كيف أتعامل مع جدتي وخالاتي اللاتي يتدخلن في حياتنا دائما؟

0 31

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة بعمر 18 سنة، ولله الحمد والمنة، أنعم علي بالهداية والالتزام، أهل أمي يتدخلون في كل شيء في حياتنا، دمرونا حرفيا، أمي تنقل كل شيء لأمها حتى الكلمة، وجدتي تقوم بتحريضها علينا، تريدها أن تنفصل عن أبي.

كذلك خالاتي يسخرن من حجابي، ولأني أنشر الدين وأحاديث الرسول -عليه الصلاة والسلام- يتصلن بجدتي يحرضنها، ثم هي تتصل بأمي وتفعل مشكلة معي، تقول لي: سيأتون ويقتلوننا بسبب ما تنشرين.

الدعوة أصبحت جريمة، حسبي الله ونعم الوكيل، لم أعد أطيق الوضع، أتمنى موت جدتي لما فعلته بنا! لماذا يفعلن هذا معي؟ أحاول ودهن لكني ازداد كرها لهن، ماذا أفعل؟

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ tabark حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك –عزيزتي- في الشبكة الإسلامية.
نشكر لك ثقتك في إسلام ويب، وتوجهك إلينا بالسؤال لبيان وتوضيح ما عليك فعله إزاء ما تواجهين من مشاكل أسرية، ونسأل الله تعالى أن نكون عند حسن ظنك ونصل معك إلى ما يرضيك من حلول وإجابات تزيل عنك الإشكال –بإذن الله تعالى-.

عزيزتي: بداية نهنئك على هذه النفس النقية المحبة لدينها، القائمة بواجبها، الساعية لأداء رسالتها، فبها تدخلين –إن شاء الله- ضمن الفئة التي قال تعالى عنها:" كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله"، فبارك الله فيك، وثبتك على الحق، ونحن نقول لك: استمري على ما أنت عليه من حب الدين، والعمل على دعوة من حولك من الأخوات والصديقات والأهل، وإصلاح المجتمع بالكلمة الطيبة والعمل الصالح، فكل ذلك مما يحبه الله تعالى ويجازي عليه بالثواب والخير " فاستجاب لهم ربهم إني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض"، وكل ما تتعرضين له شيء طبيعي، فهذا طريق الأنبياء والدعاة، فيه المشقة والتعب، ولكن الله ييسره لكل من يسير عليه، وما عليك إلا الصبر والتحمل " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب".

أما مسألة مشكلتك مع أهل والدتك –حفظها الله-:
اعلمي –عزيزتي- أن من برك بوالدتك برك بأهلها، فجدتك التي أنت مستاءة منها هي أم والدتك، وخالاتك هن أخوات أمك، وهذا يعني أن والدتك لن تقبل ولن ترضى أن تغضب أمها أو تخالفها، أو تسيء لأخواتها، إنما تسعى بكل جهدها أن ترضي أمها وتبرها وتطيعها، وأن تكسب أخواتها، وبناء على هذا لا تنتظري من أمك أن تقف معك ضد أمها وأخواتها، ليس لأنك أقل معزة عندها، أبدا، فأنت ابنتها وفلذة كبدها، وأغلى ما عندها، لكنها طاعة لله تعالى تقف في صف والدتها، فالواجب مقدم على العاطفة، ولا يعني ذلك عدم حبها لأمها، فكما تحبين أنت والدتك، فهي تحب أمها وتقدرها وتبرها، لذلك أطلب منك –عزيزتي- عدم لوم أمك على تصرفاتها، لكنك تستطيعين تنبيهها بكل لطف ورحمة وحب، قولي لها أنك تحبينها، وأنها كاتمة أسرارك لأنك تثقين فيها ثقة عمياء أنها لن تنشر عنك شيئا ولن تخبر أحدا عن خصوصياتك وأسرارك حتى أهلها، وأن مهما حدثت أو تحدث من خلافات ومشاكل بينكم فلن يؤثر في حبك لها وسعيك في طلب رضاها، وأطلب منك –عزيزتي- أن تعانقي أمك وتقبلي يديها ورأسها، وتطلبي منها أن تسامحك إن أخطأت أو قصرت في حقها، واعلمي أن رضاها من رضا الله تعالى.

عزيزتي: قال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز:" وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا".

ضعي هذه الآية الكريمة نصب عينيك، وطبقيها في حياتك كلمة كلمة حتى تنالي السعادة والتوفيق في الدنيا والآخرة، فكل أمر ورد في الآية يحمل الكثير من المعاني الجليلة العظيمة، يجب علينا جميعا الانتباه لها، واقتناص فرصة وجود آبائنا وأمهاتنا في حياتنا لتطبيق أوامر الله تعالى بالبر بهم ورد بعض أفضالهم علينا.

ورد في تفسير السعدي: ( ثم ذكر –الله سبحانه- بعد حقه القيام بحق الوالدين فقال:" وبالوالدين إحسانا" أي: أحسنوا إليهما بجميع وجوه الإحسان القولي والفعلي لأنهما سبب وجود العبد ولهما من المحبة للولد والإحسان إليه والقرب ما يقتضي تأكد الحق ووجوب البر). وأيضا في تفسير قوله تعالى:" وقل لهما قولا كريما" (بلفظ يحبانه وتأدب وتلطف بكلام لين حسن يلذ على قلوبهما وتطمئن به نفوسهما).

أخيرا –عزيزتي- بشأن جدتك وخالاتك:
اعلمي أن الإنسان لا بد أن يعاني من مشاكل ومنغصات دنيوية، فهذه الدنيا زائلة وهي دار فناء، وكثير من المنغصات تتعلق بالبيئة والأسرة والأهل والعمل وغيره، لكننا نحاول أن نتأقلم مع الناس حولنا، نأخذ ونعطي، نناقش ونتفاهم، نسامح ونتغافل أحيانا، حتى تمضي الحياة بسلام وأمان، حتى نشعر بالراحة والاطمئنان، نحن –عزيزتي- خلقنا الله لعبادته وعمارة الأرض، ولو قضينا أوقاتنا نلتفت لما قال هذا وما قال ذاك سوف نضيع لحظات جميلة كنا أولى بها نقضيها في تحقيق آمالنا وأحلامنا، أو ننمي فيها أنفسنا، خذي مني هذه النصائح وطبقيها، و-بإذن الله- سوف تستفيدين:
- احذري أن تسرقك المشاكل من نفسك، وتتحول أيامك إلى تفكير سلبي، فتتعطل حياتك.
- احذري أن يجرك الشيطان بكيده وشره إلى منطقة الاكتئاب والحقد والحزن، قاومي مشاعرك السلبية، عاملي الشيطان بنقيض قصده.
- استعيني بالله وتوكلي عليه في كل أمورك، وكوني قوية، اعطي كل شيء حجمه الطبيعي.
- اهتمي في دراستك، وضعي خططا علمية وعملية للمستقبل.
- افتحي صفحة جديدة مع جدتك وخالاتك، بريهن، وأحسني إليهن، وعبري لهن عن حبك واحترامك وتقديرك، بادري بالخير حتى تكسبيهن جميعا فتتغير سلوكهن وتصرفاتهن نحوك ونحو أخوتك.
- حافظي على حجابك، وبيني لهن أن الحجاب فريضة بأسلوب لطيف هادئ، وتقبليهن كما هن، ولا تحتقري وضعهن أو هيئتهن بأي طريقة.
- استمري في طريق الدعوة، واجتهدي، ولا تيأسي، واعلمي أن الله سينصرك ولن يخذلك.
- وأخيرا وأهم شيء أكرر عليك ببر والدتك ومساندتها ودعمها، وحاولي التوفيق بينها وبين والدك حتى لا ترد فكرة الانفصال بينهما، واصنعي بيئة عاطفية محبة صحية في أسرتك، واطلبي من أخوتك دعمك في ذلك، ولا تخافي من مخططات أحد، فلن يصيب الإنسان إلا ما كتب الله له وعليه.

نسأل الله تعالى أن يوفقك في كل أمورك، ويلين قلوب جدتك وخالاتك، ويصلح والدتك، إنه سميع مجيب.

مواد ذات صلة

الاستشارات