السؤال
السلام عليكم.
أعمل مهندسا، ومتزوج، ولدي طفلان، مشكلتي هي أني قمت بعمل شركة خاصة بي، وعملي مميز جدا بشهادة الكثيرين، ولكن منذ 2015 وأنا أمر بمشاكل مالية كثيرة جدا جدا، لدرجة أني فكرت أن شيئا ما يلعنني أو يحبط كل أعمالي، ولا أستطيع الخروج من دوامة المديونيات والمشاكل، حتى أني فعليا عدت للصفر مرة أخرى، لا يوجد شركة أو أموال أو أي شيء، بعد سنين عمل كثيرة على الرغم من أني لا أرتكب أيا من الكبائر.
أعلم أنه بفضل الله سوف أتغلب على كل المشاكل، وكل هذا سينتهي، ولكن المصيبة أن شخصيتي أصبحت مهزوزة جدا جدا، لا أستطيع مواجهة العملاء أو العمال، وأتهرب بطرق طفولية، ولا أستطيع حتى المطالبة بحقوقي البسيطة من عملائي، وأصبحت أخاف من الكلام المباشر، وانعدمت ثقتي بنفسي تماما لدرجة تأكدي من أني فاشل تماما، على الرغم أن من حولي يشهدون لي بالكفاءة، والتميز بفضل الله، ولكني أكذبهم، كل من حولي يقولون لي لماذا لا تطلب أموالك؟ كيف تسكت على المهانة؟ هذا ليس مستواك؟ وأنا لا حول ولا قوة لي، والكل أصبح يستغلني بصورة مزرية، وظلمت أسرتي بسبب تردي مستواي المادي، فهل هذا غضب من الله علي؟ هل يوجد ذنب أو أحد ظلمته يجعلني منكسرا هكذا؟
للأسف فكرت بالانتحار لأني أسبب الأذى لزوجتي الصابرة، والأطفال الذين سيكبرون ويجدون أبا بلا هوية أو هدف!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أأحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أنت ليس أول ولا آخر شخص يواجه خسارات مالية في حياتهم، ولكن، أنت تعرف جيدا سبب خسارتك، لأن الخسارة في التجارة على الأغلب أسبابها معروفة، منها: اختلاط الأموال بالربا، أو التعامل بالربا، عدم الصبر والانتظار لتحقيق الربح، ضعف الخبرة، عدم أخذ المخاطر بالاعتبار، ضعف المنتج، وعدم التفرغ، وعدم ملاءمة الموقع، وسوء التعامل مع العملاء وغيرها الكثير من الأسباب.
أخي العزيز: نقترح عليك الارشادات العملية التالية التي سوف تساعدك بمشيئة الله:
- كن صادقا مع الجميع مهما كانت النتائج، ولا تقطع وعودا لا تستطيع الوفاء بها.
- إذا لم تواجه وتطالب في حقوقك فلن ينتزعها لك أحد في الدنيا، لذا عليك اتباع جميع الطرق المشروعة والقانونية في تحصيل حقوقك بأسرع وقت. لكي تستطيع النهوض ثانية وتصويب أوضاعك.
- الموضوع قد لا يتعلق بظلم أحد ولكن بعض الأشخاص عندما ينفد منه المال لا يستطيع أن يعيش على طبيعته ويتوكل على الله في شؤونه بل يبقى في حالة قلق وتوتر إلى أن تنفرج أموره وينسى أن الله هو الذي رزقه في البداية، وهو الله الذي فرج همه عندما تثاقلت عليه الديون والكربات.
لذا أنصحك يا أخي بملازمة الاستغفار فإذا شعرت بضيق في صدرك، وتزاحمت على قلبك الهموم والأحزان، وضاقت عليك الدنيا، وسدت في وجهك الأبواب - فاعلم أنك بحاجة لأن تكثر من قول: (أستغفر الله). إن الاستغفار زاد الأبرار، وشعار الأتقياء، ومفزع الصالحين، به تسعد القلوب، وتنشرح الصدور، وتنجلي الهموم، وتثقل الموازين، وترفع الدرجات، وتحط الخطيئات، وتفرج الكربات، وكم جلب الاستغفار لأهله من الخيرات، وكم صرف عنهم من البلايا والملمات!
- ابحث في ذاتك عن نقاط قوتك ولا تبحث فقط عن نقاط ضعفك، وحاول استغلال نقاط القوة وتطويرها فهذا سيجعلك شخص اجتماعي وأكثر تفاعلا وكفاءة، وسوف تتغلب على نقاط ضعفك.
- اصغ جيدا لمن يتكلم معك، ولا تقاطعه، وقدم أفكارك في الوقت المناسب وإلا ضاعت قيمة الفكرة ولم يهتم لها الطرف الآخر.
- أثناء اصغائك لحديث شخص ما، عليك أن تبدي اهتماما لما يقوله واحرص على التواصل بصريا معه، وقم بتلخيص النقاط الجوهرية في دماغك لكي تتمكن من الرد عليه بطريقة مباشرة تحاكي صلب الموضوع، وهذا يجنبك الدخول في دائرة الخجل من الرد أو التشويش أو نسيان ما قاله ذلك الشخص.
- تعود على قول كلمة "لا" عندما يتطلب الموقف ذلك، لا تكن منصاعا لكل ما يقال لك، أو تخاف من الرد.
- اتبع طريقة "التدريب الذاتي" من خلال تخيل أنك تريد الحديث مع شخص عن أمر ما ثم قم بتسجيل فيديو قصير على هاتفك ثم شاهد نفسك هذا الفيديو واحصر أخطاءك، قد تقول يفترض أن أقول (......) أو لقد كنت متوتر جدا أثناء الحديث علي أن أسترخي، قم بمسح الفيديو وسجل واحدا آخر. استخدم هذه الاستراتيجية يوميا حتى تشعر أنك أصبحت بالفعل تتكلم بثقة.
- أخي العزيز: تذكر أن الانتحار من أكبر الكبائر، وقد قال الله جل وعلا:{ ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما * ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا [النساء:30] وقال النبي ﷺ: من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالدا مخلدا فيها أبدا ، ومن تحسى سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ) رواه البخاري ومسلم.
- تحدث مع شخص تثق به وترتاح للحديث معه، عن جميع مشاعرك، وأفكارك. ومشكلاتك.
- اسأل نفسك السؤال التالي: (ما هو الشيء الأصعب؟ "مواجهة صعوبات الحياة والتغلب عليها أم أن أموت وأعذب يوم القيامة؟"
- الواجب على المؤمن التصبر والتحمل إذا حصل معه نكبة ومشقة في دنياه لا أن يعجل في قتل نفسه، بل يحذر ذلك، ويتقي الله، ويتصبر ويأخذ بالأسباب{ ومن يتق الله يجعل له مخرجا}. وإذا قتل نفسه فقد تعرض لغضب الله وعقابه، وهو تحت مشيئة الله.
- الانتحار هو هروب من الواقع وليس مواجهة الواقع، وهذا هو الفرق بين من يقهر ظروفه وينتصر عليها وبين من يسيطر عليه اليأس والخوف والظروف فينتحر ! لذا، فكر بطريقة إيجابية قبل أن تفكر بطريقة سلبية، وأوجد حل لكل ما تعانيه من مشكلات سواء كانت في شخصيتك أو في الظروف التي تعيشها بدلا من أن تنظر إلى فشل هنا وفشل هناك في حياتك.
وللفائدة راجع هذه الروابط: (2240168 - 15807 - 2364663 - 2294112).
وفقك الله لما يحبه ويرضاه.