السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شاب، عمري ٢٣ سنة، في كلية الهندسة، أعاني من التلعثم أو التأتأة في الكلام منذ ٦ سنوات، مشكلتي الآن نفسية بحتة؛ لأنني أواجه اكتئابا شديدا وخوفا من المستقبل، خاصة أنني في جامعة عملية، وسيطلب مني تحضير عرض للإلقاء، وسيتم مناقشة مشروع تخرجي في نهاية السنة.
توقع تفاصيل هذه الأحداث أصابني بنوبة قلق، واكتئاب، وخوف، وعزلة، ورهاب اجتماعي شديد، وصعوبة في قيام الأنشطة العادية مثل الرياضة والمذاكرة إلى ما يقارب الشهرين، كل هذا أدى إلى زيادة تلعثمي في الكلام بدرجة كبيرة جدا (أصبحت لا أستطيع نطق اسمي أحيانا).
تناولت دواء (سيبرام ٢٠) مليجرام من تلقاء نفسي نصف حبة لمدة أسبوع، وحبة كاملة لمدة أسبوع آخر، لم أشعر بتحسن ملحوظ فتوقفت عن تناوله.
فضلا: أريد علاجا نفسيا فعالا للتخلص من القلق والرهاب، والذي بدوره سيخفف من حدة التأتأة .
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك التوفيق والسداد، وأسأله تعالى أن يحل هذه العقدة من لسانك.
أيها الفاضل الكريم: لابد أن تكون أكثر ثقة في نفسك وفي مقدراتك، فأنت لم تصل هذه المرحلة الدراسية إلا لأنك بفضل من الله تعالى لديك القدرة، ولديك ما أهلك لتصل لهذا المستوى، هذا أمر مهم جدا، وهذا أولا.
ثانيا: هذه التأتأة التي أتتك هي تأتأة مكتسبة، لأنها بدأت قبل ست سنوات، فإذا هي ليست وراثية المنشأ، حيث إن هنالك أنواعا كثيرة من التأتأة تكون وراثية، وبما أنها مكتسبة وغير وراثية هذا يجعلنا نقول أنها مرتبطة بقلق المخاوف الذي أصابك، وهذا إن شاء الله تعالى يسهل علاجه جدا.
أنا أرى أن العلاج الدوائي مهم في حالتك، لأنه سهل، ولا يتطلب جهدا من الإنسان، وفي ذات الوقت العلاج الدوائي إن شاء الله تعالى يهيء لك الفرصة لأن تتفاعل اجتماعيا بالصورة الصحيحة التي تعالج الرهاب والتأتأة.
من أفضل الأدوية التي تتناولها عقار يسمى علميا (سيرترالين) يوجد تحت مسميات تجارية كثيرة، منها (زولفت)، و(لوسترال)، و(مودابكس)، الجرعة المطلوبة في حالتك هي أن تبدأ بنصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجراما – يوميا لمدة عشرة أيام، ثم تجعلها حبة واحدة يوميا لمدة شهر، ثم حبتين يوميا لمدة شهرين، ثم حبة واحدة يوميا لمدة شهرين آخرين، ثم نصف حبة يوميا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقف عن تناوله.
يوجد دواء آخر يسمى (أولانزبين)، هذا الدواء في الأصل يستعمل لعلاج الأمراض الذهانية، لكن بجرعات صغيرة وجد أنه دواء داعم جدا في علاج التأتأة، فيمكنك أن تتناوله بجرعة 2,5 مليجرام ليلا، توجد حبة تحتوي على خمسة مليجرام، تحصل عليها وتناوله بجرعة 2,5 مليجرام – أي نصف حبة – تناولها ليلا لمدة شهر، ثم اجعلها 2,5 مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.
ويوجد أيضا دواء مساعد آخر يسمى (إندرال) واسمه العلمي (بروبرالانول)، هذا الدواء ينتمي لمجموعة من الأدوية تسمى (كوابح البيتا)، وهو يتميز بأنه يعالج تماما الأعراض الجسدية المصاحبة لقلق المخاوف، وهذه الأعراض الجسدية تتمثل في تسارع ضربات القلب عند المواجهة، أو الشعور بالرجفة أو التلعثم، تحتاج للإندرال بجرعة صغيرة، وهي: عشرة مليجرام صباحا ومساء لمدة شهر، ثم عشرة مليجرام صباحا لمدة شهر آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
هذه الأدوية أدوية ممتازة، وفاعلة، لكن تتطلب منك الالتزام القاطع بتناولها.
النقطة الثانية هي: أن تطبق تمارين الاسترخاء، تمارين التنفس التدرجي، وتمارين شد العضلات وقبضها تعتبر من الأساسيات الضرورية للقضاء على القلق والخوف والتوتر الذي في الغالب يؤدي إلى انشداد في عضلات اللسان والكلام، مما يؤدي إلى التأتأة.
توجد برامج كثيرة جدا على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء، فيمكنك الاستعانة بها، كما أن إسلام ويب أعدت استشارة رقمها (2136015) أرجو أن تطلع عليها وتطبق ما ورد بها من إرشاد.
بعد ذلك كل الذي أطلبه منك هو أن تدفع نفسك نحو التفاعلات الاجتماعية، تمارس رياضة جماعية مع أصدقائك، تحرص على صلاة الجماعة في المسجد، تقوم ببعض الزيارات للأهل، للأصدقاء، وتكون إنسانا فعالا في داخل أسرتك.
وأيضا إذا مارست أي نوع من الرياضة متاح بالنسبة لك، هذا سوف تكون إضافة جيدة جدا. وتلاوة القرآن بتدبر وبتمعن لا شك أنها تؤدي إلى طلاقة في اللسان، فاحرص على ذلك.
وأيضا لو تمرنت على بعض النصوص والمقاطع الارتجالية مع نفسك في الغرفة، وتقوم بتسجيل ما تقوم بإلقائه، سوف تجد أنك أصبحت بإذن الله تعالى ذو طلاقة في اللسان وذهبت عنك التأتأة، وعليك أن تدعو الله تعالى بقوله تعالى: {رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي}.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.