حالة من المشاعر تؤثر على حياتي، فبماذا تنصحونني؟

0 19

السؤال

السلام عليكم

مرحبا، أنا فتاة عشرينية، أشعر بكثير من المشاعر في آن واحد، وسأحاول جاهدة أن أترجم لكم ما يحدث، وإن كان كلامي غير مرتب فأعتذر مسبقا، هذه المرة الأولى في الكتابة، يؤرقني التفكير، أفكر وأنا نائمة ومستيقظة، وأغرق في التفكير حتى عندما لا أكون بمفردي، أختلق الحوار مع أشخاص غير موجودين لا أعرفهم، ولا أسمع لهم أصواتا صريحة بل أتخيلها، أغرقني هذا في بحر من التشتت وغياب الذهن، لا أفكر أبدا بطريقة سلبية، بل أشعر بإيجابية وأمل وتفاؤل.

دائما أخاف من الناس، وأخاف من ردود الفعل، وأخاف من صيغة التهكم في كلامهم، دائما أشعر أن الكلام السلبي موجه لي، أحب أن أكون بمفردي، دائما أضيع الفرص وأظل واقفة في نفس البقعة لا أتحرك لمجرد أنني خائفة، هذا ما يحدث، تبدأ يداي ترتجفان، ونبضات قلبي تزداد لدرجة أنني شعرت بالألم حينها من تزايدها، أشعر بتنميل في الجهة اليسرى من وجهي، صداع خفيف، وفي بعض الأحيان من كثرة القلق والتوتر لا أستطيع تحريك قدمي، وأشعر بدوار بسيط، ووجع في المعدة شديد.

أكره الأصوات الصغيرة المزعجة مثل صوت الطعام، صوت التنفس أحيانا، وأحيانا أخرى أكره أن يتم لمسي أو أن يقترب مني أحد، أكره الصوت العالي، وكذلك الضوء، عندما يحدث شيء من هذه الأشياء أغلق عيني بشدة، وأمسك رأسي، أشعر وقتها وكأنها ستنفجر من شدة الألم، وقتها أريد الصراخ بشدة ولكني لا أستطيع! أحب النوم كثيرا، ولكن مؤخرا بدأت الكوابيس تطاردني، هذه المشاعر تؤثر على حياتي بصورة غير طبيعية، أرجو المساعدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسال الله لك العافية والتوفيق والسداد، وهذه هي مشاركتك الأولى، ورسالتك رسالة رائعة من حيث التنسيق والمحتوى واللغة والتعبير، وقد عبرت عن مشاعرك بصورة صادقة جدا.

أقول لك: حالتك إن شاء الله يسيرة، الذي يظهر لي أنه لديك درجة عالية من القلق النفسي العام، حيث إنه يزيد من اليقظة عند الإنسان مما يجعل الأفكار تتداخل وتتطاير، ويدخل الإنسان في أحلام يقظة وحوارات ذاتية لا نفع فيها، وتكون هنالك أعراض نفسوجسدية، كالصداع البسيط – كما تفضلت – وأيضا يكون الإنسان غير قادر على تحمل الضوضاء كما أوضحت ذلك بصورة جلية.

إذا حالتك هي نوع من القلق العام وليس أكثر من ذلك، وهذه ظاهرة ولا نعتبرها مرضا، قد يكون أصلا النواة القلقية في شخصيتك قوية بعض الشيء، والقلق يجب أن نعتبره دائما طاقة إيجابية، لأن الذي لا يقلق لا ينجح، لا يأخذ مبادرات، لا يستفيد من وقته. لكن قطعا القلق إذا ازداد عن المعدل المطلوب يتحول إلى إشكالية كما أوضحت أنت بصورة جلية.

من أفضل السبل للاستفادة من هذا القلق هو أن تحرصي على النوم الليلي المبكر، وتتجنبي النوم النهاري وكذلك السهر. النوم الليلي المبكر يتيح الفرصة للجسد وللنفس وللوجدان أن تكون في حالة من الاستقرار، بل نعتقد أنه يحدث نوعا من الترميم التام لخلايا الدماغ، وحين يستيقظ الإنسان مبكرا ويصلي الفجر ويبدأ يومه بذكر الله تعالى قطعا يتحسن التركيز، وستكون المشاعر مشاعر إيجابية، وأعرف من يدرسون بعد صلاة الفجر لمدة ساعة مثلا، تجدهم من المتميزين دائما، لأن هذه الفترة هي فترة استيعاب عالية جدا، والدراسة أو المذاكرة لمدة ساعة في هذا الوقت أفضل من المذاكرة لمدة ثلاث ساعات في بقية اليوم، هذه خطة يمكن أن تنتهجيها لتحويل قلقك من قلق سلبي إلى قلق إيجابي.

أيضا ممارسة الرياضة، أي رياضة تناسب الفتاة المسلمة ستكون مفيدة جدا لك، الرياضة تقوي النفوس قبل أن تقوي الأجسام، حسن إدارة الوقت والترفيه عن النفس بما هو طيب وجميل، والحرص على التواصل الاجتماعي، الحرص على الصلوات والعبادات في وقتها، التفاعل الإيجابي مع الأسرة وبر الوالدين، ... هذه كلها وسائل ممتازة جدا لتحويل القلق السلبي إلى قلق إيجابي.

أريدك دائما أن تعيشي قوة الآن وأمل في المستقبل، ولا تفكري في ضعف الماضي أبدا. الآن (الحاضر) دائما هو الأقوى، ويجب أن نستفيد منه.

أنا أراك بخير، وأرى أن قدراتك عالية جدا، وأرجو أن تتبعي هذا المنهج الإرشادي، وأريد أن أضيف عليه أهمية ممارسة تمارين الاسترخاء (تمارين التنفس المتدرج، تمارين شد العضلات وقبضها ثم استرخائها)، فأرجو أن تتدربي على هذه التمارين، وكذلك على تمارين التأمل والاستغراق الذهني، توجد برامج كثيرة جدا على اليوتيوب تتحدث حول هذه التمارين الاسترخائية، فأرجو أن تستفيدي منها.

أريدك أيضا أن تستعملي دواء بسيط جدا لفترة قصيرة، الدواء يسمى (ديانكسيت)، تناوليه بجرعة حبة واحدة في الصباح لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناوله، هو مضاد ممتاز للقلق وللتوتر، وسليم.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات