السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
أريد الاستفسار في ظل هذا الوضع العالمي، حيث يمكن للطلاب الغش بسهولة، وجلب علامات عالية، أنا لم أقم بهذا حتى الآن، ولكن كثيرا ما تأتي هذه الأفكار، وزادت الآن، خصوصا أني لم أدرس جيدا إحدى المواد ورسبت فيها بسببب عارض نفسي، منعني من الدراسة.
بعد انتهاء اختبارت منتصف الشهر لم آت بالعلامة الجيدة، على الرغم من دراستي بجدية ورغبتي بجلب الامتياز، ولكني كنت راضية.
الآن لا أستطيع إخبار أمي أو أبي، حيث سيبدؤون بالقلق جدا، ويمكن هناك طريقة للتخلص من هذا الرسوب من خلال أحد يتوسط في الجامعة.
لا أعلم إذا كان سيجدي حتما أم لا؟! ولكن المصيبة الأكبر هي رغبتي بترك كل شيء واللامبالاة القاتلة، فماذا أفعل؟ هل أجعل أحدا يتوسط للعلامة أم لا؟ وماذا أعمل مع اللامبالاة والرغبة بالنجاح السهل بدون تعب؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شذى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك - بنتنا الفاضلة - في الموقع، ونشكر لك هذا السؤال الرائع، ونحن سعداء لأنك حاولت أن تسألي وتتواصلي مع موقع شرعي قبل أن تقدمي على هذا العمل، فتجنبي الكذب والغش، حتى لو غش جميع الناس، وكوني أنت على الصدق، فلا تغتري بكثرة الهالكين، واصبري على طريق الصدق والجد والاجتهاد والتوكل على الله تبارك وتعالى، ولا توحشنك قلة السالكين.
أرجو أن تستمري على ما أنت عليه من الجد والحرص والخير، وبالنسبة للجامعة لا مانع أن تكتبي خطابا رسميا بأنك كنت مريضة وأنك كنت كذا، يعني: هذه شفاعتك تقدمينها كغيرك، أما أن يدخل من يتوسط ليعدل الدرجة أو يغيرها فلا، وأسوأ من ذلك التفكير في أن تقومي بالغش، أو استخدام أشياء ووسائل غير صحيحة للوصول إلى درجات عالية فلا، واعلمي أن الإنسان الذي يصل إلى الدرجات بطرق غير مشروعة لا ينجح في حياته، بل ستأتيه إشكالات كثيرة جدا، الشيطان الذي يدعوه إلى الغش هو الشيطان الذي يقول: "كيف أنت هنا؟ راتبك ليس بحلال، لماذا فعلت كذا".
تعوذي بالله من شيطان لا يريد لك الخير، واجتهدي، واعلمي أن اجتهادك هو الذي سيسر الوالدين، ونحن علينا أن نسعى، وليس علينا إدراك النجاح، وأرجو أن يعلم الوالد والوالدة أن المطلوب هو الاجتهاد، ولكن أن تصلي لمرحلة اللامبالاة وعدم الاهتمام هذا غير صحيح، فالذي حدث ينبغي أن يكون دافعا لك إلى مزيد من الاجتهاد، ومزيد من التميز، ومزيد من الحرص، فالإنسان عليه أن يفعل الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب.
من أهم وأكبر أسباب النجاح بذل المجهود مستعينة بالله تبارك وتعالى، وتنظيم وقت المذاكرة، والتواصل مع المعلمين أو المعلمات لمعرفة النقاط المهمة، وحضور المحاضرات حتى ولو كانت متابعة غير مباشرة، من البعد. أيضا هناك فرق كبير بين الحريص الذي يتابع ويسأل ويعيد الدرس ويراجع، وبين الآخر الذي يقابل الأمور بلا مبالاة.
تعوذي بالله أولا من شيطان يريد لك أن تدخلي في عالم الغش، وتعوذي بالله أيضا من شيطان يريد أن يوصلك إلى اللامبالاة، ويبعدك عن الجد والاجتهاد، وهذا طبعا سيجعلك في الأخير تتخذين وسائل غير صحيحة.
استمري على ما أنت عليه من الجد والحرص، وكوني على الطريق الصحيح حتى ولو أخطأ غيرك، حتى لو حاول الناس أن يغشوا أو يكذبوا أو يخدعوا، فلا تدخلي في هذا السبيل، وقد قال النبي (ﷺ): (لا تكونوا إمعة، تقولون: إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم، إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساءوا فلا تظلموا).
اعلمي أن المؤمنة لا تكذب، وأن النبي (ﷺ) كان إذا علم من إنسان كذب لا يقبل عليه حتى يعلم أنه أحدث توبة، ولأن النبي (ﷺ) كان يكره الكذب، والكذب من أكبر وأسوأ الصفات التي يمكن أن يتصف بها الإنسان.
الذين ينجحون بالطريقة المذكورة – طريقة الكذب والغش والاحتيال والوساطات واللعب بالدرجات – هؤلاء لن ينجحوا في حياتهم، ولن يفلحوا في حياتهم، ولن يكونوا واثقين من أنفسهم حتى لو نالوا المناصب والدرجات.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.