كيف أتخلص من الرهاب الاجتماعي إلى الأبد وأعيش حياة طبيعية؟

0 35

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قرأت في فتاوى الرهاب الاجتماعي على هذا الموقع كثيرا وبحثت في أماكن أخرى أيضا ووجدت أني أعاني منه، وقبل ذلك كنت ألاحظ أني لا أعيش حياتي الطبيعية كباقي الأشخاص، وكنت لا ألقي بالا لهذا الموضوع، ولكني وجدت أنه يتطور في حين أن طبيعة دراستي تتطلب أن أكون إنسانا اجتماعيا.

سأحكي بعض من المواقف التي حدثت معي في دراستي كنت في مرة أقوم بإعطاء حقنة لأحد أقاربي الصغار وكانت أمي جالسة تشاهدني وكنت متوترة جدا ولدي رعشة شديدة في يدي وضربات قلبي سريعة، فلاحظت أمي ذلك، وسألتني: لماذا أرتعش؟

تهربت منها ولم أرد على السؤال؛ حتى لا تأخذ فكرة عني أني خوافة ولا يستطيعون أن يعتمدوا علي في شيء، وبالفعل هي أخذت عني نفس الفكرة، وهذا موقف واحد فقط، ولكن كانت تحدث معي مواقف كثيرة في الكلية عندما يطلب مني الدكتور (السكشن) أن أقوم بعمل العرض (برزنتيشن) فلا أستطيع أن أتكلم بثقة مثل باقي زملائي، بل وكنت أنسى كل شيء سوف أقوله، وتحدث لي رعشة شديدة في جسدي وأطرافي.

هذه بعض المواقف ولكن حدثت معي مواقف محرجة كثيرا، فأنا أريد من حضراتكم حلا سريعا؛ لأني أشعر أني يئست من نفسي كثيرا ولكن -بفضل الله- سوف أتخلص منه بمساعدتكم، هل يتم علاج الرهاب الاجتماعي تماما ولا يعود مرة أخرى أم هو مرض مزمن؟

أريد أيضا أنا أتعالج بدون أن أذهب إلى الطبيب؛ لأن أهلي لن يوافقوا أن أذهب إليه، وغير ذلك أنا أريد أن أتعالج دون أن يعرف أحد.

هل إذا دعوت الله أن يشفيني بدون الذهاب إلى الطبيب سوف يستجيب أم يجب أن آخذ بالأسباب؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

أنت لديك درجة بسيطة جدا من (قلق المواجهات) والذي هو جزء من الخوف الاجتماعي البسيط.

قراءاتك الكثيرة عن الرهاب الاجتماعي ربما تكون ضخمت لديك شعورك بالأعراض، فأرجو أن يكون هنالك نوع من التحفظ، أو الابتعاد، أو عدم الإكثار من القراءة حول موضوع المخاوف والرهاب الاجتماعي على وجه الخصوص.

العلاج الرئيسي للمخاوف الاجتماعي هو أن تدركي أن هذا الأمر ليس جبنا وليس ضعفا في شخصيتك، وليس اضطرابا في إيمانك. كل إنسان في هذه الدنيا قابل لأن يحدث له نوع من الرهاب الاجتماعي، وهو سلوك إنساني مكتسب، ربما يكون الإنسان قد تعرض في مراحل حياته الأولى والطفولة المبكرة لنوع من المواقف التي كان فيها شيء من الخوف.

إذا هي ظاهرة مكتسبة، وسلوك مكتسب، والسلوك المكتسب يفقد من خلال التعليم المضاد. فأول شيء أنصحك به هو: ألا تعتبري أن هذا الرهاب علة كبيرة أو نقص في شخصيتك، لا.

ثانيا: الأعراض التي تحسين بها عند المواجهات – مثل الشعور بالرجفة، أو خفقان القلب، أو حتى احمرار الوجه، وخفة الرأس – هذه مشاعر مبالغ فيها، مضخم فيها كثيرا، بمعنى أن ما تحسين به ليس هو الحقيقة، الحقيقة أقل من ذلك كثيرا، وأنا أؤكد لك في هذا السياق أنه لن يحدث لك أي مكروه، لن تفقدي أبدا السيطرة على الموقف، لا أحد يلاحظ رعشتك، لا أحد يلاحظ تسارع ضربات قلبك، وهذه كلها عمليات فسيولوجية تعويضية، يقوم الجسم بتعويض للطاقات من خلال رفع معدل أنشطة بعض الأعضاء ومنها القلب.

هذه هي النقاط المهمة جدا لتفهمي حقيقة الرهاب، وهذا مهم كجزء من العلاج.

الأمر الآخر: علاج الرهاب يتطلب التجاهل، والمواجهات، يعني: لا تتجنبي أبدا المواقف التي يكون فيها شيء من المواجهة، في الكلية اجلسي في المقاعد الأمامية وكوني من أوائل الطلاب، وتذكري أنك حين تقدمين هذا البرزنتيشن أنه لديك المقدرة، ولديك المعرفة، وأنت لست أقل من زميلاتك، لابد أن يكون هذا الأمر موجودا.

شيء آخر وهو: أن تكون لك مشاركات أسرية، لا تتخلفي عن المناسبات الاجتماعية على مستوى أسرتك الكريمة، أو أقاربك، أو صديقاتك، فالمشاركات الاجتماعية مهمة جدا.

رياضة المشي أيضا تفيد، تمارين الاسترخاء تفيد، وتوجد برامج كثيرة على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء، وحقيقة أنا أنصحك بها حيث إنها مفيدة. يجب أن تدعمي موقفك الأكاديمي من خلال الاجتهاد في دراستك حتى تكوني من المتميزات، وحقيقة دراستك هي في مجال مهم، مجال إنساني، مجال طيب، وأنا متأكد أنه سوف يساعدك على مواجهة هذه المواقف والتخلص من هذه المخاوف، والعمل في المجال الطبي لمن يجيده ويخلص فيه يعطي الشعور بالرضا، وهذا مهم جدا.

بقي أن أصف لك دواء بسيطا جدا وغير إدماني وغير تعودي، والدواء اسمه (سيرترالين) له عدة مسميات تجارية منها (زولفت) و(لوسترال) وفي مصر يسمى تجاريا (مودابكس) منتج محلي جيد ورخيص. ابدئي الجرعة بنصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجراما يوميا لمدة عشرة أيام، ثم اجعليها حبة واحدة يوميا – أي خمسين مليجراما – لمدة شهر، ثم اجعليها حبتين – أي مائة مليجرام – يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعليها خمسة وعشرين مليجراما يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة وعشرين مليجراما يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات