أرغب بالتخلص من الأفكار المزعجة والعيش بهدوء، أفيدوني!

0 33

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لدي الكثير من عالمي الكبير، قصتي طويلة ويجب اختصارها بقولي دائما بأنني سأكون جزء في تغير العالم من الظلام إلى النور، ومن غضب الله إلى رضاه.

لا أستطيع وصف كل شيء لكم، فجأة بدأت أشعر بشعور غريب في أعماقي، شعوري بأن كل شيء ينتهي، هذا الأمر يدفعني إلى الانفعال والحزن والألم، مثلا عند تناول البيزا اللذيذة، سأشعر بلذتها لدقايق، وبعدها سيختفي شعوري باللذة، أو عند الاحتفال سيمضي الوقت وينتهي الاحتفال، وأيضا عندما أدخل الفرح على قلوب الفقراء فهي لحظات وتنتهي، وكذلك سأمر بأول يوم من العرس وينتهي.

كل ما أريد فعله يستمر لساعات ويزول ويصير في الماضي، هذا الشيء أفقدني الرغبة بالعيش، أحس بشيء مختلف لا يوصف.

وكذلك أحلامي ستتحقق وبعدها سوف أموت وينتهي كل ذلك، فقدت الرغبة في اكمال الحياة.

أصبحت لا أشتري ما أحبه من الدكان، لأن السعادة بما اشتريت قصيرة، كل هذه الأفكار تحول دون تحقيق حلمي العظيم.

تكلمت مع والدي عن مشاعري، وحقا هناك شيء غير طبيعي في عقلي، ربما بسبب الإصابات التي حدثت في رأسي عندما كنت صغيرة؟ لا أعلم ربما حقا أثرت كثيرا علي لأنني إلى الآن وأنا أصارع ولا أستطيع الفهم والحفظ، اقرأ الجملة ست مرات لحين استيعابها.

أشعر بأن حياتي في تمثيل، لا أستطيع وصف ما أمر به، أحس بأن لدي شخصيتين مختلفتين، تعرضت إلى التنمر والخيانة والاتهامات والصراعات.

أجبرت والدي لأخذي إلى الطبيب، وفي كل مرة لا يكتمل العلاج لسبب ما، كأن الله يناديني للذهاب عنده، أحيانا أظل أبكي وأرجو الله بقولي هل أنت راض عني يا رب أم لا، هل أنا في الجنة أم النار؟ أعيش في كوابيس وخوف ووسواس.

لا أريد شيئا سوى رضا الله رغم عمري الصغير، ربي لا يجيب الدعاء مما يجعلني أعيش بجنون حقا.

شكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رهام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأشكرك على ثقتك في هذا الموقع.

بادئ ذي بدئ أنا قمت بالاطلاع على رسالتك وتدارسها بكل دقة، وأستطيع أن أقول أن الحالة التي تعانين منها هو نوع من الأفكار الوسواسية القهرية، الإنسان قد تطرأ عليه الكثير من الأسئلة التي تنشأ من كيانه الداخلي، وهذه الأسئلة قد تكون محيرة، وقد تكون مخيفة، وقد يطرأ عليها إجابات مفترضة، أو لا يصل لأي نوع من الإجابة، وهكذا يستمر هذا المسلسل الفكري المزعج.

فإذا – أيتها الابنة الفاضلة – هذه مجرد وساوس قهرية، والوساوس كما نعرفها – خاصة الوساوس الفكرية – هي: فكرة تتسلط على الإنسان ويؤمن الإنسان بسخفها، لكن يجد صعوبة في ردها والتخلص منها، وإذا حاول مقاومتها يصاب بالقلق، كما أن الوساوس تكون مصحوبة بشيء من تشتت التركيز؛ لأن القلق هو مكون رئيسي فيها.

وأنا أؤكد لك حقيقة مهمة جدا، أن هذه الوساوس منتشرة، وفي مثل عمرك - إن شاء الله - تعالى هي عرضية وعابرة وليست مطبقة، بمعنى أنها لن تكون علة نفسية مزمنة، ولا علاقة لها بالاضطرابات العقلية، أو ما يسمى بالاضطرابات الذهانية، هي حالة نفسية عصابية مكتسبة، و- إن شاء الله - تعالى تزول.

من أهم وسائل العلاج هي: التجاهل التام لهذه الأفكار، وعدم الخوض في تفاصيلها مهما كانت، ويمكنك أن تكتبي هذه الأفكار في ورقة، تبدئي بأضعفها وتنتهي بأشدها، وبعد ذلك تستجلبي الفكرة الأولى ودون تعمق فيها تقولي لنفسك: (أقف، أقف، أقف)، وهنا المقصود بالمخاطبة هي الفكرة، تخاطبي الفكرة (أقف، أقف، أنت فكرة وسواسية حقيرة، أنا لن أهتم بك) وهكذا. هذا التمرين يسمى (إيقاف الأفكار)، وهو تمرين مهم جدا.

التمرين الثاني نسميه بـ (تمرين صرف الانتباه): أن تتدبري في الفكرة دون تمعن عميق، ولا تدبر شديد، ثم تصرفي انتباهك عنها فجأة لشيء آخر، مثلا: تتأملي في القمر، تقومي بأخذ نفس عميق عدة مرات، تتأملي في شيء جميل في حياتك ... وهكذا، إذا المقصود من هذا التمرين هو أن تصرفي انتباهك لشيء آخر، وهذا التمرين ناجح جدا إذا طبقه الإنسان بصورة صحيحة.

التمرين الثالث نسميه بـ (تمرين تنفير الفكرة) أي: أن ينفر الإنسان نفسه من الفكرة الوسواسية، وذلك من خلال أن تربطي الوسوسة بشيء مخالف لها تماما، وجد أن إيقاع الألم الجسدي على النفس من أفضل التمارين، ولتطبيق هذا التمرين: يمكنك أن تضعي الرباط المطاطي الذي تربط به الأوراق المالية على رسغك وتقومي بجذبه قوة وشدة ثم تطلقيه، وهذا سوف يوقع عليك ألم شديد، وفي نفس اللحظة تفكري في الفكرة الوسواسية.

إذا الربط ما بين وقوع الألم والفكرة الوسواسية يضعفها، بشرط أن يكرر هذا التمرين عدة مرات، أو يمكن أن تقومي بشم رائحة كريهة وتستجلبي الفكرة الوسواسية، أو تقومي بضرب يدك على سطح صلب وفي نفس اللحظة تستجلبي الفكرة الوسواسية... وهكذا.

أنت ذكرت أنك ذهبت إلى الأطباء، ومن المفترض أن يقوم الأطباء بشرح كل هذه الوسائل العلاجية لك، - إن شاء الله - تعالى تؤدي إلى الشفاء، وحتى نضمن شفائك أيضا محتاجة أنت لعلاج دوائي، هناك أدوية كثيرة تناسب عمرك، منها دواء يسمى (فافرين Faverin) واسمه العلمي (فلوفوكسامين Fluvoxamine) رائع جدا، فأرجو أن تذهبي إلى طبيبك، وسوف يصف لك هذا الدواء أو أي دواء غيره، لتتخلصي تماما من هذه الوساوس.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات