السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة، أبلغ من العمر 17 عاما، أعاني من التوافق مع أسرتي في أمور كثيرة، فأنا بفضل الله أتممت حفظ كتاب الله، وأحاول العمل به بحق، ولكن أهلي لا تعجبني الحالة التي يعيشون بها، وتعبت من العيش في تلك الأجواء، فأنا في بداية طريق الالتزام وأحتاج إلى الثبات والعلم، وأشعر بأنهم سبب في بعدي عنه، فإن أبي لا يصلي، ولا يستنجي من بوله، ولا يحب أن ينصحه أحد بحجة أنه يقول أننا نعرف كل شيء، وهو لا يعرف شيئا، فهو لا يستمع إلى النصيحة، وإذا سمعها لا يعمل بها.
أخواتي وأمي يصلون -ولله الحمد-، ولكن لا يصلون الصلاة على وقتها بعد الأذان، ويسمعون التلفاز والأغاني والقرآن، ولا يلتزمون بشيء، وأنا لا أحب تلك الأجواء كلها، وحتى هم لا يريدون السماع إلى نصيحتي، لا أعرف لسوء طريقتي في النصيحة أن عناد في، فأنا تعبت من هذا الجو، أريد أن أشعر بالراحة في العبادة والقرآن، وتنفيذ أحكام وأوامر الله، والثبات والصدق فلا أعرف كيف أتعامل مع أهلي، وكيف أعيش؟ فما يفعلونه يترك في أثر في قلبي؛ لأني أحاول زيادة الإيمان وما يفعلونه يؤثر علي؛ لأنني أعيش معهم، تعبت من النظر إلى أبي وهو لا يصلي، وتعبت من البيت كله ومن الأشخاص. أرجو الرد.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ aaesha حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك هذا الحرص على الخير، ونهنئك بحفظك لكتاب الله وبسيرك في هذا الطريق، نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والثبات.
وشكر الله لك أيضا هذا الحرص على هداية أفراد الأسرة، ونتمنى أن تستمري في النصح، ولكن بلطف وبأدب، وبعدها اختيار الأوقات الفاضلة، والألفاظ الجميلة، خاصة عندما تكون النصيحة للوالد أو للوالدة، فإن الإنسان ينبغي أن يكون في غاية اللطف، وفي كمال الأدب، وينتقي العبارات، كما قال الخليل إبراهيم: {يا أبت ... يا أبت ... يا أبت ... يا أبت}، وكذلك أيضا إذا غضب الوالد من النصيحة يجب أن تتوقفي، ثم تزيدي من برك له، ومن إحسانك إليه، ثم تقدمي له النصيحة مرة أخرى، وتجتهدي في أن تكون الوالدة معك، لأن كلامها له وقع أكبر عند الوالد أيضا.
واجتهدي في النصح لكل أفراد الأسرة، واعلمي أنك مأجورة على الصبر في هذه الأجواء، وأن أولى الناس بما عندك من الخير هم أهلك، قال الله لنبيه: {وأنذر عشيرتك الأقربين}.
فلذلك استمري في الدعاء، وتفادي الأماكن التي فيها الأغاني أو فيها التلفاز أو فيها الأمور التي ليس فيها إرضاء لله تبارك وتعالى، ولو كان المكان ضيقا وأجبرت على الجلوس فلا تشاركي، فإن الله تبارك وتعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، لو فرضنا أن وضع الأسرة صعب وأن الصالة واحدة وأن المكان واحد، وهو المكان الذي فيه التلفاز وفيه هذه الأشياء، فاشتغلي في ذلك الوقت بتلاوة كتاب الله وذكره والاستغفار، وتشاغلي بأمور أخرى، وإن وصل إلى أذنك ما تكرهين، وأنت غير راغبة، فلا إثم عليك، لأنك لم تتعمدي السماع، ولكن اجتهدي دائما في تفادي ما يغضب الله تبارك وتعالى، واحرصي على أن تصلي إلى قلوب إخوانك وأسرتك وأهل البيت بحسن خدمتهم وحسن التعامل معهم.
ونحن حقيقة نريد من الشباب وبناتنا الذين يدخلون في سلك الهداية – ونهنئهم بداية بذلك – أن يكونوا مصدر رحمة ومصدر خير ومصدر لطف، وأن يبالغوا في خدمة آبائهم وإخوانهم وأسرهم، لأن خدمتهم وزيادة البر من أكبر ما يحفزهم لحب هذا الدين.
كما أرجو أن يكون همك الاشتغال بالمنكرات الكبيرة، يعني: مثل ترك الصلاة والأمور الأساسية، ثم تأتي بعدها الأمور الأخيرة، فإن الداعي إلى الله مثل الطبيب، الطبيب إذا جاءه إنسان عنده زكام وعنده مشكلة في القلب لا يلتفت للزكام أصلا، وإنما يبدأ يعالج المشكلة الكبرى، وكذلك الداعي إلى الله تبارك وتعالى.
فلا تقفي عند كل صغيرة وكبيرة، وتسلحي بالصبر، وتواصلي مع موقعك حتى تجدي العون في وضع الخطط الدعوية المناسبة لدعوة هؤلاء، ونكرر أهمية الدعوة الفردية، يعني: بأن تنظري إلى أقرب الناس إليك ليكون عونا لك، تجلسي معه، وتتناصحون وتتشاورون كيف نحسن وضع هذا البيت من الناحية الشرعية ومن ناحية الالتزام، ونسأل الله لنا ولك الهداية، وحذاري من أن تظهري لهم الضجر والضيق والكراهية لهم، فأنت ينبغي أن تكرهي ما يحصل منهم من عصيان، أما هم فهم أهل ومحبوبين، بل إذا كان الوالد فإن بره واجب في كل ما يطلبه ما لم يكن في ذلك معصية لله تبارك وتعالى.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.