السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب في الثلاثين من العمر، كانت حياتي كلها دراسة وجد، لكن للأسف لم أوفق في إيجاد عمل، وبدأت أعاني من البطالة لسنين طويلة، مما أدخلني في حالة فقدان الأمل والاكتئاب.
مؤخرا حصلت على فرصة دكتوراه في دولة أوروبية براتب مقبول، لكني أحس أنني تعبت من الدراسة والاستمرارية هناك ليست مضمونة، وأنا في هذا السن أحتاج أن أركز على حياتي الشخصية وعائلتي، وخصوصا أمي المريضة نفسيا وعصبيا وتحبني حبا جنونيا، وبالتالي لن تحتمل تركي لها في تلك الحالة، مما قد يفاقم وضعها الصحي رغم أنها برفقة أخواتي، وخصوصا أنها ضد فكرة الغربة، بل وحتى التفكير فيها يجعلها تدخل في نوبات بكاء مرير؛ لأنها تقول أنها تحس بالشر في ذهابي هناك.
بالمقابل عندي فرصة إنشاء مشروع صغير لأعيل به نفسي وأتزوج، لكن المشكلة هنا أنني سأحتاج أن اقترض بعض المال بفائدة 2%، في إطار دعم الدولة لحاملي المشاريع.
يا شيخ جزاك الله خيرا ساعدني في الاختيار، لأن الحيرة قتلتني، والبطالة دمرتني، والعمر يسير بسرعة.
هذا مفترق الطرق في حياتي، ستكون فتواكم لي صدقة جارية - إن شاء الله -.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مرضي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك - ابننا الفاضل - في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يرزقك بر الوالدة، وأن يسعدكم بشفائها وبلوغها العافية، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.
سعدنا جدا بهذا الحرص على رعاية الوالدة وتقدير ظرفها الصحي، ونبشرك بأن هذا العمل الصالح سيكون سببا لتوفيقك في الحياة، وعليه فنحن لا نؤيد فكرة السفر إذا كان سيؤثر عليها صحيا لتعلقها الشديد بك ولحاجتها إليك شخصيا، رغم وجود آخرين، إلا أنها تتعلق بك وتريد أن تكون إلى جوارها، وعليه أرجو أن تؤجل قضية السفر.
أما مسألة البحث عن عمل في داخل البلد فإننا أيضا نرجو منك أن تجتهد، وتواصل الاجتهاد في البحث، وتحر الحلال جهدك، واعرض هذه المعاملة التي تتكلم عنها من معونة الدولة على العلماء والفضلاء الذين حولك، فأهل مكة أدرى بشعابها، ولكن وصيتنا لك أن تتحرى الحلال، فإن الحلال وإن كان قليلا فإن الله تبارك وتعالى يبارك فيه.
ولا نريد لأمثالك أن تقتله الهموم والأحزان فتقعده عن البحث والجد، فالإنسان عليه أن يسعى وليس عليه إدراك النجاح، وعلينا أن نسعى، كما قال ربنا العظيم: {فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه}، كما قال: {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله}، فالإنسان عليه أن يسعى ويبذل الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب. والمؤمن يوقن أن الأرزاق قدرها الله تبارك وتعالى، وأن دورنا هو أن نسعى في طلبها.
ونسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك لك، وأن يعينك على الخير، وأن يرزقك الحلال، وأن يرزقك بر هذه الوالدة، ونسعد بالاستمرار في التواصل مع الموقع، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والثبات والهداية.