أريد منكم الحل فأنا أشعر بالإحباط وأريد الاستقالة من العمل!

0 30

السؤال

السلام عليكم.

أشعر بإحباط منذ تخرجي من المعهد المتخصص أين أخذت الحرفة، والمضي نحو سوق العمل، في البداية كنت أعمل لوحدي أي لم يكن لدي احتكاك بالبشر، مع مرور الوقت، وتغيير الشركة التي كنت أعمل فيها بدأت أحس ببعض المضايقات من الناس الذين يعملون معي، إذ لاحظت بعض الأمور التي كانت تسبب لي القلق وتمرضني نفسيا، أدركت حينها أن أغلبية من يتقرب لي لا يتقرب لي محبة في الله وإنما لقضاء حاجاته، واستغلالي أحسن استغلال، ثم الانصراف عني بكل وحشية.

في الآونة الأخيرة تبادر بذهني مرارا وتكرارا تقديم الاستقالة بسبب الأوضاع المزرية التي أصبحت أعانيها من طرف رئيس العمل الذي بدوره يجب أن تكون معه كعبد ينفذ الأوامر لا غير، الشيء الذي بسببه فضل عني أغلب من يشتغلون معي؛ لأنهم يطيعونه أكثر من الذي خلق الكون، علما أنهم ليسوا مثلي، لا يناقشونه ولا يفرضون شخصيتهم عليه، يريدون العمل لا أكثر وإن كلفهم ذلك الاستغناء عن كرامتهم، مللت من العمل كعبد! أريد حريتي وكرامتي، جازانا الله وإياكم أن تعطوني بعض الحلول.

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ربيع حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك – أيها الأخ الكريم – في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يهدينا جميعا لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو، وأن يصرف عنا سيء الأخلاق والأعمال، لا يصرف سيئها إلا هو.

لا يخفى عليك – أيها الأخ الكريم – أن وجود الإنسان في جماعة له ضريبة، فلابد أن يجد ما يضايقه ومن يضايقه، ومع ذلك فإن (المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، أعظم أجرا من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم)، ونتمنى أن تستمر في عملك، وأن تجتهد في أدائه على الوجه الأكمل، وأن تحافظ على ما في نفسك من عزة وكرامة، لكن كل ذلك في حدود، من حقك أن تظل عزيزا، وهذا الذي ينبغي أن يكون عليه المسلم، لكن ليس من حقك أن تفتعل المشكلات، ويجب أن تدرك أن الإنسان في بيئة العمل قد يكون محكوما ببعض التعليمات والتوجيهات والتعامل مع الآخرين، وهذا ما يقتضيه وجود الإنسان في جماعة.

وأرجو ألا تأخذ المسألة أكبر من حجمها، وكل إنسان له النمط الذي يريد أن يمشي عليه، وحق المدير أو المسؤول أن تؤدي التكليفات والتوجيهات التي يأمر بها طالما كانت خادمة في مصلحة العمل، ولا نريد أن تفتعل المشكلات أو تفتعل الرفض.

أما بالنسبة للناس أيضا فكن حريصا في تعاملك معهم، أد ما عليك، وخذ الذي لك ولكن بمنتهى الهدوء. عود نفسك أن تقول (لا) في مواضعها، أن تقبل بما يمكن أن يقبل، وأن ترفض الأشياء التي لا تقبل، لكن دون أن يكون ذلك سببا لعناد يشوش على بيئة العمل.

نحن لا نوافق الذين يفعلون كل ما يطلب منهم صوابا كان أم خطئا، ولا نوافق من يعمل من أجل المدير، بل ينبغي للإنسان أن يعمل لله، وإذا عمل الإنسان لله وراقب الله تبارك وتعالى فإنه سيفعل أكثر مما يريده المدير، وسيحقق مصالح كبيرة.

لذلك لا نؤيد فكرة الاستغناء عن العمل، ونؤيد فكرة الصبر، وإثبات شخصيتك، والاستمرار في هذه الوظيفة، ونسأل الله أن يعينك على الخير. والإنسان لا يقول (مللت من العمل) بل من حق الإنسان أن يبحث عن عمل أفضل وأحسن، وأرجو كذلك ألا تنقل معاناة العمل ومشكلات العمل إلى حياتك، إذا خرجت من العمل فعليك طي هذه الصفحات، واعلم أن من حولك قد يتشاجروا لكن الشجار ينتهي في مكانه، أما أن يحمل الإنسان تلك المعاناة إلى بيته فهذا مما يطيل على الإنسان المآسي والآلام، وهذا ما لا نريده لك.

نسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يهيأ لك بيئة نظيفة فاضلة للعمل، والحياة هذه تجارب، يكتسب الإنسان خبرة هنا ليعمل هناك، حتى يجد المكان الذي فيه الخير، المكان الذي يرتاح فيه، وكل ذلك يحتاج إلى وقت وتدرج، ولا نؤيد فكرة ترك العمل إلا إذا وجدت ما هو أفضل منه، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات