السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سؤالي كالتالي: وأرجو منكم الإجابة جزاكم الله خيرا.
والله لا أعرف كيف أطرح سؤالي، فهو حصيلة سنوات من التفكير، ولكني سأحاول، لي قريبات من العائلة في الماضي كنا نعيش في تجانس أو بالأحرى كنت أظن ذلك، ومؤخرا منذ سنوات تبدل الحال خصوصا أن البعض منهن تزوجن وأمورهن المادية تحسنت، أريد أن أبتعد عنهن، وأخرج من دائرتهن خوفا على نفسيتي؛ خصوصا أن أحوالهن أحسن من حالي من نواحي كثيرة.
فقد تعبت من مقارنة حياتي التي فيها الكثير من الصعوبات والحزن منذ صغري إلى اليوم بحياتهن، والتفكير فيهن بشكل هستيري (لقد خرجوا من دوني، لقد سافروا من دوني، لقد اجتمعوا من دوني، إنهن يعشن في دفء عائلي، وأنا في حزن....إلخ)، مع العلم أنني أدرك تماما أنه لا يجب فعل ذلك.
استمعت إلى الكثير من الدروس، وأنا متأكدة أنهن يقمن بأشياء مع بعضهن كالخروج والتنزه في خفاء عني.
أحس أنني عبء عليهن، ولم يعدن يحبن وجودي معهن، لقد حاولت أن ترجع الأمور كيف كانت ولكن -سبحان الله -لا فائدة، هن كذلك يشكلون عبئا نفسيا علي، ولم أعد أطيقه وأريد السكينة، لن أعترض إذا قدر الله أن أعيش وحيدة، فمن المؤكد أن فيه خير لي ولهن.
أنا لا أريد قطع الرحم، وأفكر منذ سنوات في حل لأرحم نفسي من هذا التفكير الزائد، ولا أريد أن أحسد أحدا، ولم أعد أريد أن أصارع حتى أبقى معهن، الحل الوحيد الذي وجدته هو الابتعاد، وعدم معرفة تفاصيل حياتهن، فهل من الممكن أن أبتعد وأكتفي بالسؤال الخفيف عليهن في الهاتف من حين لآخر ورؤيتهن فقط عند الضرورة القصوى؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تسنيم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يعينك على البقاء على صلة الأرحام، وأن يصلح لنا ولكم في طاعته الأحوال، وأن يحقق السعادة والآمال.
لا شك أن المؤمنة التي تخالط أخواتها وقريباتها وتصبر خير من التي لا تخالط ولا تصبر، وأرجو ألا تأخذي الأمور بالطريقة المذكورة، حتى لو ظهر لك خلاف ذلك من الأخوات أو القريبات من حرصهن على البعد عنك أو افتخارهن بما هن عليه، فافتخري بما وهبك الله من إيمان وخير ويقين، واعلمي أن نعم الله تبارك وتعالى مقسمة، وأن هذا الكون ملك لله ولن يحدث فيه إلا ما أراده الله، وأن ما يقدره الله تبارك وتعالى لنا هو الخير، فليست الأموال وليس الزواج وليست المناصب هي غاية المطلوب في هذه الحياة، ولكن السعيد هو الذي يفوز برضوان الله، فحافظي على صلواتك وأذكارك، قال الله لنبيه ولنا: { ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه} كل من تأتيه الدنيا مختبر، ثم قال: {ورزق ربك خير وأبقى}، رزق ربك من الدين والصلاح، ثم قال: { وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها} قال في نهايتها: {لا نسألك رزقا} قال العلماء: لأن الصلاة من مفاتيح الرزق.
فحافظي على الصلاة، وأكثري من الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ورددي (لا حول ولا قوة إلا بالله)، وتعاملي مع القريبات بما يقتضيه هذا الدين، وبما هي آداب هذا الشرع الحنيف الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به، واشغلي نفسك بالمفيد، ولا تشتغلي بما عند الناس، فإن من إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، وليس من الصحيح أن ينظر الإنسان إلى ما في أيدي الناس (إلى عمارات هذا، إلى أبناء هذا، إلى حياة هذا) لأنك بذلك تتعبي نفسك، ولن تنالي شيئا، والسعيد هو الذي ينظر إلى النعم التي يتقلب فيها، فإذا أدى شكرها نال بشكره لربه المزيد، وإلا فالأمر كما قال الشاعر:
فإنك متى أرسلت طرفك رائدا *** لقلبك يوما أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قادر *** عليه ولا عن بعضه أنت صابر
فالسعيد هو الذي يرضى بما يقدره الله تبارك وتعالى عليه، ويرى نعم الله التي يتقلب فيها.
زادك الله من فضله، ومرحبا بك، وأرجو أن تبقى العلاقة في الحدود المعقولة التي تستطيعي معها الاستمرار، وإذا ذكرك الشيطان ما هن فيه من نعم أو نعيم فتعوذي بالله من شر الشيطان، وتعرفي على نعم الله عليك، وقومي بشكرها، واستبشري من الله بالمزيد.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.