السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في الحقيقة أقدم شكري للموقع الذي أفادني كثيرا، ولعل الله يجزيكم خيرا.
لدي سؤال بخصوص الحب على الإنترنت، لكني لا أريد أن تتم إجابتي بالنسبة للشرع وهل حرام أو حلال؛ لأنني أعرف الحكم الشرعي، وإنما أريد إجابتي عن السؤال بشكل نفسي فقط لكي أستفيد من الإجابة.
السؤال: هل الحب على الإنترنت صادق؟ يعني هل يمكن للشخص أن يحب فعلا من الإنترنت، أم فقط إعجاب وتعلق؟ لأنني دائما أتجادل مع أصدقائي في أنه لا يمكن للشاب أن يحب فتاة على الإنترنت، أو بالأحرى لا يمكن لأنسان أن يحب شخص عبر رسائل كتابية دون أن يراه.
مع العلم أنني -الحمد لله- بعيد عن هذا الأمر، لذلك طلبت منكم الإجابة بخصوص السؤال فقط لأنني أعرف الحكم الشرعي، فهل يستطع الإنسان أن يحب شخصا من رسائل كتابية فقط، أو صوت دون أن يراه، أم إن هذا الحب مجرد وهم؟
أتمنى أنني لم أطل عليكم، وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا الفاضل-، ونشكر لك هذا السؤال الرائع، ونسأل الله أن يزيدك علما وخيرا وقدرة على إقناع الشباب حتى لا ينخدعوا بعالم النت أو بغيره من مواقع التواصل الموجودة أيضا من خلال النت، ومن العلاقات التي تبنى من خلال هذا الوهم الكبير الذي هو العالم الافتراضي.
وقد أحسنت وصدقت، فإن ما يحدث من ميل من أجل الكتابة ومن أجل الظرف أو من أجل الاختيارات التي يقدمها الإنسان، هذا مجرد إعجاب، ولا يكتمل الحب الصحيح – الحب الحلال – إلا بالنظرة الشرعية، وإلا بالتلاقي بالأرواح، فـ (الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف).
ولذلك نحن حتى من يبدأ العلاقة بهذه الطريقة نطالبهم بأن يخرجوا من العالم الافتراضي إلى عالم الواقع فيطرق باب أهلها، ثم بعد ذلك يطلب النظرة الشرعية، وبعد ذلك يمكن أن يحصل الحب، إذا قدح الميل المشترك والارتياح والانشراح، أما ما عدا ذلك فهو جري وراء السراب، وكثير من التجارب الفعلية التي تابعناها لما حصلت المشاهدة نفر منها ونفرت منه، لأن الإنسان قد يكون قبيح الشكل ويكتب كلاما جميلا، بل قد يكون جميلا ولكن لا يحصل توافقا بين الزوج أو الزوجة أو الشاب أو الفتاة.
ولذلك الحب الحقيقي هو الذي يبدأ بالرباط الشرعي، يبدأ بالمجيء للبيوت من أبوابها، والحب الفعلي هو الذي يبدأ أيضا بمعرفة الصفات والخلال، ويزداد قوة ورسوخا بالتعاون على البر والتقوى، وكثير مما يسميه الشباب (حب) هو عبارة عن إعجاب فقط، وهذا الإعجاب قد يتعدد، فقد يعجب بعدد من الفتيات، أو تعجب بعدد من الشباب، لحسن خطهم، لجمال أسلوبهم، للباقة ردودهم، لأي سبب آخر، وهذا لا علاقة له بالحب الذي يتكلم عنه الناس، بل الحب الشرعي الحلال – كما قلنا – هو الذي يبدأ بالرباط الشرعي، وبالمجيء للبيوت من أبوابها، ثم يزداد بمعرفة مزيد من الخلال والخصال الطيبة رسوخا وثباتا، وكذلك بالتعاون على البر والتقوى، والحب من الرحمن، والبغض من الشيطان، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه.
إذا أنت صادق فيما ذهبت إليه، هذا غالبا ما يكون مجرد وهم، وقد يكون الإنسان فيه صفات سيئة ويكتب كلاما جميلا، أو العكس، لذلك العبرة بالنظرة الشرعية، والعبرة بهذه العلاقة التي لها غطاء شرعي، والحب الفعلي هو حب للصفات، لأن الإنسان له صفات داخلية مستمرة، وهي: الخلال والدين والأخلاق – يعني هذه الأشياء – وله صفات ظاهرية، وهي جمال الشكل، وجمال الشكل عمره محدود، لكن جمال الروح بلا حدود.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والهداية، ونتمنى من كل شاب دخل وبدأ في هذا العالم – يعني كون علاقة عبر الإنترنت – أن يتوب ويتوقف، ثم يأت البيوت من أبوابها، ليبني العلاقة على أسسها وقواعدها الصحيحة، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.