السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم جزيل الشكر على هذا الموقع وعلى مساعدتكم لنا على تنوير طريقنا، أما بعد:
فأنا فتاة متحجبة خطبت منذ مدة وهناك الكثير من الأشياء التي تؤرقني وأرجو منكم مساعدتي وطمأنتي:
1- لخطيبي أخ يبلغ من العمر (29) سنة ووالداه في أحسن حال والحمد لله، وكان اقتراحه أن نسكن معهم أو بجانبهم فرفضت ذلك؛ لأنني لا يمكن أن أعيش مع أخيه في منزل واحد خاصة وأنه أعزب، كما أفضل اجتناب الاحتكاك اليومي، وما يمكن أن ينجر عنه من اختلاف وذنوب، علما بأني استنادا لديننا وأخلاق المرأة المسلمة لن أخدش علاقة زوجي مستقبلا مع والديه اللذين سيصبحان -إن شاء الله- عائلتي، فهل أنا مذنبة في رفضي للعيش معهم؟
2- خطيبي يدرس في منطقة تبعد عن العاصمة مسافة (3) ساعات، وكان اقتراحه أن نتزوج ويتركني هنا؛ لأنه إذا استقر هناك سيصعب إعادته للعمل في العاصمة حيث أصدقاؤه وعائلته، وفرص أخرى لتحسين دخله، فكان رأيي أن نؤجل الزواج قليلا لانتظار الموافقة على طلب العودة، حيث لا يمكنني أن أتزوج لأبقى بعيدة عن زوجي، فهل يجب الانتظار؟
3- نأمل أنا وخطيبي الحصول على منزل ولكننا نرفض الربا وبناء منزل بدون قروض ربوية يتطلب وقتا طويلا، فهل ننتظر أن يمن علينا الله بمنزل خاصة ونحن في بداية حياتنا أو أن نتبع الربا؟
4- هل يفرض على الزوجة أن تكون متواجدة بصفة دائمة في منزل والدي زوجها؟ وهل تعتبر رغبتها في بعض الأحيان في أن تكون متواجدة في منزلها خاطئة؟ وفي هذا الإطار هل يمكن أن ترشدنا كيف نوازن بين حقوقنا وواجباتنا تجاه عائلة الزوج؟
5- خطيبي لا يصدقني أحيانا ويتهمني بالتبذير رغم أني لا أطلب منه إلا القليل وقليلة هي المرات التي أعطاني فيها مالا وأصبح يختبرني وهذا أكثر ما يقلقني، كما أنه يتدخل حتى في ما أشتريه ليقول لي: كان يجدر بك شراء ما هو أبخس ثمنا، فماذا أفعل؟ علما بأني أعرف بحسن التدبير في إنفاق النقود.
أنتظر منكم الإجابة على استفساراتي فأنتم بإذن الله عوننا على إماطة الشك من قلوبنا، وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت العزيزة/ Ahlem حفظها الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فنسأل الله العظيم أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يصلح لك الزوج ويرزقك بصالح الأولاد، وأن يعيننا جميعا على ذكره وشكره، إنه كريم جواد.
هنيئا لك بالخطوبة ونسأل الله أن يجمع بينكما في خير، ونتمنى أن يكون الرجل صاحب دين؛ لأن ذلك سوف يحل كل المشاكل؛ لأن الاحتكام سوف يكون إلى كتاب الله وهدي نبيه، وهذا يسهل كل صعب ويوصل إلى كل خير.
ولا داعي للقلق يا ابنتي فإن الأمر لله من قبل ومن بعد، ومتى صلحت النفوس وخلصت النوايا مضت السفينة وإن كثرت الأمواج والعواصف، فتفاءلي بالخير وأملي ما يسرك، وأصلحي ما بينك وبين الله يصلح الله لك ما بينك وبين خطيبك والناس.
وقد أعجبني قولك: "لن أخدش علاقة زوجي بوالديه" الذين سوف يصبحون فعلا من عائلتك، واعلمي بأن أقصر طريق إلى قلب الزوج المؤمن هو احترام أهله وخاصة والديه وأنت أول من ينتفع بذلك وسوف يقابل الزوج اهتمامك وإحسانك بالمثل ويضع أسرتك على رأسه، وسوف يرزقك الكريم بفضله بمجموعة من الأبناء البررة، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ ورغم اتفاقنا معك على طلبك الشرعي إلا أننا نذكرك بضرورة ملاحظة الأشياء الأخرى والحرص على حسن العرض والإخراج لهذا الأمر حتى لا يساء الفهم من قبل أسرة الزوج، ويكون الزوج في وضع محرج ومعادلة صعبة بين طلبك ورغبة أهله في البقاء معهم، وأرجو أن توجهي هذه الأسئلة لنفسك وتفكري في الإجابة النموذجية لها، فإن ذلك مما يساعد على الحل والأسئلة كما يلي:
1) هل أسرة هذ الرجل فيها مراعاة للضوابط الشرعية؟ وهل شقيق الزوج المذكور صاحب دين؟ وهل الزوج حريص على تطبيق أحكام الشرع؟ وما هو الشيء المألوف عندكم؟ وهل إمكانات الزوج تسمح بذلك؟ وهل أنت من نفس المنطقة أم من مكان آخر؟ وما هي الأشياء المتوقعة في حالة إعلانك لعدم الرغبة في السكن مع أهله؟ وما هو الوضع في أسرتك؟ وهل عندكم شقيقات في المنزل؟ وماذا لو بدأتم حياتكم في مكان بعيد عن أسرتك وأسرته، وذلك للاستفادة من فرصة وجوده في منطقة بعيدة؟ ولا شك أن في ذلك فرصة لتقوية العلاقات بينكما وتجاوز للمرحلة الصعبة وهي السنة الأولى من الزواج، ثم ما هي استعداد كل منكما للتضحية والتنازل عن بعض الأشياء ليكون اللقاء في منتصف الطريق؟
ولا يخفى عليك أن الغرض من هذه الأسئلة وغيرها هو إعداد الذهن لتصور المسألة بأبعادها المختلفة، وضرورة تقدير الظروف المحيطة، وأرجو أن يكون التعامل مع الوضع برفق وتدرج وواقعية.
ولا أظن أن في تأخير الزواج خيرا ولا مانع من السفر معه أو السكن عند أهلك بعد الزواج، مع ضرورة التواصل مع أسرته والجلوس معهم أثناء وجوده ثم العودة إلى منزلكم بعد سفره إذا كان الوضع في منزلكم يسمح بذلك من الناحية الشرعية؛ لأنه ربما كان في منزلكم أزواج شقيقاتك أو غيرهم.
وإذا كان استئجار المنازل ممكنا فلا تورطوا أنفسكم في الربا، واجتهدي في التوفير وحسن التدبير، واعلموا بأن الله يبارك في الحلال ويمحق الربا والحرام، ولا شك أن الأصل هو بقاء الزوجة في منزلها مع حرصها على تقديم ما تستطيعه من خدمة ومساعدة لأهل زوجها، وهذا لون من الطاعة للزوج وحسن العشرة له مع ضرورة الاهتمام بالأعراف السائدة عندكم، وما هو المعتاد في مثل هذه الأحوال، ونحن لا نؤيد الخروج عن المألوف خاصة إذا كان موافقا لآداب الدين، ولكننا ننصح بالاجتهاد في تغيير الأشياء المخالفة ولكن بتدرج وحكمة ورفق وحنكة.
وأرجو أن تعلمي أنه لا خير في الإسراف، وأن يعلم أنه لا إسراف في الخير، وكم نتمنى أن لا يكون التعامل المادي هو المقياس الوحيد، والذي يظهر لي أن كل منكما يختبر الآخر، وهذه من مشكلات الخطوبة الطويلة، ولا داعي للتأخير فإنه ليس للمتحابين مثل النكاح، وخير البر عاجله.
ونسأل الله أن يجمع بينكما في خير، وأن يوفقكم لما يحبه ويرضاه.