السؤال
أرجو من حضرتكم مساعدتي في إعداد بحث عن قيام الليل، وأريد بالأخص مساعدتي في فصل أريد كتابته عن قيام الليل وارتباطه الإيماني والتربوي بالفرد والمجتمع.
أريد من حضرتكم مساعدتي على ماذا يمكن أن يتضمن هذا المبحث؟ وكيف أربط قيام الليل بالواقع الذي نعيشه؟
أرجو أن تجاوبوني في أقرب وقت.
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت العزيزة/ Abeer حفظها الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فنسأل الله العظيم أن يحفظك ويسدد خطاك، وأن يلهمك الرشد وينفع بك بلاده والعباد.
فقد أسعدني أن يكون السؤال عن الكتابة في موضوع قيام الليل من فتاة من فلسطين، وبقيام الليل وصيام النهار يرتفع الإيمان فيقترب موعد النصر ويندحر أولياء الشيطان، كما أن العلاقة وثيقة بين المهام الكبيرة المطلوبة من المسلمين والمسلمات وبين والإعداد العظيم والتكاليف الشاقة؛ ولذلك كان رسولنا والصحابة ومطالبين في أيام المحن والابتلاء في مكة بطول القيام والتوجه لرب الأرض والسماء، وقد قال ربنا لرسوله صلى الله عليه وسلم: (( قم الليل إلا قليلا * نصفه أو انقص منه قليلا * أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا ))[المزمل:2-4]^، لماذا كل هذا؟ (( إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا ))[المزمل:5]^ فلابد من إعداد جيل النصر بالقيام والصيام وحب رب الأنام والتأسي برسل الله الكرام.
ولا شك أن التربية الروحية كانت عميقة ومكثفة في الفترة المكية وهي التي أعانتهم بعد توفيق الله على الصبر والثبات، فإن حلاوة الإيمان ولذة الثواب تنسي الآلام، قال تعالى: (( إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك ... ))[المزمل:20]^، وقد صبر الصحابة وصابرو وسجدوا لله وركعوا حتى تكسرت إرادة الكافرين أمام صبرهم وتحملهم فأيقنوا أن الدين الذي يضحى من أجله دين حق لا يهزم، فكان ذلك سببا لإسلام بعض الكافرين.
ولابد للمربين والباحثين من الاهتمام بالتربية والتزكية حتى نـتأهل لنصر الله وتأييده، فنحن أمة تنتصر بطاعتها لله، أمة كان قائد الجيش يسأل قبل المعركة عن محمد بن واسع فقيل له: ها هو ذا يصلي ويرفع أصبعه للسماء، فقال القائد العظيم: (والذي نفسي بيده لتلك أصبع أحب إلي من ألف فارس لأنها أصبع عرفت من أين يأتي النصر).
ومن الضروري أن يشتمل البحث على مقدمة تشتمل على سبب اختيار الموضوع وأهميته وموقعه من الكتابات السابقة في هذا الجانب وهدف الباحثة والإضافة التي تريد إبرازها، وقد أحسنت بمحاولة الربط بين قيام الليل والواقع والبحث عن آثار القيام على الأفراد والمجتمعات.
كما أرجو أن يشتمل البحث على أهمية المحافظة على الفرائض لأنه ما تقرب العباد إلى الله بمثلها، ثم بيان لمنزلة النوافل وخاصة قيام الليل الذي هو دأب الصالحين والصالحات، وبيان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في القيام وإيضاح أحكامه ووقته وعرض نماذج من حياة السلف، والإشارة إلى أفضل القيام.
ولا شك أن لقيام الليل ثمرات عظيمة مثل الإخلاص لله وللإخلاص آثاره العظيمة على حياة المسلم فهو درة الأعمال وشرط القبول، وبالإخلاص يتحقق النصر وبالإخلاص يعان الإنسان على الاستمرار على الطاعات؛ فإنه ما كان لله دام واتصل وما كان لغير الله انفصل وانقطع، ومن ثمرات القيام الصدق مع الله، ومن ثمرات القيام إجابة الدعاء فإن رب العزة والجلال يقول في الثلث الأخير هل من داع فاستجيب له هل من مستغفر فأغفر له؟ وذلك في كل ليلة.
ولأهل القيام نور في وجوههم وانشراح في صدورهم، وقد قيل للحسن البصري ما بال وجوه أهل الليل مشرقة فقال لأنهم خلوا بربهم فكساهم من نوره، واختفوا من الناس فأعطاهم الله ثوابا لا يعلمه إلا هو فقال سبحانه: (( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ))[السجدة:17]^.
ولاشك أن الاهتمام بالقيام يقلل من هذا الركض خلف الدنيا والانشغال بشهواتها، وهذا زمان نحن نحتاج فيه إلى تزكية النفس وإبعادها عن الماديات البحتة التي ملأت القلوب بالقسوة، وملأت النفوس بالقلق والاضطراب والضيق والاكتئاب.
وفي القيام فوائد صحية ورياضة للمفاصل وهضم للغذاء وغذاء للأرواح، ولا يخفى على أمثالك ما في القيام لله والسجود له من طمأنينة وسعادة لا يعرف قيمتها إلا من ذاقها، ولا يمكن للكلمات أن تحيط بتلك المعاني الجميلة والآثار النبيلة.
ونسأل الله أن يجعلنا من أهل الصيام والقيام وأن يحشرنا في زمرة رسولنا خير الأنام.
والله ولي التوفيق والسداد.