السؤال
السلام عليكم.
هل هناك دليل من القرآن أو السنة يؤكد المقولة: "من شب على شيء شاب عليه"؟
سبب سؤالي:
أعرف امرأة تقرأ القرآن الكريم، تصلي الصلوات ليس جميعها على وقتها، نشأت في عائلة مسلمة لديها أخلاق حميدة، ولكن لا تطبق قواعد الدين الإسلامي كاملة، لا يداومون على حفظ وتلاوة القرآن الكريم، ولا يحضرون مجالس العلم، يذهبون إلى الجامع فقط لتأدية صلاة الجمعة، قد كان لهذا تأثير سلبي على حياتها، هي الآن في سن الخمسين، متزوجة ولديها أولاد أصغرهم دخل الجامعة.
المرأة وزوجها يصلون ويقرؤون القرآن الكريم ويصومون، لكن يفعلون الفواحش، الزوج لا يترك امرأة وحتى نساء أهل بيته إلا وينظر إليها، ويستمر في النظر لا تفرق معه مهما كانت، لا يخاف على أهل بيته ولا يغض بصره، وهناك تجاهل للأمور التي يجب إصلاحها في منزله قبل إصلاح الخارج.
أما المرأة كانت تكلم رجلا وأخطأت، وبعدها ساعدها آخرون على التوقف، ولكن زوجها ما همه الأمر! الأسرة فاقدة للاستقرار، ودوما في تردد من اتخاذ القرارات، الأولاد يحاولون أن يذهبوا إلى الجوامع ومجالس العلم وأن يتابعوا الدعاة، الأسرة تعاني من قلة التوفيق في الحياة، التوتر دائما موجود، وهذا يؤثر على التحصيل الدراسي للأولاد.
وسبب السؤال هو أن المرأة دوما متذرعة أن زوجها وعادته السيئة لن تتغير حسب المقولة أعلاه، وهي دوما تظن نفسها كاملة، الاحترام مفقود بين الزوجين.
وهي لا تحب الدعاة ودروس الدين ودوما تسخر منهم ومن أقوالهم، ولم تحاول أبدا أن تسمع لدرس دين في أي جامع وتسخر من الأولاد عندما يتحدثون عن الدين الإسلامي.
في النهاية أريد الخير لهذه الأسرة قبل فوات الأوان.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لمى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -أختنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول:
هنالك أدلة عدة على مقولة: (من شب على شيء شاب عليه) منها قول الله تعالى: (بل قالوا إنا وجدنا آباءنا علىٰ أمة وإنا علىٰ آثارهم مهتدون) فهؤلاء شبوا على الكفر وشابوا عليه ولما دعتهم الرسل إلى توحيد الله تعالى لم يقبلوا رغم وضوح الحجة؛ والسبب أنهم لا يريدون ترك ما اعتادوا عليه، ومن الأدلة قوله عليه الصلاة والسلام: (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)، والواقع يدل على ذلك فإننا نجد بعض عامة الناس لا يقبلون توجيه العلماء إلى السنة ويتحججون بأنهم وجدوا آباءهم على ذلك.
التدين الأجوف عند هؤلاء وضعف إيمانهم هو الذي يجعلهم في فصام نكد، فالواحد منهم يصلي ويصوم ولكنه يقع في بعض المعاصي سواء كان ذكرا أو أنثى.
مثل هذه الأسرة التي ذكرتها عندهم حد معين من التدين، ولذلك لا يقبلون تجاوزه، فيرون بعض المعاصي في البيت فلا يغيرونها أبدا، والسبب هو ما ذكرناه سابقا.
مثل هذه الأسرة لن تشجع أبناءها على الاستقامة، بل ستحتقر فعلتهم ولو استطاعوا منعهم لفعلوا.
ليس صحيحا أن زوجها لن يتغير، بل يمكن أن يتغير خاصة وأنه صار كبيرا في السن، لكن من الذي سينصحه وبطريقة هادئة ومؤثرة، فالواقع يشهد أن كثيرا ممن شب على المعصية وشاب عليها من الله عليه في نهاية حياته بالاستقامة فصار من عباد الله الصالحين.
لا بد من العمل بالأسباب من أجل الأخذ بأيدي هذه الأسرة وخاصة من المستقيمين من أسرتهم في الحديث الصحيح: (لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك مما طلعت عليه الشمس).
قد لا يتقبل الشخص كلام ونصح شخص معين بسبب أن أسلوبه لم يكن مقنعا أو كان جافا أو غير ذلك من الأسباب، ولذلك فنوعي الناصحين فإن لكل واحد من الناس أسلوبه فقد يقتنع المنصوح بكلام هذا ولا يقتنع بكلام الآخر، وفي النهاية المطلوب هدايته سواء كان على أيدينا أم على أيدي غيرنا.
لا بد من استغلال المواقف المؤثرة كالموت والمرض فإن للقلوب إقبالا على الله في مثل تلك الأحوال فتكون أقبل للتوجيه والنصح.
لا بد من العناية بأبناء هذه الأسرة وتوجيههم التوجيه الحسن حتى لا يتأثروا بوالديهم ولا يتأثروا بتصرفاتهم.
ينبغي تسليط الزملاء الصالحين على أبناء هذه الأسرة فكلما كانت البيئة التي يعيشون معها مستقيمة أعانهم ذلك على الاستمرار على الطاعة تماما كما حصل للشخص الذي قتل مئة نفس فقال له العالم اخرج من هذه القرية فإنها قرية سوء واذهب إلى القرية الأخرى فاعبد الله معهم فإنهم صالحون، فانظري كيف أنه غير له البيئة وذلك لأهمية البيئة الصالحة، فالمرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل.
الرفقاء الصالحون يدلون على الخير ويعينون عليه، ولذلك حذر شرعنا الحنيف من رفقاء السوء ففي الحديث الصحيح: (إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحا خبيثة) ويقول عليه الصلاة والسلام: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) ويقال في المثل: الصاحب ساحب.
اطلبوا من الصالحين الدعاء لهذه الأسرة بظهر الغيب، فلربما وافقت دعوة ساعة إجابة فتقبلها الله فأصلحهم وغير أحوالهم.
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لنا ولهذه الأسرة الاستقامة والتوبة إنه سميع مجيب.