السؤال
السلام عليكم.
لدي وظيفة حكومية في بلدي، ولكن دخلها بسيط جدا، ولا ترضي ما أردته لمستقبلي الوظيفي، لذا فأنا دائم السفر للالتحاق بأماكن عمل في بلاد مختلفة، لكن زوجتي ترفض السفر معي بحجة عملها، وأنها إن سافرت لن تجد عملا لها في هذه البلاد.
لدي منها بنت في عمر الخمس سنوات، ودائما ما تبكي عند علمها بأني سأسافر وأتركها وتصبح نفسيتها متعبة، في الوقت الحالي أصبحت أرفض أي مقابلات عمل كنت قد قدمت عليها بسبب تذكر بكاء بنتي، ورغبتها في التواجد بجانبها مع العزم على إنهاء عقدي الحالي خلال أربعة أشهر، والرجوع لوظيفتي الحكومية في بلدي.
الرجاء إفادتي، هل ما أفعله من تضحية منطقي مقابل رفض زوجتي من السفر معي؟ وإن لم يكن، فما الحل؟
شكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Hussien حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك ابننا الفاضل في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يوفقك، وأن يعيد لك ولأسرتك السعادة والاستقرار.
لا يخفى عليك أن الأسرة هي أولى أولويات الإنسان، وأن الإنسان لو ربح أموال الدنيا وخسر بنته وخسر زوجته وخسر حياته، فلن يكون من الرابحين، ولذلك أرجو أن تدرك أهمية هذه المسألة، واجتهد في إقناع زوجتك في تحقيق ما فيه مصلحة ومستقبل الأسرة، فإن فشلت في ذلك فالأصل أن تكون مع زوجتك، وحتى لو ذهبت إلى عمل اجتهد في إقناعها أن تصاحبك إلى المكان الذي أنت فيه، وإذا كان العمل يغنيك ويغنيها فالأصل أن تبقى مع بنتها وأن ترعى بيتها وأن تكون عونا لك، فالزوج هو الذي يوفر كل الاحتياجات، ولكن أمام ما يحدث من البنت، أمام إصرار الزوجة على البقاء في البلد الأصلي فنحن لا ننصح بترك الوظيفة الحكومية وإن كان راتبها أقل، فإن الوجود مع أسرتك هو الربح الأكبر، وهو الراتب الأعظم.
ولذلك أرجو أن تكون الأمور أمامك واضحة، فالخيار الأول والثاني والثالث هو الأسرة، فلا تضيع أسرتك بحثا عن الوظائف، فكم من إنسان سافر هنا وهناك ليجمع الدراهم ثم رجع فلن يجد لنفسه أسرة، ولذلك نسأل الله أن يحفظك، وأن يعينك على الخير، ونقدر هذه المشاعر النبيلة التي تراعي أحزان هذه الطفلة، وأرجو أيضا من الزوجة أن تقوم بدورها في رعاية البنت، وفي توفير الجو الجاذب المناسب لك، حتى تعود إلى أسرتك، وتعود إلى وظيفتك وإلى البلد الذي أنت فيه، والإنسان إذا وجد رزقا في بلده فالخير له أن يمكث في بلده، فإن الأسفار فيها أتعاب مع الفوائد التي فيها، والأسفار تتحقق الفوائد فيها عندما يكون الإنسان على وفاق أسري، أو تكون الأسرة معه، أما إذا لم يتحقق هذا فغالبا ما تكون الخسائر أكبر، خاصة في مثل هذه الحالة المذكورة.
نسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يبارك لكم في الرزق وإن كان قليلا، فالعبرة في الأرزاق ببركتها لا بكثرتها، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق، وهذه وصيتنا لكم بتقوى الله ثم ببر الوالدين، ثم بالمحافظة على الصلوات، ثم بالاستقامة على شرع الله، ثم بالاستكثار من الاستغفار، وهذه مفاتيح للرزق، نسأل الله لنا ولكم التوفيق والهداية.