السؤال
السلام عليكم
عندي مشكلة، لكنني لا أعرف ما هي تحديدا، ولا كيف أجد لها حلا، ومشكلتي أنني أسرح كثيرا، وقد لاحظ الكثير من الناس هذا الأمر.
المشكلة أن أفكاري تكون سلبية، مثل: "لا تثقي بالناس"، أو "اجعلي كلامك قليلا"، وأحيانا أبدأ في تخيل مواقف وسيناريوهات غير حقيقية، كأن يتخيل أحدهم أنه يحتاج لمساعدة في تصليح شيء، فأتخيل نفسي مهندسة وأقوم بإصلاحه.
قد أتفاعل مع القصة لدرجة أنني، لو كنت أتخيل أنني أقول شيئا ما، فقد أنطق به بصوت مسموع في الحقيقة!
هذا يحدث لي منذ فترة طويلة، وكنت أظن أن الأمر طبيعي ويحدث لكل الناس – أن يتخيلوا مواقف وأحداثا، لكن مشكلتي الحقيقية هي أنني أسرح كثيرا ولا أستطيع التركيز، وهذا سبب لي مشكلات في الدروس.
أضطر أن أطلب من الأستاذ أن يعيد الشرح كثيرا، فيظن أنني لا أفهم أو أنني غير مجتهدة.
في الواقع، أغلب المدرسين يأخذون عني فكرة أنني "غير شاطرة".
ذهبت إلى الطبيب من قبل، وأجريت تحليل صورة دم كاملة، وقالت لي إنني لا أعاني من أي مشاكل عضوية.
السبب الرئيسي لكتابتي هو أن مزاجي يتغير كثيرا، وأشعر أحيانا بعدم الرغبة في عمل أي شيء، لا أذاكر، وتتراكم علي الدروس.
لا أعرف تحديدا كم يدوم هذا الحزن، لكنه يستمر لنحو 4 أيام، وأخرج منه بصعوبة شديدة، بعد محاولات كثيرة للتفكير الإيجابي وتشجيع نفسي.
تعبت جدا، وأشعر أن لدي مشكلات كثيرة، وكل مشكلة مختلفة عن الأخرى، ولا أعرف كيف أتعامل معها.
أتمنى فقط أن أشعر بالاستقرار النفسي، أنا أعلم أن فترة المراهقة فيها اضطراب في المشاعر، لكنني فعليا تعبت.
كما أنني أتعصب بسرعة من أقل شيء، وأحيانا أفتعل مشاكل كبيرة لأسباب تافهة، وكل الأمور أتعامل معها بأعصابي، وهذا ينعكس سلبا علي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في إسلام ويب.
بالفعل المرحلة العمرية التي تمرين بها فيها تغيرات كثيرة، هذه التغيرات نفسية وجسدية وهرمونية واجتماعية وفسيولوجية، والشباب واليافعين والمراهقين يتفاوتون في مقدرتهم على تحمل هذه المرحلة والتعبير عن مشاعرهم.
بالنسبة لك من الواضح أن السبب الرئيسي لتشتت التركيز وعدم التأكد من الذات والدخول في خيالات مختلفة ناتج من حالة قلق نفسي، وهو إن شاء الله قلق مرحلي، يعني أنه لن يدوم طويلا، وكما تعرفين فإن القلق النفسي طاقة نفسية مطلوبة، لكن يجب أن تكون بمعدل معقول ومفيد ومنضبط.
القلق الإيجابي يدفعنا نحو النجاح، يدفعنا نحو الإنجاز، يدفعنا نحو المثابرة، لكن حين يكثر القلق ويحتقن القلق يتحول إلى طاقة نفسية سلبية، ينتج عن ذلك ضعف التركيز وتشتته والانغماس فيما يسمى بأحلام اليقظة كما هو في حالتك.
التقلبات المزاجية التي تحدثت عنها أيضا هي مصاحب رئيسي لحالة القلق الذي تعانين منه، و-إن شاء الله تعالى- ستنتهي.
أولا: أنا لا أرى أنك تعانين من مشكلة نفسية حقيقية، هذه مجرد ظاهرة، فأرجو أن تطمئني، هذه هي النقطة الأولى في العلاج.
النقطة الثانية: أنت في حاجة لتغيير نمط الحياة وليس لأدوية نفسية، وتغيير نمط الحياة الذي أقصده هو أن تجتهدي في تنظيم الوقت، وأهم نقطة بل النقطة الارتكازية في تنظيم الوقت هو أن يبدأ الإنسان بأن ينام نوما ليليا مبكرا، ويتجنب السهر، هذه هي أول النقاط المهمة، وطبعا النوم يجب أن يحضر الإنسان له، يجب أن يثبت وقته، ويجب أن تقومي بقراءة أذكار النوم بتدبر وتمعن كل ليلة قبل النوم، والإنسان حين ينام مبكرا – خاصة في مثل عمرك – يستيقظ مبكرا بطاقات هائلة جدا وعزيمة وتفاؤل، ويؤدي الإنسان صلاة الفجر.
بعد ذلك – بعد الاستحمام وتناول الشاي مثلا – تبدئي في المذاكرة، تقومي بمذاكرة دروسك لمدة ساعة مثلا إلى ساعة ونصف، ثم تذهبي إلى مرفقك الدراسي، إلى المدرسة، هذه بداية عظيمة جدا، ستستشعرين بالإنجاز الإيجابي هذا: (نوم مبكر، نشاط، صلاة، دراسة صباحية)، ويعرف أن مستوى التركيز يكون في فترة الصباح هذه – أي فترة البكور – في أفضل حالاته.
في المدرسة اجلسي دائما في الصفوف الأمامية، ركزي مع المعلمة، وبعد الرجوع إلى البيت خذي قسطا معقولا من الراحة، دون اللجوء إلى النوم النهاري، تجلسي مع أعضاء الأسرة، تتواصلي اجتماعيا، ترفهي عن نفسك بشيء طيب وجميل، تؤدي صلواتك، ثم تدرسين مرة أخرى لأي فترة ترينها مناسبة، وهكذا.
إذا بهذه الكيفية تكوني قد أدرت حياتك ووقتك بصورة إيجابية وجيدة، وهذا هو باب النجاح، هذا يقضي تماما على التفكير السلبي، ويقضي على التشتت الذهني، ويقضي على أحلام اليقظة، ودائما ضعي لنفسك مهاما، لا بد أن تكون هنالك واجبات، لا بد أن تكون هنالك أهداف واضحة، أهداف قصيرة المدى، وأهداف متوسطة المدى، وأهداف بعيدة المدى، هذا هو المرتكز الرئيسي للاستفادة من القلق وتوظيفه بصورة إيجابية ليكون قلقا نافعا ومنتجا.
أنا حقيقة متفائل جدا أنك -إن شاء الله تعالى- ستكونين على أفضل حال، طبقي ما ذكرناه لك من إرشاد، واجعلي نمط حياتك على هذا المنوال الصحيح والإيجابي، ولا تركزي على السلبيات أبدا، دائما انظري إلى الأمام، دائما كوني متفائلة، كوني نشطة، كوني يدا عليا، بهذه الكيفية إن شاء الله تعالى تتحسن أحوالك وترتق صحتك النفسية بصورة ملحوظة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.