السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالب، في السنة الثانية في كلية الهندسة، وأنا من الطلاب الثلاثة الأوائل، عند اقتراب موعد أي امتحان حتى لو كان بسيطا جدا، أو موعد تسليم أي شيء مطلوب مني أشعر بتوتر شديد جدا، وشعور ورغبة كبيرة في البكاء، وألم في الصدر، وعضلات الصدر.
أنا أعاني من قلق وتوتر شديد، وهذا يوثر علي في أداء امتحاناتي وحياتي العامة بدون داع، فما العمل؟ مع العلم أن هذا الشعور لم يراودني أبدا قبل سنتين، الموضوع متعب جدا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد، وأسأل الله تعالى أن يزيدك تفوقا ورفعة.
هذا القلق الذي تعاني منه والتوتر ظهر في الآونة الأخيرة بصورة أكثر لأنك ما شاء الله تبارك الله إنسان تنافسي ومتطلع لما هو أفضل وتريد الدرجات العالية والمرموقة، فالقلق هو الذي يحرك الإنسان، القلق هو الذي يحسن الدافعية، القلق هو الذي يقودنا إلى طريق النجاح، لكن حين يشتد القلق أكثر مما هو مطلوب بالفعل قد تظهر بعض الأعراض لدى الإنسان، كالشعور بالتوتر، وكالشعور مثلا بالرجفة عند بعض الناس، والألم والنغزات في الصدر؛ هي من الأعراض الشائعة جدا لدى الذين يقلقون، والسبب في ذلك أن التوتر النفسي المصاحب للقلق يتحول إلى توتر عضلي، وأكثر عضلات الجسم التي تتأثر هي عضلات القولون، لذا نسمع عن الكثير من الناس يشتكون مما يسمى بالقولون العصبي، وفي الحقيقة هو القولون العصابي، أي المرتبط بالقلق.
وهذا التوتر النفسي يتحول إلى توتر شديد في عضلات الصدر، بعد عضلات القولون تجد أيضا عضلات الصدر تتوتر جدا، ويحصل هذا الانشداد، مما يجعل الإنسان يحس كأنه يعاني من كتمة أو ألم في الصدر أو نغزات كما أسلفنا.
هذه الظواهر كلها إن شاء الله ظواهر بسيطة، أرجو ألا تزعجك، هذه ليست أمراضا نفسية، إنما هي ظواهر نفسية، وكما ذكرت لك؛ لأن شخصيتك ما شاء الله شخصية تنافسية، شخصية ذات دافعية، شخصية تحب الإنجاز، وإن شاء الله تعالى يتحول هذا القلق لقلق إيجابي.
كل الذي تحتاجه هو أن تتجنب السهر بقدر المستطاع، لأن النوم المبكر استرخائي جدا، ويفيد الإنسان كثيرا. وأن تمارس أي تمارين رياضية – تمارين المشي، الجري، السباحة، لعب كرة القدم – هذه كلها تقلل كثيرا من التوترات النفسية والجسدية، وتجعل الإنسان إن شاء الله في حالة من الاسترخاء وراحة البال.
أيضا هنالك تمارين تسمى تمارين الاسترخاء (تمارين التنفس المتدرجة، وتمارين شد العضلات وقبضها ثم استرخائها). إن وجدت من يدربك على هذه التمارين من الأخصائيين النفسيين فهذا أمر جيد، وإن لم تجد من يدربك عليها فهناك برامج كثيرة على اليوتيوب توضح كيفية أداء هذه التمارين بصورة صحيحة، كما أن إسلام ويب أعدت استشارة رقمها (2136015) فيها بعض التفاصيل الجيدة حول كيفية ممارسة هذه التمارين، فأرجو أن تستعين بكل هذه الآليات.
كن دائما إيجابيا في تفكيرك، ولا بأس أن تتناول أحد مضادات القلق البسيطة، هناك عقار يسمى تجاريا (إندرال Inderal) ويسمى علميا (بروبرانولول Propranolol) هو من كوابح البيتا، يقلل التوتر، خاصة إذا كان الإنسان مقدما على شيء كالدخول في الامتحان مثلا أو كما تفضلت عند تسليم أي شيء مطلوب منك، فيمكن أن تتناول الإندرال بجرعة عشرة مليجرام مثلا، حاول أن تجربه الآن، تناول عشرة مليجرام صباحا ومساء لمدة شهر، ثم عشرة مليجرام صباحا لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناوله، ثم بعد ذلك يمكنك أن تتناوله عند الضرورة، أي ساعة قبل المهمة التي تود أن تدخل فيها، وقد لا تحتاج له أبدا إذا طبقت الآليات السلوكية والإرشادية التي ذكرتها لك سابقا.
أرجو – أيها الفاضل الكريم – أن تحرص على الصلاة في وقتها، فالصلاة فيها رحمة عظيمة، وهي حقيقة منبع للراحة النفسية الحقيقية وللاسترخاء النفسي، واحرص على تلاوة القرآن وذكر الله على الدوام، فـ {قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى}.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.