السؤال
السلام عليكم.
أنا امرأة متزوجة، أم لـ 3 أطفال، كنت نائمة وأشاهد الهاتف وفجأة جاءني إحساس أني سأموت في رمضان السنة القادمة، خفت كثيرا، مع العلم أنا أعاني من وسواس الموت منذ حوالي سنة ونصف، وكانت تأتيني نوبات هلع قوية جدا، أحس بضربات القلب تتسارع، وتعرق، وألم في المعدة، وضيق، لكن والحمد الله النوبات لم تعد كالسابق، لكن حاليا أحس أني سأموت في أي لحظة، وعندما أفكر في المستقبل أفكر أني سأموت.
وكذلك في الفترة الأخيرة صار عندي وسواس من المرض، أي شيء يؤلمني أقول هذا سرطان -عافانا الله-، صار يؤلمني جسمي بالكامل، وفي الليل لا أنام، وأي شيء أفكر فيه في المستقبل أقول بأني سأموت السنة القادمة أو الشهر القادم. والله أنا تعبت كثيرا، صرت عصبية جدا ومتشائمة جدا، أي شيء أتكلم فيه أقول هذا أكيد رسالة لأني سأموت، مع ألم في الجهة اليسرى من القلب، ذهبت لطبيب القلب قال لي: قلبك سليم، مع العلم أن حالتي النفسية هذه صارت معي منذ وفاة امرأة في عمري، توفيت وتركت أولادها! كنت أعرفها ولكن معرفة سطحية.
ذهبت للطبيب النفسي ووصف لي دواء ديبريتين، شربته مدة 6 أشهر، بعدها صرت حاملا، فأوقف الطبيب العلاج، ومن ذلك اليوم لم أعد أشرب الدواء، لم أتحسن عليه كثيرا، لكن نوبات الهلع خفت قليلا لكن التفكير في الموت ما زال متواصلا، علما بأني إنسانة مؤمنة بالله والقضاء والقدر، وأصلي في الوقت والحمد الله، أخاف أن أموت ويعاقبني الله، وأخاف إن مت أن يصاب أولادي به!
والله تعبت ولم أعد أفهم شيئا! هل إحساس أني سأموت السنة القادمة إحساس صحيح؟
وشكرا جزيلا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم سادن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء، وأبارك لك هذه الأيام الطيبة، وأسأل الله تعالى أن يتقبل طاعاتكم.
من الواضح أنه لديك بعض الصعوبات النفسية البسيطة، وهذه الصعوبات تتمثل في وجود أعراض القلق الوسواسي المصحوب بالمخاوف، والوسواس والخوف والقلق تمثل دائرة نفسية مهمة، وذلك أن القلق مطلوب بدرجة مناسبة، لأن القلق يحسن الدافعية لدينا من أجل الإنجازات، والخوف أيضا هو وسيلة نحمي بها أنفسنا، وحتى الوسوسة تعلمنا الانضباط، لكن حين تخرج هذه الأشياء عن النطاق الإيجابي تتحول إلى طاقات نفسية سلبية.
لا أريدك أن تنزعجي أبدا، أريدك أن تخطي خطوات لمقاومة هذا الخوف وهذه الوسوسة، بأن تحقري الأفكار الوسواسية، وألا تخوضي فيها، وألا تناقشيها مع نفسك أبدا، لأن نقاش الأفكار الوسواسية يزيدها ويدعمها ويقويها، إنما الأمر الصحيح هو أن يتجاهل الإنسان الوسواس، وأن يحقره، وأن يصرف الانتباه عنه، وحتى يمكن أن تخاطبي الفكرة الوسواسية قائلة: (أقف، أقف، أقف)، وهكذا، وفي ذات الوقت يجب أن تسعي لأن تعيشي حياة صحية.
الحياة الصحية دائما تشعر الإنسان بأنه في وضع صحي ممتاز، وهذا يقلل كثيرا من أعراض الخوف والقلق والوسوسة.
كيف نعيش الحياة الصحية؟
أول خطوات الحياة الصحية هو أن يوازن الإنسان ما بين متطلبات الحياة، المتطلبات الأسرية والزوجية والاجتماعية، حتى ناحية العبادات يجب أن تكون جزءا من حياتنا. وممارسة الرياضة، هذه أيضا مهمة جدا. التواصل الاجتماعي.
أريدك أن تتعودي على النوم الليلي المبكر، تتجنبي السهر، تنظمي وقتك، تستفيدي من فترة الصباح، حتى إني أعرف الكثير من السيدات اللواتي يقمن بالكثير من الواجبات المنزلية بعد صلاة الفجر، وهذا قطعا يعطي شعورا بالإنجاز الإيجابي.
رياضة المشي مهمة جدا، التواصل الاجتماعي مفيد للإنسان، صلة الرحم، الاهتمام بالحياة الزوجية والأسرية.
إذا أمامك فرصة طيبة جدا لتصرف انتباهك عن كل هذه الأعراض السلبية.
أنا أيضا أنصح دائما الإخوة والأخوات الذين يعانون من قلق المخاوف الوسواسي بأن يراجعوا طبيب الأسرة، مرة مثلا كل ثلاثة أو أربعة أشهر، وذلك من أجل إجراء الفحوصات العادية، وهذا له عائد إيجابي جدا على الإنسان، يقلل من الخوف من الأمراض على وجه الخصوص.
فإذا هذه هي النصائح التي أود أن أذكرها لك، وطبعا الدواء مفيد، والدواء مهم، ومن أفضل الأدوية عقار يعرف علميا باسم (سيرترالين)، والـ (ديبريتين) دواء جيد، لكن السيرترالين قد يكون هو الأفضل، وأحسب أنك إن لازلت حاملا فأنت في الأشهر السليمة، بمعنى أن الدواء ليس له أثر سلبي، فيمكنك التشاور مع طبيبك وتبدئي في تناول عقار (سيرترالين)، دائما البداية تكون بجرعة صغيرة، نصف حبة (خمسة وعشرين مليجراما) يوميا لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك تكون الجرعة حبة واحدة – أي خمسين مليجراما – يوميا لمدة شهر، ثم ترفع الجرعة إلى مائة مليجرام يوميا لمدة شهرين، ثم تخفض إلى خمسين مليجراما يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم إلى نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجراما – يوميا لمدة عشرة أيام، ثم خمسة وعشرين مليجراما يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء. من الأدوية الفاعلة والسليمة والممتازة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.