السؤال
السلام عليكم.
ابنتي عمرها 21 سنة، تعاني من أعراض نفسية حادة، والأطباء فشلوا في تشخيص حالتها، أصيبت في سن السادسة بالالتهاب السحائي المتكرر، وارتشاح السائل النخاعي من الأنف، فأجرى الطبيب لها جراحة لسد فتحة في قاع الجمجمة (عيب خلقى)، وأزال جزء صغيرا متليفا من أسفل الفص الأمامي للمخ نتيجة للالتهاب السحائي المتكرر.
عانت قبل سن البلوغ من العناد، وعدم الانقياد والطاعة، فلجئنا إلى تعديل السلوك بتوجيه من الأطباء النفسيين، وشخصوا حالتها سمات من طيف التوحد، مع تشتت في الانتباه والتأخر، وضعف التحصيل الدراسي، غير قادرة على التواصل أو بناء علاقات اجتماعية، أو صداقات، وداومنا على جلسات تعديل السلوك وكان التحسن بطيء للغاية، ونصح الأطباء بعدم اللجوء للأدوية النفسية؛ لأن المخ ما زال في مراحل النمو.
بدأت دراستها فى المراحل المبكرة بفصول دمج خاصة بالمدارس الدولية في السعودية، حيث كنا نعمل لفترة حتى أمكن إلحاقها بالفصول الدراسية العادية، وواصلت دراستها مع التدعيم بالدروس الخاصة، والتحقت بالجامعة، وأصبحت بالسنة الثالثة، وهاجمتها نوبة الصرع 3 مرات آخرها منذ عام.
الأطباء يبدلون لها العلاج شهريا، وآخر دواء/ سيروكسات 25 مجم مرتين، -ديفاكوت 500 مجم مرتين-ريسبردال 2 مجم مرة وخفض إلى النصف لإصابتها بالتبول اللاإرادي.
أصبحت تعاني من رفض التعلم، والوسواس القهري، والاعتراض على كل شيء، والإصرار والاندفاع في تنفيذ ما تريده بالقوة، وإذا اعترض أحدنا يتملكها الهياج والثورة والعدوانية، وتضرب وتخمش وتعض وتقذف الأشياء، الدواء لا يحسن حالتها، فهل لديكم الرأي السديد؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لهذه الابنة الشفاء والعافية.
أخي: هذه الابنة بفضل من الله تعالى تطورت بشكل ملحوظ، حيث إن أصابته الدماغية كانت في الطفولة، وبفضل من الله أولا ثم جهدكم التأهيلي استطاعت أن تتقدم أكاديميا واجتماعيا، إلى أن حدثت الآن النوبات الصرعية، وأصبح لديها الكثير من سمات اضطرابات المسلك، مثل الانفعالات الزائدة والهياج والعدوانية كما هو واضح في وصفك.
أيها الفاضل الكريم: هذه الحالات تشخص أنها حالات نفسية مختلطة، ناتجة من إصابة عضوية دماغية. من وجهة نظري وحسب المعلومات المتوفرة هذا هو التشخيص الأقرب، والحالة النفسية مختلطة حقيقة، نشاهد أن هنالك انفعالات زائدة، هناك هياج، وقطعا يكون ذلك ناشئا من اضطراب مزاجي، لا أستطيع أن أقول أنها تعاني من اضطراب ذهاني كجزء من الاضطراب النفسي العام، وإن كان ذلك غير مستبعد.
طبعا وجود البؤرة الصرعية ربما يشير غالبا أن الإصابة الدماغية تمركزت حول الفص الصدغي، والفص الصدغي هو مركز العواطف والوجدان، وهذه طبعا سمات مهمة جدا من حيث ضبط المشاعر والانفعال وخلافه.
نصيحتي أخي الكريم هي: أن تظل هذه الابنة – حفظها الله – تحت الرعاية العلاجية النفسية، بواسطة طبيب نفسي مختص في الأمراض النفسية الناشئة من أسباب عضوية، أو ما يسمى باللغة الإنجليزية (Neuropsychiatry) فهذا التخصص تخصص دقيق، يمكن من خلاله أن تقدم خدمات علاجية وتأهيلية ممتازة جدا لهذه الابنة، وطبعا أيضا رأي طبيب الأعصاب المختص في أمراض الصرع سوف يكون جيدا.
أخي: الأدوية يمكن أن ترتب، يمكن أن تغير، يمكن أن تعدل، هذه ليست إشكالية أبدا، مثلا: عقار (تجريتول Tegretol) والذي يعرف علميا باسم (كاربامازيبين Carbamazepine) يمكن أن يكون بديلا للـ (ديفاكوت Divakote)، لأن الكاربامازيبين بالرغم من أنه ذو فعالية أقل في احتواء النوبات الصرعية؛ إلا أنه قطعا يلطف المزاج ويعالج الهيجان والانفعالات الشديدة.
كما أن عقار مثلا (أولانزبين Olanzapine) يمكن أن يكون بديلا لعقار (ريسبيريدون Risperidone) بجرعة صغيرة، أو يمكن أن نعطي عقار (اريبيبرازول Aripiprazole ).
فالحمد لله تعالى المجال متسع جدا، والـ (سيروكسات Seroxat) أيضا يمكن استبداله.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.