السؤال
السلام عليكم.
أنا شاب عمري 22 سنة، كنت بمنطقة انفجار بيروت وحصل الانفجار، والحمد لله لم أتأذ، لكن بعد يوم أصابتني نوبة هلع استمرت ليومين، لم أذهب لأي دكتور، وبعد فترة عرفت أنها نوبة هلع بعد أن عملت جميع التحاليل الجسدية -والحمد لله- سليم لا أشكو من أي مرض، لكن من بعدها يأتيني خوف من الموت، والحمد لله تخطيتها، ويأتيني خوف من الانتحار والحمد لله تخطيت ذلك، ومن حولي يقولون لي هذا وسواس ولا أشكو أي شيء آخر، لكن تأتيني مخاوف، مثلا لو أردت الذهاب إلى مشوار تأتيني فكرة أنت تخاف لا تذهب وهكذا! وأنا أتحدى نفسي وأذهب ولكن أذهب وأنا مجبور، علما بأني لم آخذ أي دواء، وأنا رياضي أمارس الرياضة يوميا، ولم أذهب لأي دكتور نفسي، مرت علي أيام لم أنم من التفكير لكن الحمد لله الآن أنام ومرتاح، لكن عندما أستيقظ تأتيني فكرة مخيفة، هل أصاب بالجنون؟ هل أصاب بالفصام؟ هل أصاب باختلال الآنية؟
أنا أبحث كثيرا على الإنترنت وكل ما أبحث أخاف، وسمعت بتمرين العقل الباطن بأن كل شيء تفكر فيه يحدث، منذ فترة وأنا أبحث، رأيت فتاة تحكي قصتها وتقول أنا أخاف من نظرات العيون تأثرت فيها وأصبحت أخاف أنا أيضا، لكن تغلبت على هذه الفكرة السخيفة.
أرجو منكم تشخيص ما يحصل معي، قصتي كلها منذ 9 أشهر إلى الآن، ولا أريد أن آخذ أي نوع من الدواء.
شكرا لكم، وأرجو المساعدة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مجد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
طبعا الانفجار الذي حدث في بيروت كان حدثا مروعا وجسيما من الناحية المادية وكذلك من الناحية النفسية، وبما أنك حضرت هذا الحدث نقول لك: الحمد لله على سلامتك أولا.
وثانيا: التغيرات النفسية التي حدثت لك هي بالفعل مرتبطة بهذا الحدث الحياتي الكبير جدا. الذي حدث لك بالفعل هي نوع من نوبات المخاوف الشديدة أو التي تسمى بنوبات الهرع، وهذه جزء مما نسميه بعصاب ما بعد الصدمة، الإنسان تأتيه اجترارات وذكريات عن مثل هذه الأحداث السلبية، وهذا طبعا يدخل الخوف والتوتر والوسوسة في نفس الإنسان.
إذا الذي يحدث لك الآن هو درجة بسيطة إلى متوسطة مما نسميه بعصاب ما بعد الصدمة، والأمر لا يتطلب ما يسمى بتمارين العقل الباطني، وهذه الأشياء التي ليست قائمة على الدليل العلمي الرصين. كل الذي تحتاجه – أيها الفاضل الكريم – هو أن تستمر في ممارسة الرياضة، أن تحمد الله كثيرا أنك قد سلمت من هذا الحدث، وأن تسأله العافية من كل سوء، وأن تنظم وقتك، بأن تتجنب السهر، هذا مهم جدا.
وعليك أيضا بتطبيق تمارين الاسترخاء، تمارين الاسترخاء مهمة جدا، وتمارين الاستغراق الذهني، وهذه لابد أن يدربك عليها أحد المختصين في الصحة النفسية كالأخصائي النفسي مثلا.
الاستغراق الذهني من خلاله ينتقل الإنسان من فكرة مؤلمة له نفسيا إلى فكرة محايدة، مثلا: بدل أن تفكر حول هذا الانفجار فكر فجأة في طريقة التنفس عند الإنسان: كيف يدخل الهواء، وكيف يستفاد منه، وما هي نسبة الأكسجين، ومثلا: قم بعد التنفس لديك لمدة خمس دقائق، ... وهكذا. هذه هي الفكرة من تمارين الاستغراق الذهني، وهي مفيدة جدا.
وأنصحك أيضا بالإكثار من التواصل الاجتماعي، التواصل الاجتماعي والقيام بالواجبات الاجتماعية يعطي الإنسان حقيقة الشعور بالسلم والارتياح الداخلي، وقطعا الصلاة في وقتها، والدعاء، والأذكار، وتلاوة القرآن وتدارسه وتدبره، هذه كلها مهمة جدا ومفيدة جدا.
أنت ذكرت أنك لا تريد علاجا دوائيا، لكن أؤكد لك أن العلاج الدوائي أيضا مهم في مثل هذه الحالات، وأنت لا تحتاج له لفترة طويلة. عموما أنا سوف أقترح لك أحد الأدوية، وأترك لك الأمر لأن تقرر، وكما ذكرت لك إذا ذهبت إلى طبيب نفسي أو مختص نفسي هذا أيضا سوف يكون مفيدا لك.
من أفضل الأدوية التي تفيد في مثل هذه الحالات عقار يسمى (اسيتالوبرام) هذا اسمه العلمي، واسمه التجاري (سيبرالكس)، بداية الجرعة تكون خمسة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – يتم تناولها يوميا لمدة عشرة أيام، ثم ترفع الجرعة إلى عشرة مليجرام يوميا لمدة عشرة أيام أخرى، ثم ترفع إلى عشرين مليجراما يوميا، وهذه هي الجرعة الكلية، يتناولها الإنسان لمدة شهرين، ثم تخفض إلى عشرة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم خمسة مليجرام يوميا لمدة عشرة أيام، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة عشرة أيام، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء. الدواء سليم، وفاعل – كما ذكرت لك – وغير إدماني، وهو متميز جدا في علاج رهاب ما بعد الصدمة.
أسأل الله لك العافية والشفاء، وبالله التوفيق والسداد.