رغم أنني أصلي وأحرص على أن أتقي الله، لكنني لم أوفق حتى في أصغر الأمور.

0 36

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب عمري 18 سنة، في هذا العمر يجب أن يكون لدي الأمل، لكنني منذ كنت صغيرا عرفت طعم اليأس، وعرفت كيف يكون كبت الحزن، منذ الصغر لم أشعر بالسعادة الحقيقة.

لم أوفق في أصغر الأمور حرفيا، كان الإحباط يلازمني، وثقتي بنفسي تنعدم شيئا فشيئا، أنا شخص لدي أحلام أضعها كل يوم، لكنني أشعر بأن الدنيا كلها تقف ضدي، حتى لم أتخطى المرحلة الأولى، أحب التفوق والتميز لكنني لا أجده وأسعى بدون فائدة.

منذ أن كنت صغيرا نظرت لأشكال الآخرين، لم يعطيني الله شيئا من الجمال، حتى إخوتي جميعهم أجمل مني، كنت أشعر بالحزن ولا أخبر به أحد، ولم يعوضني الله بدلا منه شيئا جيدا، فحتى أنني منذ الصغر أعاني من ألم أسفل القفص الصدري مباشرة مثل النفخة، ودائما أعر بالدوخة عند الوقوف، لا أعيش في بيئة مثالية، لست شخصا اجتماعيا، لدي صديقان ولا أراهما كثيرا.

أما عن عائلتي فدائما ما يعايرانني بأخي لأن لديه أصدقاء أكثر ودائما معه، دائما يقولون لي كلاما يضايقني جدا لكنني لا أبدي ذلك، أما عن علاقة عائلتي ببعضها فليست جيدة، فليس لدي إلا عم واحد لدية أولاد، وأبي وعمي كانوا لا يتكلمون مع بعضهم، مما جلعني ليس لدي أعمام ولا أولاد عم.

وضعنا المادي سيء جدا، فنحن نعيش بغرفة وصالة، أصبح عمري 18 سنة، وما زلت بتلك الغرفة والصالة مع أهلي، موخرا جددت العلاقة مع ربي وأصبحت لا أقطع فرضا وأحفظ القران لكن لا جدوى، الأمور تصبح أسوأ كل يوم، أعمل جاهدا للحصول على أي شيء، وغيري بدون عناء يأخده.

آسف على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

أيها -الفاضل الكريم-: من الواضح أنك قد انتهجت المنهج السلبي في الحياة، فكرا وشعورا وسلوكا، واليأس يمكن للإنسان أن يتعلمه مثل كل الأشياء الأخرى، كما أن الأمل والسعادة يمكن للإنسان أن يتعلمها.

فيا -أيها الفاضل الكريم-: يجب أن تدرك أن الإنسان عبارة عن أفكار ومشاعر وأفعال. أنت أصبحت سلبيا جدا من كل ناحية، أنا لا أنتقدك أبدا، والعيب ليس فيك، لكن المفاهيم لم تسعى نحوها، لذا أنا أريدك أن تصحح مفاهيمك، أن تعرف أنك شاب وأنك صغير في السن، وأن الإنسان يجب ألا ينظر لمن هم أعلى منه إلا في أمر الدين والتقوى، لا تنظر إلى من هم أعلى منك في الأمور المادية والأمور الحياتية الأخرى، واعلم أن الله تعالى قد خلقك في أحسن تقويم.

أفكارك السلبية عن شكلك ومستوى الجمال: -يا أخي- وهبك الله جمال الأخلاق، وهبك الله الحياة، وهبك الله العقل، وهذا يكفي تماما.

حقيقة هذه المشاعر نسميها (الشعور بالدونية) لا أريدك أن تشعر بهذه الدونية أبدا، مهمتي الآن أن أجعلك أن تستوعب استيعابا علميا، سبب هذه الأفكار، وسبب هذه العلة، وهي أنها أمور مكتسبة، ويجب أن تخالفها تماما، أن تنظر في الجوانب المشرقة في الحياة، وأن تعرف وأن تدرك أن لا أحد يستطيع أن يغيرك، لا أحد يعطيك أي شيء، أنت الذي تغير نفسك، وأن الله تعالى {لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، والتغيير يأت من خلال وضع الأهداف، فيجب أن تضع أهدافا في الحياة.

الآن أنت -ما شاء الله- ذكرت أنك بدأت أكثر تقربا إلى الله، وبدأت حفظ القرآن، هذا أمر جيد، هذا هدف عظيم جدا، هدف نبيل، وتضيف إليه أهدافا أخرى، مثلا أن تبدأ ممارسة الرياضة، أن تجتهد في دراستك، أن تحسن إدارة وقتك، وأفضل طريقة لإحسان إدارة الوقت هي أن تنام نوما ليليا مبكرا، وأن تتجنب السهر، وحين تنام مبكرا سوف تستيقظ مبكرا وأنت مليء بالنشاط والحيوية والإقدام على الحياة، وتصل الفجر، وبعد الصلاة سوف تأتيك هذه الفرحة وهذه الانشراحة العظيمة وتبدأ في المذاكرة في تلك اللحظة، تدرس لمدة ساعة، هذا يكفيك تماما لبقية اليوم، وأنا متأكد أنك لو اتبعت هذا المنهج البسيط سوف تكون من المتميزين في كل شيء، وأنا بالفعل أدعوك للحرص على اكتساب العلم والمعرفة، لأن الإنسان كلما اكتسب علما ومعرفة سوف يزداد قوة وثقة في نفسه، وكل شيء يكتسبه الإنسان من مال وغيره يزول إلا علمه ودينه، لا أحد يستطيع أن يأخذ أو ينزع عنك أي منهما.

هذه هي الحياة، وأنت تتكلم عن الفقر في الأسرة، إذا انهض بنفسك حتى تساعد أسرتك، كن يدا عليا. فإذا الأمر -إن شاء الله- بسيط، وأنا حقيقة قد أعجبتني صراحتك ووضوحك، لكن لا أريدك أبدا أن تكون لك مشاعر دونية، لا، واسعى دائما لبر والديك، فهذا فيه خير عظيم لك، كن مع الصالحين من الشباب، كن دائما فاعلا مشاركا فيم هو طيب وما هو جميل، وهذا هو الذي سوف يساعدك حقيقة، وينهض بك من الناحية النفسية والشعورية والسلوكية.

أنت لا تحتاج لأي علاج دوائي، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات