السؤال
السلام عليكم.
أنا طالبة طب في السنة الثانية.
منذ دخولي للجامعة، شعرت بالضياع، حيث ماذا يجب علي فعله ما أكون الآن؟ وكثير من الأسئلة لم أجد لها جوابا.
أنا كنت شخصية منفتحة ومنطوية قليلا، لا أفصح عن أفكاري لأنها ستلقى الرد بالتجاهل، أو عدم الاستمتاع بتفكيري، حيث إني أحب أن أطيل النظر في الأشياء، وأفكر كيف تعمل وهكذا.
المهم أني لم أعد كالسابق، ولم أعد أعلم ماذا أفعل ولماذا أفعل؟ أنا أشعر بالحزن الشديد الذي يقعدني عن الدراسة، وأصبح كعجوز في 70 من عمرها، أصبحت أمارس الرياضة وعمل تمارين الاسترخاء، قليل ممارسة الرياضة، وهذا -ولله الحمد- ساعد قليلا.
أحيانا أحزن لماذا لم أتعرف على الله في وقت أبكر أو لماذا لم أكن أقرأ الكتب المهمة بدلا من كتب التنمية البشرية والروايات، (كنت أحاول التعلق بالأمل الكاذب الموجود فيها، ومغادرة الواقع حتى أصبحت نصف واعية عقليا، حيث إني لا أركز كثيرا، ودائما متشائمة من ذاتي) أشعر بالتيه.
أحاول أن أجد الطريقة الجيدة للدراسة، ولكن دائما يأتي الحزن فيقعدني عن العمل، وإنني لست جيدة كبقية الناس، وبالنسبة للتخصص أشعر أني لا أستحقه، وكثيرة هي الأشياء، وبسبب عزلي لنفسي أصبحت ضعيفة في التعامل مع الناس.
صوتي بالكاد يسمعه الآخرون، على الرغم من أنه قد يكون عاليا جدا، أشعر بتعب وضغط كبيرين من الامتحانات والعلامات والخوف من الرسوب، والمشكلة بأني أفكر ماذا في الرسوب، وهكذا أحيانا أناقض نفسي، وبما أني أكتم كثيرا، ولا أخبر أحدا بما يتعب قلبي فإني أصبحت غريبة عني، وعقلي غير مرتب.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ sha حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونبشرك بأن في الموقع آباء وأمهات وإخوان لك، يسعدهم أن يكونوا في خدمة الأبناء والبنات، نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.
أرجو أن تدركي أن التصحيح لهذا الذي يحدث إنما يكون أولا بالإقبال على الله تبارك وتعالى، وإدراك الغاية التي خلقنا لأجلها، وندعوك إلى اغتنام هذه الليالي المباركة، التي فيها ليلة خير من ألف شهر، ونسأل الله تبارك وتعالى ألا يحرمنا خيرها وخير ما قبلها وخير ما بعدها، هو ولي ذلك والقادر عليه.
أنت -ولله الحمد- في هذه الاستشارة شعرت بمواطن الخلل، والشعور بمواطن الخلل والرغبة في التغيير هي القاعدة الأساسية للنجاح، فالنجاح إرادة وتصميم، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يخرجك من العجز والكسل، فإن العجز نقص في التخطيط، والكسل نقص في التنفيذ، ولذلك كان الإعجاز من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم عندما أمرنا بأن نتعوذ بالله من العجز والكسل.
إذا كنت قد قرأت كتب التنمية البشرية وبدأت بها، وأيقنت الآن بأن البداية لم تكن صحيحة؛ فإنا نحب أن نؤكد أن البداية الصحيحة لكل القراءات هي أن يبدأ الإنسان بما يصحح به عقيدته وعبادته وتعامله، ثم بعد ذلك ينطلق في أي لون من العلوم شاء، وأعتقد أنه لن يضيع منك الكثير، فعليك أولا أن تستمري في التواصل مع موقعك، وتستمري في التواصل مع الداعيات الفاضلات، وتجعلي للعلوم الشرعية حظا من قراءتك واهتمامك ودراستك، ويمكن ذلك حتى عن طريق الاستماع إلى المواقع الموثوقة ومتابعة موقعك الشبكة الإسلامية، وغير ذلك من الوسائل التي تزداد بها عندك الثقافة الشرعية.
ثالثا: أرجو ألا تلومي نفسك على شيء حدث، لا ترجعي للوراء، ولا تلومي نفسك على الأمور التي حدثت، فإن الإنسان يستطيع أن يتدارك، ويستطيع أن يتقرب إلى الله، ويتعرف إلى ربنا العظيم، يتعرف على هذه الشريعة، ثم بعد ذلك يمضي بما يرضي الله تبارك وتعالى، وبشرى لك فإن الطريق لمن صدق، قد لا يكون هذا الصادق سابق، لكن المهم الطريق لمن صدق، والنجاح والنجاة صدق ساعة، وإن تصدقي الله يصدقك، فأقبلي على الله تبارك وتعالى، وتوجهي إليه بإلحاح، واسلكي السبل التي ترضي الله تبارك وتعالى، وأقبلي على كتاب الله وعلى تلقي العلوم الشرعية التي تصححي بها المفاهيم، وإذا أردت أن تقرئي بعد ذلك فمن المهم جدا عندما نقرأ أن يكون لنا مرشد، يحدد لنا ماذا نقرأ وكيف نقرأ ومتى نقرأ، وخير من يعينك على هذا هم الصالحين من المعلمين والمعلمات الذين يعرفون ما عندك من المواهب والقدرات.
على كل حال: أرجو أن تدركي أنك قادرة على فعل الكثير، والدليل هو هذه الكلمات التي كتبت. قادرة لأنك تستعيني بالله وتتوكلي عليه، واعلمي أن ثقة الإنسان في نفسه فرع من ثقته في الله، والثقة في الله هي نبع التوحيد والمراقبة والإيمان والتوكل على الله تبارك وتعالى.
أقبلي على الله بصدق، واستأنفي حياتك بأمل جديد وبثقة في ربنا المجيد، ونظمي الوقت للدراسة، واعلمي أن الخلطة مع الناس ينبغي أن تكون أيضا بمقدار، الإنسان يخالط ويتعامل مع من يجد عندهم الفائدة، مع من يجد معهم النفع، مع من يصلح أن يقودوه للخير، وسعيد في الناس من وجد إخوة أو أخت تجد أخوات يكن عونا لها على طاعة الله إذا نسيت، وعونا لها على طاعة الله إذا تذكرت، يذكرنها بالله إذا نسيت، ويكن عونا لها على طاعة الله إذا هي تذكرت الطاعة.
نسأل الله أن يعينك على الخير، وأرجو ألا تتعبي نفسك فتحصري هذه الأفكار، وتواصلي مع الموقع، وأخرجي ما في نفسك، واستمعي للتوجيه، وابدئي في تصحيح حياتك، وابدئي بدراسة – كما قلنا – الأمور الشرعية، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والهداية، ونسعد بالاستمرار في التواصل مع الموقع.