السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لا أريد أن أسميها مشكلة؛ لأن الله أعانني عليها في السابق، فلقد حاولت مع زوجي في بداية زواجنا على التخلص منها واستطاع زوجي الإقلاع عنها والحمد لله، ولكن عندما نذهب إلى أحد الأقارب ويكون من المدخنين فإنه يخجله بأن يدخن سيجارة واحدة، وعلى هذه الحال إلى أن أصبح هو يخجل لماذا لا يوجد معه دخان؟ وعاد مرة أخرى له، ولكن ليس بكثرة، وهو لا يدخن بالبيت احتراما منه لنا، وحتى لا يؤذينا، حاولت أن أذكره بأن التدخين حرام ومضر، ورسولنا قال (لا ضرر ولا ضرار)، فيعلق بأنه لا يوجد في القرآن ما يحرمه، ولا أقول لكم: إنه غير ملتزم، فهو من الملتزمين والحمد لله، وقد حج بيت الله، إني أريد نصيحتكم لي وله.
والسلام عليكم ورحمة الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم راما حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،
أختنا الفاضلة! نسأل الله أن يصلح هذا الزوج، وأن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه، وسوف يعينك الله بحوله وقوته على كل خير.
فإنه من سعادة الرجل أن يجد زوجة تعينه على الخير، والمرأة أكثر من تستطيع التأثير على الزوج والأخذ بيده إلى المعالي ((والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم))[التوبة:71] وللزوجة وسائل عديدة وأسلحة كثيرة تؤثر بها على الزوج إذا أحسنت استخدام تلك الوسائل، واختارت الأوقات المناسبة للنصح وإبداء الملاحظات، وهذا الرجل فيه خير كثير، ومن ذلك أنه يسمع الكلام ويحترم مشاعرك، ويشفق على أولاده، ولذلك لا يدخن في داخل المنزل.
فاجعلي المنزل بيئة جاذبة له، واجتهدي في عزله عن أصدقاء المعصية من المدخنين وغيرهم، فالذي يبتلى بالدخان ثم يتوب لابد أن يسارع في البحث عن الأخيار؛ لأن رائحة الدخان بل والجلوس مع المدخنين يجدد عنده مشاعر العودة إلى الماضي المظلم، وهو بذلك مدخن سالب لا يقل الضرر الذي يلحقه عن المدخن نفسه .
والدخان معصية ومخالفة تضر بالصحة والمال، وتوصل إلى هلاك النفوس، والله يقول: ((ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة))[البقرة:195] ويقول سبحانه: ((ولا تقتلوا أنفسكم))[النساء:29] والنبي صلى الله عليه وسلم بعث في الناس يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث، ويعترف المدخن قبل غيره أن التدخين من الخبائث، ولا يشك في حرمة الدخان عاقل، وقد اعترف بضرره الأطباء من مسلمين وكفار، وطالب الأطباء حتى في البلاد الغربية بمطاردة المدخنين ووضعهم في لائحة المخدرات الممنوعة، وعندما يعرف الإنسان المكونات التي تتألف منها السيجارة ويرى الآثار المترتبة على شرب الدخان، وعدد الضحايا من مرض السرطانات والالتهابات لا يملك إلا أن يقر بعظمة هذه الشريعة التي رفعت الضرر والضرار، والإسلام ينهى عن كل مخدر ومفتر، ويحرم كل شيء يضر بالنفس والعقل والنسل والمال، وقبل ذلك كل ما يضر بالدين، والأضرار متحققة في الدخان الذي يدخل تكوينه مبيدات حشرية ومواد مخدرة وسموم كثيرة، نسأل الله العافية.
ذكريه بأن المسلم لا يجوز أن يكون أسيرا لسيجارة لا يستطيع أن يتخلى عنها، وليس عيبا أن يترك الإنسان التدخين، بل العيب والعار في المعاصي، وخير للإنسان أن يكون قدوة في الخير لا رأسا في الشر، ولا يكن أحدنا إمعة يقول: أنا مع الناس إن أحسنوا أحسنت وإن أساءوا شاركت في الإساءة، بل المسلم يحسن إذا أحسن الناس لا أجل إحسانهم ولكن لأن الله أمر بالإحسان، ويتجنب الإساءة ليس لأجل الناس ولكن لأن الله أمرنا بالابتعاد عن السوء والشر، ولا شخصية لمن يساير الموضة ويركب الموجة، وعيإذن بالله من أن نكون ممن قالوا: ((وكنا نخوض مع الخائضين))[المدثر:45].
نسأل الله أن يصلح المسلمين والمسلمات، وأن يرزقنا الثبات والسداد، وبالله التوفيق.