عقوقا؟ وهل يجب أن أتوقف عن مجادلتها؟ وكيف أبرها ؟ علما أني أكبر أخواتي، وأحب أمي كثيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ فتاة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك بنتنا الفاضلة، ونشكر لك الاهتمام بأمر الوالدة والسعي في برها، ونسأل الله أن يرزقنا جميعا البر والإحسان لآبائنا وأمهاتنا في حياتهم وبعد مماتهم، فالإنسان لا يملك أغلى منهم بعد إيمانه بالله العظيم، نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

حقيقة أول ما نطالبك به – وهو من البر – إيقاف الجدال مع الوالدة، خاصة إذا علمت أن الجدال يزيد من غضبها ويزيد من توترها، وأصلا نحن لا نريد الجدال مع الوالد أو الوالدة، حتى لو قالوا كلاما في غير مكانه، فينبغي أن نحسن الاستماع ثم ننصرف للبر، فإن الصبر على الوالد والصبر على الوالدة هو باب من أبواب البر بهم، والبر عبادة ينبغي أن نطلب منها رضا الله تبارك وتعالى.

ومعلوم أن البيت الذي فيه إخوة وأخوات توجد مثل هذه الاحتكاكات، وهي من الأمور الطبيعية، ولكن أرجو ألا نتمادى فيها، وأرجو أن تراعي أنت - ويظهر أنك الكبرى – رضا الوالدة، فلا تحتكي مع إخوانك، ولا تفعلي الأشياء التي تعلمي سلفا أن الوالدة لا ترضاها، لأن هذا هو الممنوع، لكن إذا فعلت شيئا، إذا سقط منك شيئا وغضبت الوالدة فهنا ينبغي ألا تجادلي، وتجتهدي في إرضائها، أو على الأقل تجتهدي في السكوت حتى تهدأ الوالدة. وإذا هدأت الوالدة يمكن أن تعتذري لها، أو تقدمي لها صنوفا من البر والمعروف والاهتمام بها.

وأعتقد أن إرضاء الوالدة من الأمور السهلة جدا إذا نحن راعينا هذه الأشياء، فعليك أولا بسؤال الله التوفيق، وأن يعينك على البر.

الأمر الثاني: تفادي ما يغضب الوالدة، ولا شك أن ما يغضب الوالدة الاحتكاكات الحاصلة بين الإخوة داخل البيت، فاحرصي على أن تفعلي ما ترضاه الوالدة وما تريده بدون جدال.

اجتهدي كذلك أيضا في أن يكون البيت مرتبا، وأنت لك دور في تنبيه إخوانك وفي دعوتهم، وأن تتفاكروا فيما بينكم كيف نرضي الوالدة، كيف نساعدها على المهام الكبرى، كيف نساعدها في الإشراف على الوالد، اجعلوا هذا هم منكم، ولا تقفي طويلا عند كلامها واستيائها، فإن الأمراض والمهام تجعل الإنسان بالطريقة المذكورة، ولكن المهم هو ألا تفعلوا أشياء أنتم تعلموا أنها تزعج الوالدة.

نكرر لك الشكر على هذا السؤال الرائع، وأنت أعرف الناس بالأشياء التي تفرح لها الوالدة وترضى لها الوالدة، فأكثري منها، وإذا حصل أنها غضبت فاجتهدي في إرضائها، واعلمي أن الله تبارك وتعالى يعلم ما في نفوسنا من البر والخير، ويحاسبنا على ما لا يخفى عليه سبحانه وتعالى، وهو القائل: {ربكم أعلم بما في نفوسكم} يعني من البر والإحسان والإخلاص، {إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا}، ومعنى هذا الكلام: لو قام الإنسان بما عليه وغضبت الوالدة فلا شيء عليه، أو غضب الوالد فلا شيء عليه، المهم أن نقوم بما هو واجب علينا من الناحية الشرعية.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات