السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أشكركم على الموقع وعلى الجهود التي تقدمونها لأبنائكم، جعلها الله في ميزان حسناتكم.
أنا فتاة أبلغ من العمر (19) سنة، وأقطن بأسبانيا وأنا محجبة وأتقي الله، وأجاهد نفسي للابتعاد عن كل ما هو محرم، لكن مشكلتي هي أني أحب ابن عمتي منذ خمس سنوات مع العلم أني لم أره طوال هذه المدة، هو أيضا يقطن بأسبانيا ولكنه في مدينة بعيدة عني.
منذ خمس سنوات مضت التقيت به في وطننا الأم، وهنا بدأ تعلقي به؛ لأنه شاب خلوق ومحبوب، ولكن في هذه المرحلة كنت غير محجبة وجدا مرحة، فلهذا كنت بالنسبة له الطفلة المحبوبة من طرف الجميع ومن طرف عمتي، المهم هو أني أريده زوجا لي وربما عندما يراني أعجبه أكثر لأني أصبحت محجبة وناضجة وأخاف من الله في أي عمل أفعله والحمد لله، فأخبرتني صديقتي أن أخبره بحبي أو ألمح له، وأنا رفضت لحفظ كرامتي كفتاة مسلمة، فبرأيكم ماذا أفعل؟ وهل أنا آثمة لكوني أحبه؟ أفيدوني أفادكم الله.
آسفة على الإطالة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الكريمة/ Hanin حفظها الله
تحية طيبة وبعد:
فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا.
فلن يضيع الله فتاة تتقي ربها، وتحافظ على حجابها، وتجتهد في البعد عن كل أمر حرمه الله، وأبشري فإن الله يقول: ((إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون))[النحل:128]، وهو سبحانه يدافع عن الذين آمنوا، ويحفظ ويوفق من التزم بشرعه ودينه.
ونحن نشكرك على السؤال الذي يدل على ما عندك من الحياء وكريم الخصال، فحافظي على بذرة الخير في نفسك والزمي طاعة صاحب العظمة والجلال.
أما بالنسبة لنقل مشاعرك إلى ابن عمتك، فنحن نقترح عليك إخبار الوالدة لتنقل مشاعرك إلى والدك ليخبر أخته أو بأخبار إحدى عماتك أو قريباتك لتتولى هي إيصال هذه المشاعر، ويفضل أن تكون محبوبة في الأسرة، وقد أرسلت خديجة للنبي صلى الله عليه وسلم من تخبره برغبتها في الارتباط به.
ولما كان الشاب هو ابن عمتك، فإن الحرج مرفوع بخلاف الرجل الغريب الذي ربما ظن مستقبلا أنك جربت خلقه وربما عاب عليك ذلك، ولكن القريب يعرف أخلاق أهله ولا يستطيع أن يسيء لأهله؛ لأنه بذلك يسيء لنفسه ويرتد سهمه إلى نحره.
ونحن نوصيك بكثرة الدعاء، والتوجه إلى من يجيب من دعاه، واعلمي أن قلوب العباد بين أصابعه يقلبها ويصرفها فاشغلي نفسك بما يرضي الله وتوكلي على من لا يوفق إلى الخير سواه، واجتهدي في صلة أرحامك، وخاصة عمتك الكريمة؛ لأنها صاحبة الأثر الأكبر على ولدها، وأول من سوف يسعد بوجودك معها مستقبلا، ولست – بإذن الله – آثمة بميلك إلى ابن عمتك، ولكن الأثم يحصل إذا فرطت المرأة في حجابها وحيائها وسترها، وتوسعت في مشاعرها، وأعلنت عواطفها وخلت بابن العمة وهو أجنبي عنها، والأجنبي هو كل من يجوز له الزواج من الفتاة.
والإنسان لا يملك مشاعره ولا يلام على ميله بقلبه، ولا يأثم بتعلقه لكن العاقلة تكتم ذلك حتى يتحقق الرباط الشرعي وتحرص على أن يكون حبها لدين الرجل وأمانته وأخلاقه وليس لأجل شكله وأمواله أو مظهره وعقاره، فإن رسولنا صلى الله عليه وسلم قال للمرأة وأولياءها: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه – دينه وأمانته فزوجوه ...).
ولا شك أن الحياء هو أجمل وأكمل ستر تتدثر به المرأة المسلمة، وهو وسيلة الحفاظ على طهرها وسمعتها، ولا عجب فإن الحياء خلق الإسلام وهو للمرأة كالغطاء للحلوى، وإنما تكثر الجراثيم على الحلوى إذا فقدت غطاءها.
ونوصيك بتقوى الله فإنه سبحانه يتولى المتقين وييسر أمورهم ويدفع عنهم الشرور والآفات، واحرصي على ذكره وشكره، واجتهدي في بر والديك وصلة أرحامك وأحسني إلى الفقراء والمحتاجين فإنه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن يسر على معسر يسر الله عليه، وأبشري بالخير وأملي ما يسرك، ونسأل الله أن يغفر ذنبك ويستر عيبك، وأن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.