هل أنا السبب فيما أصاب أمي؟

0 23

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سأدخل في مشكلتي مباشرة.

حدث وأختلفت مع الخادمة لأنها لعدة أيام لا ترد على والدتي عندما تناديها، وتماطل بالعمل، وتتجول بالهاتف بالمنزل، عندما قلت لها اجلسي بهاتفك بغرفتك رفعت صوتها بكلمة لا شأن لك، عندها تشاجرت معها، وقلت لأمي ستذهب للمكتب ونأتي بغيرها، هذه لا تريد العمل، وانتهت المشكلة.

ذهبت لغرفتي وجلست ساعتين أو أكثر، بعدها تعبت أمي وذهبت بها إلى المستشفى، وكان ضغطها مرتفع، وكان التشخيص بأن عندها مشكلة في قلبها، ويجب أن تعمل قسطرة.

ضميري يقتلني بأنني أنا السبب في تعبها، هذا التفكير لا يكاد يفارقني، حتى أنني أهملت صلوات السنن،
وقراءة القرآن، بالرغم من أنها من شهور كانت تشتكي من تعب و (فحمة) عند المشي، وقد عرضتها على طبيب منذ أشهر، وذكر لي: أن لديها مشكلة في قلبها، وعدم انتظام نبضاته، ووجدت تشخيصه مطابقا لتشخيص الأطباء الآن.

ضميري يؤنبني، أريد أن أرتاح من هذا التفكير والإحساس بالذنب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ طمئنه حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنرحب بك -أختنا الفاضلة-، ونشكر لك التواصل مع موقعك إسلام ويب.

وبداية نشكر لك حرصك واهتمامك بأمر والدتك، وهذا باب من أعظم أبواب الخير ومن أجل القربات التي تقرب إلى رب الأرض والسموات، وهي فرصة ننتهزها لنوصيك فيها بأمر الوالدة والإكثار من برها والإحسان إليها -شفاها الله وعافاها وأمد في عمرها- وكما تعلمين أن أمر الوالدة عظيم فقد جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ -أي صحبتي- قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك)، فالاهتمام بأمرها وتجنب ما يشغلها ويكدر صفوها هو من البر بها.

ثم اعلمي أنه لن يقع شيء في هذا الكون إلا بأمر الله تعالى، قال تعالى: (إنا كل شيء خلقناه بقدر) فما قدره الله سيكون، وما لم يقدره الله لن يكون، والذي يظهر لنا من سؤالك أنه لا دخل لك فيما حصل للوالدة الكريمة، وأن ما قامت به الخادمة من تقصير وعدم إتقان عملها -وخصوصا عدم استجابتها لنداءات الوالدة- أنك رأيت أن ذلك فيه مصلحة لكم، ثم استبدالها بغيرها، فلا ينبغي أن يصل بك لوم النفس وجلد الذات إلى هذه الدرجة من الهم والحزن، وإن ما أصابك إنما هي وساوس من الشيطان يريد أن يدخل عليك الهموم والأحزان، فتعوذي بالله من الشيطان الذي حكى الله عنه فقال: (ليحزن الذين آمنوا)، وما حصل للوالدة يحصل لكثير من الناس من الأمراض والابتلاءات التي لا يكاد يخلو إنسان من شيء منها، وتجنبي (لو) فإنها تفتح عمل الشيطان، ولكن قولي: (قدر الله وما شاء فعل).

فتوكلي على الله تعالى وأكثري من الدعاء بالعافية والشفاء للوالدة -حفظها الله تعالى- فهو سلاح عظيم، وتذكري قول الله تعالى: (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا)، ولا تجعلي للشيطان إليك سبيلا.

ولا تنسي -كما ذكرت في رسالتك- أنك قد عرضتها سابقا على طبيب وشخص حالتها بأن لديها مشكلة في القلب، وهذا مما يؤكد أن لا علاقة لك فيما أصاب الوالدة، وهو الأمر الذي تلومين نفسك عليه.

وذكرت في سؤالك تقاعسك في أمر الصلاة، ولا ينبغي في حقك، إهمال أمر الصلاة والسنن وقراءة القرآن وأنت التي ينتظر منك خلاف ذلك من زيادة التقرب إلى الله الذي بيده ملكوت السموات والأرض، قال -عليه الصلاة والسلام-: (وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي بيبطش بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه) رواه البخاري، كما أن محافظك على الصلاة سيجعلك تكثرين الدعاء للوالدة في سجودك في كل صلاة وهي حالة أقرب ما يكون العبد فيها من ربه وهو ساجد.

وهذه الصلاة هي سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة لا أن يترك الإنسان الخير ويتقاعس في الواجبات، فعليك أن تعودي لسابق عهدك، وحافظي على فرائض الله تعالى يكن ذلك سببا في نجاتك وفلاحك وإجابة دعوتك.

ثم ننصح بأنه لو كان هناك شيء من الخلاف في المستقبل -وهي أمور واردة- أن لا يكون أمام الوالدة أو ممن يمكن أن يتأثر بما يرى ويسمع، وليكن ذلك بمعزل عنها، مما يمكن أن يكون حله بعيدا عنها، وبعد ذلك قد تحتاجين لرأي الوالدة في مثل هذه المسألة ولا بأس في ذلك.

نسأل الله تعالى أن يشفي الوالدة وأن يرفع ما بك من بأس وهموم.

مواد ذات صلة

الاستشارات