اكتئاب ووساوس لم تفد معها الأدوية الموصوفة!

0 20

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة، انتقلت للعيش في إيطاليا سنة ٢٠١٨، عانيت منذ صغري من اضطرابات نفسية وعقد منذ نشأتي في بيت كله مشاكل، عند مجيئي هنا ظهرت هذه الاضطرابات بشكل أشرس؛ لأنني بقيت وحدي في هذا البلد، عقلي لم يحتمل، خصوصا أنني أعمل مع كبار السن الذين لديهم اضطرابات عقلية.

أول نوبة أتتني كانت بعد صدمة قوية؛ حيث رأيت سيدة تموت أمامي بشكل مروع، كنت أعمل عندها، بعدها بدأت تأتيني نوبات الهلع، وبقيت في المستشفى، وكلهم قالوا لي بأنه اضطراب نفسي وليس عضويا.

زرت أطباء نفسانيين، علما أنني لا أتكلم جيدا، حاولت أن أشرح لهم دائما، لأوصل لهم ما أعاني منه، فوصفوا لي أدوية لا جدوى منها.

حالتي ازدادت سوءا، وأصبحت لدي وساوس من كل شيء، وخوف يلازمني ليلا ونهارا، واكتئاب لا طعم للحياة معه.

فقدت الرغبة في كل شيء، أصبحت انطوائية وغارقة في دوامة لا متناهية، بحثت في الإنترنت فوجدت دواء اسمه الميرتازابين، أخذته، منذ أول يوم نمت، وفتحت شهيتي للأكل؛ لأنني كنت فاقدة للشهية، جسمي نحيف؛ وكأنني طفلة في عمر ١٠ سنوات، وأنا في ٣٢ الآن.

بعدها أخذته لمدة عامين بجرعة 15mg، حالتي فقط مستقرة، ولا تحسن ملحوظ، حاولت توقيفه، كدت أموت، لدرجة أن معدتي كأنها عقدت؛ لا تستقبل الأكل.

الآن أنا غارقة في همومي، لا أعرف ما الحل؟ جربت مع طبيب آخر، أعطاني الانفرانيل، أخذته لمدة يومين، عقلي أصبح كالطاحونة لايتوقف ليل نهار، وأصبت بانهيار، بعدها رميته وعدت للميرتازابين، لا أعرف لماذا ارتبطت بهذا الدواء بالضبط؟

دائما لدي وسواس أنه سيسبب لي المرض!

أرجوكم ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ rabia حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

الحمد لله أنت بعد مجاهدات في الحياة استقرت الأمور في إطارها، وتعملين مع كبار السن، لا شك أن ما وصلت إليه تغير كبير في حياتك، لكن أيضا فتح لك بابا من أبواب الاستقرار حتى وإن كان نسبيا، لأن الكثير من الشباب الآن يعيشون حياة فيها الكثير من الصعوبات وعدم الاستقرار، (مشاكل المعيشة، مشاكل الحياة، مشاكل الهوية، مشاكل الانتماء) هذه كلها أصبحت قضايا مزعجة جدا للناس.

أنا أراك بخير – إن شاء الله تعالى -. الذي حدث لك هو نوع من عدم القدرة على التكيف من الدرجة البسيطة وليس من الدرجة الشديدة، وظهر هذا (عدم التكيف) في شكل من نوع (القلق الاكتئابي) البسيط، وقد يكون هنالك أيضا شيء من (المخاوف الوسواسية)، لكن كلها من الدرجة البسيطة.

أنا أريدك أن تكوني أكثر إيجابية، أن تثقي في مقدراتك، أن تحسني إدارة وقتك، أن تحرصي على الصلوات في وقتها، فهي مريحة، وهي فاتحة خير. وعليك بالأذكار، أذكار الصباح والمساء على وجه الخصوص، ويجب أن يكون لديك ورد قرآني؛ هذا يجعل لحياتك معنى عظيما.

في ذات الوقت لا تقللي من شأن عملك، نعم هنالك أجر الدنيا، هذا مفروغ منه، لكن أريدك أن تحتسبي أجر الآخرة، حتى وإن كان من غير المسلمين، أن تقدمي هذه الخدمة لهم، هذه المساعدات للناس يجب أن تكافئي نفسك بأن تعتزي بعملك، وأن تكوني مخلصة فيه.

عليك أيضا أن تمارسي الرياضة، رياضة المشي مفيدة جدا. عليك تجنب السهر بقدر المستطاع، إذا كان طبعا عملك ليلا فهذا أمر مفهوم. عليك القراءة والاطلاع، التواصل الاجتماعي مع أهلك، مع صديقاتك، وأن تجعلي لحياتك معنى. تجنبي أيضا شرب الشاي والقهوة في أوقات النوم؛ هذا مهم جدا، قبل النوم الإنسان يجب ألا يتناول الكافيين أبدا، لأنه يثير اليقظة عند الكثير من الناس.

أنا أعتقد بهذه الكيفية حقيقة تستطيعين أن تعيشي حياة طيبة، ومع عملك أريدك أن تتعلمي اللغة بإتقان، أن تقومي بدراسة بعض المواد المفيدة، هنالك الآن الدراسة عن بعد، وهنالك الدراسة أون لاين، يجب أن نكون إيجابيين في حياتنا، ولماذا لا تفكري – أيتها الفاضلة الكريمة – أن يكون لك مشروع جميل وسهل جدا، مثلا حفظ أجزاء من القرآن أو القرآن الكريم كله، هذا ليس مستحيلا، اجعلي لحياتك معنى، هذه هي نصائحي لك.

أما بالنسبة للأدوية فأنا أقول لك: الميرتازبين دواء جيد جدا، لكن أريدك أن تتناوليه بجرعة 7,5 مليجرام، ربع حبة فقط ليلا، وفي النهار تناولي عقار (سيبرالكس) والذي يسمى علميا (اسيتالوبرام)؛ حيث إنه دواء رائع لعلاج التوترات والقلق، ويحسن المزاج، وهو غير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية.

تتناولي السيبرالكس بجرعة نصف حبة (خمسة مليجرام) صباحا – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – استمري على هذه الجرعة لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلي الجرعة عشرة مليجرام يوميا في الصباح لمدة ستة أشهر، ثم اجعليها خمسة مليجرام يوميا لمدة شهرين، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

إذا أرجو أن تأخذي بكل الإرشادات التي ذكرتها لك، وتتناولي الدواء بالكيفية التي وصفتها لك.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات