كيف أخلص النية لله رغم إساءة المقربين لي؟

0 37

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة، توفي والداي حينما كنت في الحادية عشرة من عمري، وبالتالي أصبح أعمامي وأخوالي مسؤولون عني وعن أخواتي، وليس لدي أخوة ذكور، وصرنا للأسف دائما في خلافات معهم خصوصا أهل أمي -رحمها الله-، أهل أبي منهم من توفي، ومنهم خارج البلاد.

ولا أنكر أنهم في بعض الأحيان يمنون علينا بكل ما فعلوه من أجلنا، وفي نظرهم نحن دائما مقصورون في حقهم، ولا نرى حجم ما فعلوه لنا، دائما علينا تجاههم واجبات وليس لنا أي حقوق خصوصا بعد أن كبرنا، فأنا وأخواتي نعيش في بيت لوحدنا، وبيت جدي وإخوان أمي -رحمها الله- بعدما عشنا معهم قرابة السنتين عاملونا فيها معاملة سيئة جدا اضطررنا للرحيل من بيتهم.

دائما نحن من يزور ومن يتصل ويسأل، ولكن نحن نادرا جدا ما يزورونا أو حتى يتصلون بنا، ويؤثرون أولاد خالاتي علينا، لا أدري لماذا؟! لدرجة أنهم في عيد الأضحى يجتمعون كلهم ولا يطلبون مننا القدوم، وعندما بادرنا بدعوتهم لتناول الأضحى في بيتنا لم يلبوا الدعوة.

نشعر حقا بنقص الحنان والدعم، ولا ندري ما الحل؟ أشعر بجفاف عاطفي إذا صح التعبير، لا أب، ولا أخ، لا زوج مثلا وهذا دائما ما يؤرقني.

حاولت أن ألخص شكل حياتي ليفيد ذلك في إجابة الاستشارة:
١) كيف أحتسب فقدان والداي ويكون لي الأجر لما أقاسيه؟
٢) وهو الأهم كيف أعاملهم؟

فعندما يحتاجون إلينا يتصلون بنا وأجد في نفسي كراهة في مساعدتهم، وقد أفصح بذلك مع أخواتي، لكن أحاول أن أخلص النية لله، فهل يقبل الله مني مجاهدتي لبرهم برا بأمي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ غ. أ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وهذا العرض الرائع لهذه الاستشارة، ونسأل الله أن يرحم والديك وأمواتنا وأموات المسلمين، وأن يرحمنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه، هو ولي ذلك والقادر عليه.

سأبدأ بما انتهيت به، وهو أهمية إخلاص النية، فإذا أخلصت النية لله تبارك وتعالى فإنك ستؤجرين على صبرك على الإساءة، وستؤجرين على إحسانك، وما كان لله دام واتصل، ونبشرك بقول النبي عليه الصلاة والسلام لمن جاءه يشكو، قال: (إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، أحلم عنهم ويجهلون علي) قال صلى الله عليه وسلم: (إذا كنت كما قلت فأنكما تسفهم المل) كأنك تطعمهم الرماد الحار، كناية عما يدخل عليه من شر منهم ولتقصيرهم في حق هذا القريب، ثم بشره فقال: (ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك).

فأبشري أنت وإخوانك بمعونة الله، وبتأييد الله، وبالخير من الله إذا استمر منكم الوصال للرحم، حتى وإن قصروا فكونوا دائما من يبادر، ومن يحسن، ولا تلتفتي لكلامهم، ولا تتأثروا بلومهم، إنما الإنسان ينبغي أن يؤدي ما عليه، وصلة الرحم عبادة لله، ولذلك ينبغي أن تقصدوا بها وجه الله تبارك وتعالى، وإذا قصد الإنسان بعمله وجه الله فإن هذا هو خير عون له على الاستمرار، وعلى أن يجد حلاوة الطاعة التي يقوم بها.

بالنسبة للوالدين: طبعا هم بحاجة إلى الدعاء، وبحاجة إلى الاستغفار لهم، والصدقة عنهم، وكل أعمال الخير التي تصلهم، بل من برهم أن تصلي الرحم التي لا توصل إلا بهم، يعني: وصل الأعمام والعمات، والأخوال والخالات، كما أنت تعرفين هذا نوع من البر.

ثم بالنسبة للمعاملة: كوني دائما الأفضل في المعاملة، كما قال ربنا: {ادفع بالتي هي أحسن}، والناس في التعامل درجات، هناك من يعامل الناس بمثل ما يعاملوه، وأعلى منه: أن يعاملهم بما يحب أن يعاملونه به، وأعلى من ذلك: أن يعاملهم كما أمر الله، وأعلى من ذلك: أن يعاملهم كما أحب أن يعامله الله، ونبشرك بأن الذي يحسن ينال الإحسان من الله تبارك وتعالى، والذي يساعد الناس كان الله في عونه وحاجته، فكيف إذا كان هذا الذي نساعده من المحارم – يعني: أخوال أو أعمام أو خالات أو عمات – الأجر فيه مضاعف، فحتى لو احتاجوا إليكم لا تقصروا في تلبية النداء، ولا تعزلوا أنفسكم، أتمنى أن تذهبوا ولا تعطوا الشيطان فرصة، ولا تتوقفوا عن زيارتهم، لأنهم لن يأتوا عندما دعوتموهم إلى البيت، لأنه ليس الواصل بالمكافئ – يعني: وحدة بوحدة – ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها، من إذا قطعت رحمه وصلها.

نحن نريد من كتبت هذا السؤال أن تقود إخوانها إلى الخير والبر، وهذا فيه خير لكم وللوالد وللوالدة، رحمة الله عليهم وعلى أموات المسلمين.

أكرر لك الشكر على هذا التواصل وعلى هذه الاستشارة التي تدل على نفس فيها الخير، فاثبتي على ما أنت عليه، وقدمي طاعة الله، واجعلي عملك خالصا لله.

مواد ذات صلة

الاستشارات