السؤال
السلام عليكم.
عمري 37 عاما، توفيت زوجتي منذ سنة بسبب مرض السرطان، ولم أخلف منها أولادا، والآن عندما أخطب فتاة أرضى بها وترضى بي، لكن حين تسمع أني تزوجت سابقا (هذا بسبب صراحتي معهن) يقلن: كل شيء في هذا الخاطب جيد إلا أنه تزوج سابقا، وربما يقسن بعض الأمور في حياتهن الزوجية، ولذا فبعضهن يتحدثن عن مشكلة القياس، ويقلن: إذا هذا الشخص تزوجنا فإنه سوف يقيس بيننا وبين زوجته السابقة من حيث: كيف عاش معها وعاشرها سنين من الزمان، وقد كانا يتكلمان ويأكلان معا ويقضيان الليل والنهار سويا، ويجرين بعض الأمور الخاصة بهن على طريقة الزوجة السابقة، ومن جهة ثانية كما يقلن: هو كان يحب زوجته السابقة كثيرا؛ فلذا من الصعب أن يستطيع نسيان زوجته السابقة، وأكيد يقوم بالقياس في بعض الأمور وشؤون حياة الزوجية، وهذا من الممكن قد يسبب البرود ومشاكل في الحياة الاعتيادية الزوجية معه.
هنا أطرح سؤالي الأول، وأريد أن أعرف وبشكل كامل ما هي الأجوبة لإقناع تلك الفتيات؟
أنا خريج جامعي وباعتقادي إنسان مثقف ومؤمن بالله وبدين الإسلام ولدي أخلاق حسنة، وأريد أعرف كيف أكون في الأرض الواقع؟ وكيف أتعلم الطرق العملية؛ لأن لا أقوم بالقياس في شيء في حياتي الزوجية القادمة مع زوجتي إن كانت هذه حقيقة وواقعا كما يقلن؟!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بهرام حفظه الله،،،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك ويلهمنا جميعا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا!
فلا شك أن الوفاء للزوجة المتوفاة مطلوب؛ وهو هدي رسولنا صلى الله عليه وسلم إمام الأوفياء مع خديجة رضي الله عنها وهي سيدة النساء، فقد ظل يذكر محاسنها وأياديها البيضاء، بل ويحترم ويقدر صديقاتها من النساء، وذاك قمة في المودة والوفاء، ولا عجب فنحن نتكلم عن خاتم الأنبياء عليه وعليهم صلاة رب الأرض والسماء.
وليس عيبا أن يتزوج الإنسان بعد وفاة زوجته، وليس في ذلك نقص في الوفاء كما يظن بعض الغافلات والجهلاء ولكنه فعل رسولنا صلى الله عليه وسلم وسلف الأمة الأجلاء، فإن معاذا رضي الله عنه قد ماتت زوجته في الطاعون وكان معاذ يصارع الموت، وقال لهم وهو في تلك الحالة: زوجوني فإني أكره أن ألق الله وأنا أعزب. وتزوج الإمام أحمد بصالحة وعاش معها ثلاثين سنة وقال يوم وفاتها: والله ما اختلفنا في كلمة. ثم قال لهم يوم وفاتها: زوجوني، والله ما لي بالزواج من حاجة، ولكني أكره أن أبيت ليلة وأنا أعزب. فزوجوه ولم تتهرب منهم النساء؛ لأنهم كانوا على الخير والهدى الذي نزل به جبريل من السماء، ولم يسيئوا معاملة الزوجة الثانية كما هي ثقافة المسلسلات وفكر الجهلاء ولكننا نعيش في زمان المسلسلات وفي عصر المجلات، ونسأل الله أن يرد إليه المسلمين والمسلمات ومن هنا فنحن ننصحك بما يلي :-
1- عليك بكثرة اللجوء إلى من يجيب من دعاه.
2- ليس من الضروري أن تسرد تاريخ حياتك لكل فتاة تخطبها.
3- ليس من الحكمة أن تذكر محاسن زوجتك الأولى لخطيبتك؛ فإن ذلك يثير غيرتها ويولد نفورها.
4- لا تحرص على طلب الزواج من صغيرات السن، واطلب لنفسك عاقلة متدينة.
5- ابحث عن الزوجة الصالحة ولو في خارج منطقتك ومدينتك.
6- إن كان للمتوفاة شقيقة أو قريبة؛ فهي أنسب من غيرها؛ لأنها أوفى من غيرها لرحمها.
ولاشك أن قلب الرجل يتسع للوفاء للزوجة السابقة وسيمتلئ كذلك بالمودة للزوجة الجديدة التي سوف تكون لها إيجابيات أيضا، ولماذا لا نتفاءل دائما بدلا من التشاؤم وتوقع الشرور؟! ومما يعين على إقناع الفتيات المخطوبات تذكيرهن بأن السيطرة على قلب الرجل مهارة تجيدها العاقلات، وإذا قصرت المرأة في حق زوجها فإنما جنايتها على نفسها.
وإذا كنت -ولله الحمد- على درجة من الوعي والثقافة فنحن ندعوك لقراءة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وهديه مع زوجاته وحسن معاشرته لهن، مع أنهن كن عددا من النساء وفيهن الأحياء والأموات، والأصل في الإنسان المسلم أن يحترم مشاعر من يجلس معها من زوجاته، كما أن المرأة العاقلة تحب ما يحبه زوجها؛ ولذلك قامت سودة رضي الله عنها بهبة ليلتها لعائشة لعلمها أن ذلك يسعد الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فقد كانت رضي الله عنها كبيرة في سنها، واستطاعت عائشة رضي الله عنها بمهارتها وفقهها أن تجلب لها رضا النبي صلى الله عليه وسلم.
ونحن نوصيك بتقوى الله وبحسن المعاشرة لأهلك، وعليك بكثرة الدعاء والتوكل على رب الأرض والسماء، واجتهد في الإحسان لوالديك والدعاء للأموات ومساعدة المحتاج، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته.
ونسأل الله لك التوفيق والسداد!