الشيطان يوسوس لي ويشغلني بأمور تافهة، فماذا أفعل؟

0 38

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

حياكم الله ووفقكم لما يحبه ويرضاه.
كنت قد أرسلت إليكم سؤالا من قبل بخصوص ما جرى لي مع تلك الفتاة ومدى تأثري بها، أنا -ولله الحمد- أدرس الطب وفي السنة الأولى، ومما يعهد عني أنني متفوق دائما في مسيرتي الدراسية، ولكن هذا الأمر أثر علي تأثيرا سيئا، فبدأت أفقد صفة التواضع، وأيضا عندما أحاول أن أتواضع يأتيني الشيطان ويقول لي: لماذا تلبس هكذا؟ سيحتقرك الناس، لابد أن تظهر لهم بمظهر جميل فأنت تدرس الطب، ويجب أن تخبرهم أنك تدرس الطب حتى لا يظنوا أنك شخص متواضع بسيط.

مع أنني والله لم أكن هكذا، ولا أهتم لمثل هذا الأمر، بل حتى أنني عملت عملا تطوعيا في فرن مع مجموعة أقل مني دون أن أهتم لمثل هذا الأمر، وبدأت أهتم بالتفاصيل الدقيقة فمثلا: عندما أتكلم مع شخص ويسألني ماذا تدرس أقول له: أدرس الطب، ثم يأتيني الشيطان ويقول لي: من المحتمل أنه سمعك تدرس شيئا آخر، وهكذا.

لا أدري ماذا حصل لي حتى بدأت أهتم بأشياء تافهة كهذه، وعندما قطعت علاقتي بتلك الفتاة -ولكن لا زالت نفسي متعلقة بها ولكني أجاهدها- هبطت درجاتي في الامتحان، وظهرت النتيجة، يأتيني الشيطان: فماذا سيقول عنك زملائك؟ وبماذا ستخبرهم، فستسقط من أعينهم، وسيتناقلون أخبارك وأنك لم تعد كما كنت، مع أن زملائي هؤلاء أعرفهم جيدا لا يحبونني ويحسدوني.

فانصحوني ماذا أصنع؟ وخاصة أنني مصاب بالوسواس القهري، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك أيها -الابن الكريم- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على العودة إلى الله تبارك وتعالى، وترك ما لا يرضيه، ونبشرك بأن العاقبة إلى خير، ونسأل الله أن يكتب لك النجاح والفلاح.

لا شك أن التواضع من خصال المتقين، كما قال الشاعر: (إن التواضع من خصال المتقين *** وبه التقي إلي المعالي يرتقي)، وما تواضع عبد لله تبارك وتعالى إلا رفعه، والإنسان كلما أعطاه الله مالا أو جاها أو علما ينبغي أن يزداد تواضعا لله تبارك وتعالى، لأن التكبر نقص، وأنت بإذن الله تبتعد عن النقص.

فتعوذ بالله من الشيطان وهمزه ونفخه، ونفخ الشيطان كما قال العلماء هو النفخ بالكبر بمثل هذه المعاني التي يريد للإنسان أن يتعالى بها على الناس. فنسأل الله أن يعينك على قهر هذا العدو وطرد هذه الوساوس، ونبشرك بأن هذا الانزعاج الذي دفعك للسؤال دليل على أنك على الخير، ودليل على أنك تكره ما يحصل. فهنيئا لك بهذه النفس التي تلومك على هذا النقص الذي هو الرغبة في التعالي أو في التكبر.

أما بالنسبة للنقص الذي حصل لمستواك العلمي: فتداركه يسير بإذن الله تبارك وتعالى، إذا أعدت ترتيب الأمور، ورتبت الدراسة، وجعلت اهتمامك بها عظيما، وأرجو ألا تهتم بما يقوله الناس، واجعل همك إرضاء رب الناس، فإن الله إذا رضي عن الإنسان أرضى عنه العباد، فقلوب الناس بين أصابع الرحمن يقلبها ويصرفها، ولا تحاول أن تلتفت للقصة القديمة، كلما ذكرك الشيطان بها تعوذ بالله من شره.

وننصحك بالتخلص من كل ما يذكرك بهذا الماضي، ونؤكد مرة أخرى أن الشيطان سيحاول أن يشوش عليك، لأن هم الشيطان أن يحزن أهل الإيمان، لكن هذا العدو نقهره بتوبتنا واستغفارنا وذكرنا وسجودنا لربنا، فعامل عدونا الشيطان بنقيض قصده، وتوكل على الله تبارك وتعالى، ولا تغتم ولا تهتم بهذه الوساوس، فإن الاغتمام بها والحزن عليها مما يضيع الأوقات عليك، والله تبارك وتعالى لا يحاسبنا على مثل هذه الوساوس ما لم تتحول إلى عمل وممارسة، وقد أثبت ولله الحمد من خلال عملك التطوعي في فرن مع مجموعة من الشباب؛ أنك بإذن الله من المتواضعين، ونحتاج أن نستمر في مجاهدة النفس.

ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات