السؤال
السلام عليكم.
أعاني من وسواس قهري بمرض سرطان القولون منذ 9 سنوات، دائما تفكيري أني مصاب به أو سوف أمرض وأموت به، ومجرد تخيل نفسي مصابا بهذا المرض يبدأ شعور التوتر والقلق.
علما أن لدي قولونا عصبيا، وذهبت إلى جميع الأطباء وأكدوا لي أنه قولون عصبي، كل وقتي وتفكيري في السرطان.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أشرف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
الخوف من الأمراض أمر شائع، خاصة هذه السرطانات التي نسأل الله تعالى أن يحفظ منها الجميع، سرطان القولون على وجه الخصوص الناس تتخوف منه، لأنه يعتبر منتشرا نسبيا خاصة وسط الرجال.
لا بد أن تكون قد اكتسبت هذه المخاوف، قرأت عن هذا السرطان، أو تعرف أن إنسانا قد أصيب به، أو لأنه لديك أعراض القولون العصبي، وبدأت تربط ما بين أعراض القولون العصبي وأعراض السرطان، فهنالك مسبب واضح، لكن في ذات الوقت أنا أرى أنه لديك أصلا الاستعداد لمثل هذه المخاوف.
فيا أخي الكريم: يجب أن تحقر هذه الفكرة، هذه الفكرة فكرة خاطئة، فكرة ليست صحيحة، ولا توسوس حول الموضوع، واسأل الله أن يحفظك من هذه الأسقام وغيرها. الأذكار مهمة جدا – أذكار الصباح والمساء على وجه الخصوص – تبعث طمأنينة كبيرة جدا في الإنسان.
وأنا أنصحك – أخي الكريم – أن تقوم بإجراء منظار للقولون لكن لمرة واحدة، أنا على ثقة كاملة أنك لست مصابا بهذا المرض الذي تخاف منه، لكن إجراء المنظار للقولون سوف يطمئنك كثيرا، وتعرف أن هذه المناظير تجرى مرة واحدة كل خمس سنوات، هذا في أحسن الظروف الصحية، وطبعا أنت لست في عمر هذا المرض أصلا، لكن حتى نحسن من قناعاتك أن هذا المرض ليس صحيحا، اذهب وقم بإجراء هذا المنظار، وهو سهل جدا، وبسيط جدا، لا يستغرق أكثر من نصف ساعة، وهذا قد لا أؤيده كثيرا، لكن نسبة لأن هذه الفحوصات يمكن إجرائها كل خمس سنوات أو في مثل عمرك حتى كل عشر سنوات، فلا أرى بأسا في ذلك، المنهج هو المنهج الأول، هو أن تحقر هذا الخوف، ألا تشغل نفسك به، وأن تسأل الله تعالى أن يحفظك، وأن تعيش حياة صحية.
والحياة الصحية تتطلب أن تمارس الرياضة، وأن يكون غذائك متوازنا، هذا أمر مهم جدا، تتجنب السهر، تكون لك أهداف في الحياة، احرص على صلة الرحم، على العبادات، خاصة الصلاة في وقتها، وكما ذكرنا الأذكار وتلاوة الورد القرآني، تطور علاقاتك الاجتماعية، تطور نفسك مهنيا، هذه كلها تجعلك تنشغل بما هو أفضل وأحسن بالنسبة لك.
لكن حتى نجعل قناعاتك صلبة لا بأس في أن تجري هذا المنظار، إذا كان ذلك سهلا، أما إذا لم يكن سهلا أو مكلفا فأرجو أن تتغاضى عن هذا الأمر تماما ولا تشغل نفسك به.
الخوف من الأمراض أيضا يتطلب أن يراجع الإنسان طبيبه مرة واحدة كل ستة أشهر، أي طبيب تثق فيه، طبيب الباطنية، طبيب الرعاية الصحية الأولية سيفيدك من خلال المقابلة العامة وإجراء الفحوصات الروتينية: التأكد من مستوى الدم، ووظائف الكبد ووظائف الكلى، ووظائف الغدة الدرقية، ومستوى الفيتامينات، ومستوى الدهنيات، هذه كلها جيدة جدا، وغالبا ما توصل الإنسان إلى قناعات أنه بالفعل في صحة ممتازة، وأنه يعيش حياة صحية.
هذا هو المنهج الصحيح، حياة صحية، فحص دوري، اجتهاد في كل مرافق الحياة، وتفكير إيجابي، وتحقير فكرة الخوف، والتوكل على الله، والعلم بأن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا، وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا، {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون}.
طبعا توجد أدوية كثيرة تضعف فكرة الخوف هذه مثل عقار (سيبرالكس) أو عقار (سيرترالين)، كلها أدوية جيدة ومفيدة، لكن أنا أريدك أن تعتمد على نفسك، وأن تبني قناعاتك الذاتية الداخلية، فهذا أفضل وأنفع.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.